الأميركيون يُشغلون العالم، بسياستهم الخارجية وبما تجره من ظلم وكوارث، وما يفرضونه من ثقافة وأنماط استهلاك، ومنتجات صناعية صارت جزءاً أساسيا من حياة البشر .. وحتي في الكذب، وهو قاسم مشترك بين جميع الناس، يبدو كذب الأميركيين الأكثر كلفة بالنسبة للاخرين ونتائجه سوداء، بحكم الهيمنة التي تفرضها واشنطن في سياستها الخارجية.
الأميركي يكذب خمسين كذبة علي الأقل في اليوم. هذه خلاصة دراسة علي مدي عشر سنوات قام بها عالم النفس الأميركي جيرالد جيلسون الاستاذ في جامعة ساوث كاليفورنيا ولا يعنيني هنا البحث في التفاصيل والدوافع النفسية للكذب، لكنني توقفت عند حجم الأذي الذي تلحقه السياسة الأميركية بشعوب العالم.. حيث يشكل الكذب الوقود الرئيسي لعجلة السياسة ولأن أميركا، هي الأقوي في عالم اليوم فالجميع معني بكذب الأميركيين!
ولابد ان تستدعي الذاكرة، مثالاً طازجاً، حيث شنت الولايات المتحدة حربا عدوانية علي العراق واحتلته ودمرتبنية الدولة، بناء علي كذبة كبري اصرت عليها بعناد شديد، وهي امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، وأنه يهدد الأمن القومي الأميركي! وباصرارها علي الحرب وخلق أزمة وانقسام في المجتمع الدولي.. وترتب علي ذلك الكثير من الأكاذيب اليومية بشأن ادارة شؤون العراق الأمنية والسياسية والحياتية.
قبل ايام كشفت صحيفة نيويورك تايمز ان ثلاثة من كبار القادة العسكريين الأميركيين السابقين اضطروا الي الكذب علي زملائهم وعائلاتهم وأصدقائهم خلال خدمتهم العسكرية وهم: الجنرالان كيث كير وفيرجيل ريتشارد والأدميرال في حرس السواحل الان شتايمان حيث اعترفوا مؤخراً بأنهم كانوا مثليين ، وأخفوا ذلك، لان الجيش لا يسمح بممارسة هذا النوع من الشذوذ! وبالإمكان تصور كم من الجنرالات والجنود في الجيش الأميركي يكذبون؟ وما حجم الأكاذيب التي يسير خلفها هذا الجيش خلال قيامه بالحروب في الخارج!؟ وكم يذهب ضحية هذا الكذب من الأبرياء؟ وللتذكير ايضا فقبل نحو اسبوع قتلت الطائرات الأميركية 15 طفلا أفغانياً، بزعم استهداف ارهابي ! ومع ذلك كله، فمن سخريات القدر ان غالبية حكومات العالم، وشرائح واسعة من النخب.. تأخذ الأكاذيب الأميركية كحقائق، والبعض مضطر للتعاطي معها، واخرون يتبنونها ويروجون لها!
[email protected]