هشام حسن هاشم
&
&
&
نعتذر من القلب للاخوة الفلسطينيين لاننا مضطرون للوقوف مع اكبر حليف لاعدائهم وهو امريكا. كما تعلمون ايها الاخوة الفلسطينيون ان في بلادنا السودانية حربا اهليه استمرت عشرين عاما ولكن ماقد لاتعلمونه بقدر كاف بسبب انشغالكم بحربكم ضد اسرائيل هو التفاصيل البشعة لهذه الحرب التي تشل ارادتنا وتجعلنا عاجزين عن الحركة في اي اتجاه. ان هذه الحرب قد اكلت الاخضر واليابس وذهب ضحيتها اثنين مليون من اخوانكم السودانيون ودمرت اقتصاد البلاد حيث المجاعة في بلد الانهار والاراضي الزراعية التي لاحد لها.. والاسوأ من كل ذلك ان هذه الحرب تسببت في ضياع الديموقراطيه ومجئ حكومات عسكريه قمعتنا وشوهت تعليمنا ووعينا فلم يعد حتي المواطن العادي يفهم معني الديموقراطيه التي بدونها لن نستطيع ابدا الاتيان بحكومات رشيده تجعلنا قادرين علي ان نبني بلدنا ومن ثم علي مساعدة اخوتنا الفلسطينيين وغيرهم.
هذه الحكومات الدكتاتورية والعقليات المعادية للديموقراطية عموما اوصلت بلادنا الي هذه الحالة التي لم يعد لنا معها خيار غير قبول التدخل الامريكي. نحن نعلم ان امريكا تتدخل لان مصلحتها في ذلك ولكن لايمكننا ان ننكر ان تدخلها بالضغط علي الحكومة الدكتاتوريه هو الذي اتي او سيأتي بالسلام والديموقراطيه وهذه هي مصلحتنا كسودانيين مسلمين وعرب في معظمنا. نسألكم بالله عليكم هل نرفض هذا النوع من المساعده؟ هل ندير ظهرنا لحكومة سياستها ستنقذ الملايين من مواطنينا من الموت والجوع وتعيد لنا كرامتنا التي داست عليها انظمة الحزب الواحد والاتجاه الواحد. نعم السياسة الامريكية تعيد لنا كرامتنا وهذا من سخرية الاقدار التي لاينبغي ان نلوم عليها الا انفسنا فضعفنا شعوبا قبل حكومات عربيه هو الذي اوصل اوضاعنا في السودان وغيره بما جعل امريكا العدو في فلسطين وغيرها هي المنقذ عندما تتطلب مصالحها ذلك.
&ان مسئولية تحقيق الديموقراطية التي هي الضمان الوحيد الدائم لصيانة كرامة الانسان هي في النهاية مسئولية السودانيين لانها غير ممكنة التحقيق من قبل اي جهة غير سودانية مهما حسنت نواياها ولكن لابد ان نعترف ان هذه الفرصة لم تكن لتتاح لنا لولا التدخل الامريكي. لقد بقينا نناضل ونقدم التضحيات والشهداء ضد انظمة الدكتاتورية في السودان ولكن مايأتي كبديل كان دائما اكثر دكتاتورية من سابقه واكثر قدرة علي القمع وقتل روح الناس المعنويه وترويضهم بالقوة والتضليل.
نقول لكم بصراحة ايها الاخوة الفلسطينيون نحن مع سياسة الولايات المتحدة في السودان للاسباب السودانية التي ذكرتها لكم ولاسباب فلسطينية ايضا فالشعب والبلد والمواطن الحر الذي يصنع مستقبله بيده هو وحده القادر علي تقديم الدعم الحقيقي لغيره والا لماذا بقينا نحن العرب طوال هذه السنين لانقدم لفلسطين غير الدموع والهتافات. هل هناك سبب اخر غير اننا رزحنا طوال سنين وسنين تحت ظل انظمة واحزاب وافكار دكتاتوريه من اليمين واليسار والوسط؟
كما انني اكون منافقا لو قلت لكم انني ضد امريكا في العراق لان المشكله هناك هي بحذافيرها المشكلة السودانيه: شعب قدم التضحيات الجسيمه ليعيد حكومة الحزب الواحد الي جادة الصواب او يتخلص منها حتي اصابه الاعياء ولم تخلصه منه الا امريكا الفرق الوحيد من السودان ان مصالحها في العراق بلغت حدا من الاهميه جعلها مستعدة لاسقاط نظام صدام بالحرب وليس فقط بالضغط من بعيد كما حدث مع جماعتنا.
انا لااتكلم بأسم السودانيين ولكنني اؤكد لكم انني اعبر عن مايشبه الاجماع وسط اصدقائي واهلي ومعارفي في هذه الايام التي نستبشر فيها بنهاية الحرب وينفتح الطريق نحو بناء المؤسسات الديموقراطيه واظل علي الدوام ضد سياسة امريكا في فلسطين ولكن لكي اكون ضدها عملا وليس كلاما احتاج الي ان اكون مواطنا حرا في بلد حر ارادته في يد اهله وليس في يد من يفرض نفسه علي بالانفلابات والعنف ثم يرفع شعارات التحرير والعداء لامريكا والصهيونيه وهو يمرغ كرامة شعبه في التراب كل يوم وفي النهاية يجد نفسه مضطرا لاسترضاء امريكا نفسها حفاظا علي جلده ورقبته وماتبقي من سلطته ولنتذكر انه حتي صدام حسين تنازل امام الامم المتحدة بالضغط الامريكي عندما قبل ان يفتح بلاده امام المفتشين طولا وعرضا بعد ان بقي سنوات طويلة رافضا بأسم الكرامة الوطنية والقوميه ولكنه رفض تماما ان يتنازل امام شعبه بقبول مشاركة الوطنين العراقيين له في السلطه حتي جاء بالطامة الكبري. وانني كسوداني بسيط اتمني لشعب العراق الشقيق ان يتمكن الان من بناء المؤسسات الديموقراطيه التي تجعل ارادته الوطنية حقيقة فاعلة ستفرض نفسها علي قوات الاحتلال وتجعل من العراق سندا حقيقيا وفعليا لفلسطين.