سعد الله حرب&
&
&
تواردت إلى ذهني وذاكرتي كل الهزائم والمصائب والنكبات وأسبابها التي حلت بالشعوب العربية والمعربة، عرفت عمق الأنفاق والكهوف والهوة السحيقة التي تتردى فيها هذه الشعوب، وأدركت مدى البؤس والجهل والخرافة والشعوذة التي تجتاح العقول والنفوس، وأنا أقرأ وأشاهد وأسمع عويل أبواق صدام، بعضهم في الفضائيات المؤدلجة، وبعضهم في الإذاعات المضلِلة وآخرين في الصحف المأجورة الصفراء، تنتفخ أوداجهم، يشقون قمصانهم، ويلطمون خدودهم، يجعجعون ويكذبون ، يرغون ويزبدون، ينوحون ويندبون ويصرخون، بعد أن وجدوا الجنازة التي يبحثون عنها، ليشبعوا لطما فيها.
يقول هؤلاء المشعوذون أنهم شعروا بالعار والذل والمهانة، لحالة سيدهم المقبوض عليه حيا متعاونا، لا منتحرا أو مقاوما كما كانوا يتبجحون، وهو يدير رأسه ويفتح فمه كالنعجة الوديعة بين يدي الجند المحتلين.
أليس الأولى بهؤلاء أن يشعروا بالعار للحالة البائسة التي وصلت إليها شعوبهم من تخلف وفساد وخوف وجهل؟ وأن يشعروا بالعار من حالة الجوع والفقر والإملاق والبؤس التي أوصل سيدهم الشعب العراقي إليها، وهو يملك ثاني أعظم حقول البترول في العالم؟ أما كان عليهم بدلا من ذلك أن يشهروا أقلامهم، ويرفعوا أصواتهم في وجهه، ووجه بنيه المغتصبين الهاتكين للأعراض، السارقين الجلادين؟
أما كان الأجدى لهم لو شعروا بالعار من الجرائم التي أسموها زورا وبهتانا: جرائم شرف، وأكثرها معروفة أسبابها، وأبعد ما تكون عن الأخلاق والشرف، والتعاليم الإلهية، والعزة والشهامة، والكرامة الإنسانية؟
أما كان الأولى بهؤلاء أن يشعروا بالعار للحالة المزرية والاضطهاد السافر الذي تعاني منه النساء العربيات حيث تُنتهك حقوقهن، وتُداس مطالبهن، ويُفتك بأحلامهن ومشاعرهن، وتُغيّب عقولهن، ويُميز ضدهن، ويعاملن كما لو أنهن إماء أو جواري أو وعاء أو متاع؟&
أليس من حق أوطانهم عليهم أن يشعروا بالعار من عدد الأميين المتزايد في البلاد العربية، الذي تعدى سبعين مليون إنسان، والحبل على الجرار؟
أليس من حق أطفالهم عليهم أن يشعروا بالذل والعار من زراعة الوهم والحشيشة والقات ومضغ الكذب والخرافات، وانتشار الأوبئة والمخدرات؟
أليس من حق بناتهم عليهم أن يشعروا بالعار من عمليات ختان البنات التي أقل ما يقال فيها أنها منافية لكل المثل والتعاليم والمبادئ السماوية والأخلاقية وحقوق الإنسان؟
أليس من حق مصر عليهم أن يشعروا بالعار من خطف الفتيات القبطيات القاصرات، واعتبارهن (سبيا) واغتصابهن، كما شهد بذلك الدكتور رفعت السعيد في حديث مع إيلاف؟
أليس من حق مواطنيهم عليهم أن يشعروا بالعار من ثقافة وسياسة التمييز والقهر بين أبناء الوطن الواحد على أساس عرقي أو مذهبي أو طائفي أو فكري أو ديني، وانتهاك كرامة الإنسان؟
لماذا لم يشعروا بالعار من احتلال سيدهم للكويت؟ وتشريد شعبها وقتل الآلاف من أهلها، ومن السيارات المفخخة التي أرسلها وفجرها وقتلت الآمنين في دول الجوار الشقيقة؟ ومن الحروب التي خاضها ضد الدولة الصديقة المجاورة إيران، وقتلَ مئات الآلاف وجوّع ملايين البشر؟
لماذا لم يشعروا بالعار من الغازات السامة التي استخدمها سيدهم لإبادة الأطفال والنساء والشيوخ، والمقابر الجماعية التي انتشرت على طول العراق وعرضه؟
لماذا لم أن يشعروا بالعار من ضعفهم وجهلهم وخوراهم أمام إسرائيل؟ والوضع البائس الحزين للفلسطينيين المقيمين والمشردين؟&
أليس من الإنصاف القول : بؤس المثقفين الذين يزورون التاريخ والكتب، ويضللون الناس، ويتلاعبون بعواطفهم ومشاعرهم، ويناصرون الجلاد، ويهزأون بدم الضحية، وبؤس الثقافة التي تبشر بالحقد والكره والطائفية، وتعلم الركوع والذل والخنوع، وتكرس الخرافة وتمتهن الشعوذة، وبؤس الفكر الذي يعمي العيون العقول؟
أليس من العدل القول : بؤس الصحفيين الذين يسخرون من البسطاء، يخدعونهم، ويسطون على أحلامهم، ويهللون للقتل والاغتصاب والسلب والنهب؟
وبؤس الخطباء الذين يسرقون فرح الفقراء وكراريس الأطفال، والمحامين والمؤدلَجين الذين يناصرون الباطل ويشوهون الحقائق ويدافعون عن الشيطان، ويخدعون شعوبهم ويغدرون بأوطانهم.
وبؤس الكتّاب والأدباء والشعراء والفنانين الذين يبيعون أقلامهم وقصائدهم ورواياتهم وكتبهم وأغانيهم وموسيقاهم ومواهبهم وكرامتهم بحفنة من دولارات النفط المسروقة والمنهوبة من أفواه الجياع وحليب الأطفال وأدوية المرضى.
&وبؤس الأمة التي تعلّق مجدها على مجد طاغية باغٍ مغتصب، وذلها على ذله، وترى عزتها وكرامتها من كرامة القتلة والسفاحين واللصوص والطائفيين، وهوانها من هوانهم .
&وبؤس، بؤس الأمة التي ترى في العبودية شموخها وفي الحرية حضيضها، وتضطهد أبنائها، أو تفرق بينهم بسبب الدين والمعتقد والعرق والمذهب والطائفة.
تواردت إلى ذهني وذاكرتي كل الهزائم والمصائب والنكبات وأسبابها التي حلت بالشعوب العربية والمعربة، عرفت عمق الأنفاق والكهوف والهوة السحيقة التي تتردى فيها هذه الشعوب، وأدركت مدى البؤس والجهل والخرافة والشعوذة التي تجتاح العقول والنفوس، وأنا أقرأ وأشاهد وأسمع عويل أبواق صدام، بعضهم في الفضائيات المؤدلجة، وبعضهم في الإذاعات المضلِلة وآخرين في الصحف المأجورة الصفراء، تنتفخ أوداجهم، يشقون قمصانهم، ويلطمون خدودهم، يجعجعون ويكذبون ، يرغون ويزبدون، ينوحون ويندبون ويصرخون، بعد أن وجدوا الجنازة التي يبحثون عنها، ليشبعوا لطما فيها.
يقول هؤلاء المشعوذون أنهم شعروا بالعار والذل والمهانة، لحالة سيدهم المقبوض عليه حيا متعاونا، لا منتحرا أو مقاوما كما كانوا يتبجحون، وهو يدير رأسه ويفتح فمه كالنعجة الوديعة بين يدي الجند المحتلين.
أليس الأولى بهؤلاء أن يشعروا بالعار للحالة البائسة التي وصلت إليها شعوبهم من تخلف وفساد وخوف وجهل؟ وأن يشعروا بالعار من حالة الجوع والفقر والإملاق والبؤس التي أوصل سيدهم الشعب العراقي إليها، وهو يملك ثاني أعظم حقول البترول في العالم؟ أما كان عليهم بدلا من ذلك أن يشهروا أقلامهم، ويرفعوا أصواتهم في وجهه، ووجه بنيه المغتصبين الهاتكين للأعراض، السارقين الجلادين؟
أما كان الأجدى لهم لو شعروا بالعار من الجرائم التي أسموها زورا وبهتانا: جرائم شرف، وأكثرها معروفة أسبابها، وأبعد ما تكون عن الأخلاق والشرف، والتعاليم الإلهية، والعزة والشهامة، والكرامة الإنسانية؟
أما كان الأولى بهؤلاء أن يشعروا بالعار للحالة المزرية والاضطهاد السافر الذي تعاني منه النساء العربيات حيث تُنتهك حقوقهن، وتُداس مطالبهن، ويُفتك بأحلامهن ومشاعرهن، وتُغيّب عقولهن، ويُميز ضدهن، ويعاملن كما لو أنهن إماء أو جواري أو وعاء أو متاع؟&
أليس من حق أوطانهم عليهم أن يشعروا بالعار من عدد الأميين المتزايد في البلاد العربية، الذي تعدى سبعين مليون إنسان، والحبل على الجرار؟
أليس من حق أطفالهم عليهم أن يشعروا بالذل والعار من زراعة الوهم والحشيشة والقات ومضغ الكذب والخرافات، وانتشار الأوبئة والمخدرات؟
أليس من حق بناتهم عليهم أن يشعروا بالعار من عمليات ختان البنات التي أقل ما يقال فيها أنها منافية لكل المثل والتعاليم والمبادئ السماوية والأخلاقية وحقوق الإنسان؟
أليس من حق مصر عليهم أن يشعروا بالعار من خطف الفتيات القبطيات القاصرات، واعتبارهن (سبيا) واغتصابهن، كما شهد بذلك الدكتور رفعت السعيد في حديث مع إيلاف؟
أليس من حق مواطنيهم عليهم أن يشعروا بالعار من ثقافة وسياسة التمييز والقهر بين أبناء الوطن الواحد على أساس عرقي أو مذهبي أو طائفي أو فكري أو ديني، وانتهاك كرامة الإنسان؟
لماذا لم يشعروا بالعار من احتلال سيدهم للكويت؟ وتشريد شعبها وقتل الآلاف من أهلها، ومن السيارات المفخخة التي أرسلها وفجرها وقتلت الآمنين في دول الجوار الشقيقة؟ ومن الحروب التي خاضها ضد الدولة الصديقة المجاورة إيران، وقتلَ مئات الآلاف وجوّع ملايين البشر؟
لماذا لم يشعروا بالعار من الغازات السامة التي استخدمها سيدهم لإبادة الأطفال والنساء والشيوخ، والمقابر الجماعية التي انتشرت على طول العراق وعرضه؟
لماذا لم أن يشعروا بالعار من ضعفهم وجهلهم وخوراهم أمام إسرائيل؟ والوضع البائس الحزين للفلسطينيين المقيمين والمشردين؟&
أليس من الإنصاف القول : بؤس المثقفين الذين يزورون التاريخ والكتب، ويضللون الناس، ويتلاعبون بعواطفهم ومشاعرهم، ويناصرون الجلاد، ويهزأون بدم الضحية، وبؤس الثقافة التي تبشر بالحقد والكره والطائفية، وتعلم الركوع والذل والخنوع، وتكرس الخرافة وتمتهن الشعوذة، وبؤس الفكر الذي يعمي العيون العقول؟
أليس من العدل القول : بؤس الصحفيين الذين يسخرون من البسطاء، يخدعونهم، ويسطون على أحلامهم، ويهللون للقتل والاغتصاب والسلب والنهب؟
وبؤس الخطباء الذين يسرقون فرح الفقراء وكراريس الأطفال، والمحامين والمؤدلَجين الذين يناصرون الباطل ويشوهون الحقائق ويدافعون عن الشيطان، ويخدعون شعوبهم ويغدرون بأوطانهم.
وبؤس الكتّاب والأدباء والشعراء والفنانين الذين يبيعون أقلامهم وقصائدهم ورواياتهم وكتبهم وأغانيهم وموسيقاهم ومواهبهم وكرامتهم بحفنة من دولارات النفط المسروقة والمنهوبة من أفواه الجياع وحليب الأطفال وأدوية المرضى.
&وبؤس الأمة التي تعلّق مجدها على مجد طاغية باغٍ مغتصب، وذلها على ذله، وترى عزتها وكرامتها من كرامة القتلة والسفاحين واللصوص والطائفيين، وهوانها من هوانهم .
&وبؤس، بؤس الأمة التي ترى في العبودية شموخها وفي الحرية حضيضها، وتضطهد أبنائها، أو تفرق بينهم بسبب الدين والمعتقد والعرق والمذهب والطائفة.
&
التعليقات