سلطان القحطاني من الرياض: دُني بوشار رئيس معهد العالم العربي في باريس خلوق جداً وثاقب في آنٍ واحد، جمعني به سقف السفير الفرنسي في أمسية هادئة لم تخلو من سخونة الحديث طبعاً. لم يخف أبداً.. وقال كل شئ بصراحه:&&
* ها أنت قد تم تعيينك رئيساً لمعهد العالم العربي في باريس... مالجديد الذي ستفعله؟
- تم تعييني كرئيس للمعهد العربي منذ عام وكما تعلم أن معهد العالم العربي في باريس هو عمل مشترك بين العرب وفرنسا، والسعودية مثلها مثل الدول العربية هي مساهمة في المعهد والغرض من زيارتي هذا اليوم للمملكة هو الإتصال الأولي بين المعهد والمملكة، متمثلةً في البنية الثقافية والفكرية، وكذلك للإستكشاف حول ماهية التعاون بين المملكة وفرنسا.
&
* أفهم من هذا أنه لايوجد لديك هدف محدد؟
- أنا حقيقةً أطمح إلى أن أكون وفياً وملتزما بالمبادئ المنصوص عليها في قانون تأسيس معهد العالم العربي، والهدف الأول هو أن نعرف المجتمع الفرنسي والشعب الفرنسي، بشكل أفضل على المجتمع العربي، وأن نعطي فكرة مغايرة لما تروجة وسائل الإعلام بشكل مغلوط عن هذه البقعة من العالم.
إن العالم العربي ليس فقط عالماً غنياً بالتراث وبالماضي فحسب، إنما غني بالحداثة التي طرقت أبوابه، وهو مستعد أن يتقبل التيارات الجديدة ويسير معها. والهدف الثاني هو أن يكون مُجمَّع إلتقاء مابين مفكرين ومثقفين ورجال سياسة فرنسيين وعرب، وأيضاً أميريكيين، ولكي يلعب العالم العربي دورا في أنه مركز التقاء وانطلاق مابين مختلف المثقفين، وذلك عبر الندوات والمؤتمرات التي تُعقدُ دورياً في معهد العالم العربي في باريس، ويقام في المعهد أيضاً معارض تُظهر التأثير المتبادل عبر التاريخ بين المنطقه العربية وفرنسا، ومثال ذلك أقمنا مؤخراً معرضاً للطب العربي، وتم في هذا المعرض إظهار الأثر الفعال للطب العربي على الطب الحديث اليوم في الغرب، كما أنه في ظل الظروف الراهنة هناك الكثير من المقالات التي تعبر عن نوع من المهاجمة بين الطرفين، العالم العربي من جهة، والغرب من جهة أخرى، ويقوم المعهد العربي بإظهار الواقع الفاعل وتبيان أن هناك نوعاً من الحوار بين الطرفين. وهذان الهدفان اللذان نسعى إليهما بمعاونة الأمين العام وهو من أصل عربي، وأعضاء مجلس الإدارة، الذين نصفهم ممثلين للدول العربية.

* هل توجد أهداف سياسية للمعهد؟
- الأهداف التي تحدثنا عنها بالطبع هي أهداف ثقافية، ولكن في نفس الوقت هناك أهداف سياسية تندرج بشكل وثيق ضمن التوجه السياسي لفرنسا.
يقوم المعهد دائماً بإستقبال رؤساء وملوك الدول العربية الذين يزورون باريس، ويعتبر المعهد محطه دائمة لزيارة المسؤولين وكبار الشخصيات في الوطن العربي، وكان منهم ولي العهد السعودي الأمير عبدالله الذي زار المعهد ونال مايستحقه من تكريم، ورئيس الوزراء الجزائري.

* بما انك قد أوضحت لي أن الدول العربية مساهمة تمويلياً للمعهد ألا يؤثر هذا في توجيه المركز، وهل هناك دول تتهرب من المساهمة؟
- ميزانية المعهد هي 21 مليون يورو، وعادة ماتمول هذه الميزانية مناصفةً بين الدول العربية وفرنسا، وهناك مداخيل خاصة للمعهد من معارض وغيرها وهي تشكل 40 في المئة من ميزانية المعهد. وأعتقد أن مساهمة الدول الأعضاء لاتكفي لتطوير الأنشطة التي ترغب القيام بها، ومن اهدافنا أيضاً إيجاد آلية تمويل من القطاع الخاص سواءً من شركان فرنسية أو عربية لها مصلحة وتتعاون مع فرنسا.

* ألم تواجهوا ظغوطات لإتباع اتجاهات سياسية معينة؟
- لأ.. أبداً، لأن التوجه العام للمعهد الذي يُختار كل عام يجب أن يتم الموافقه علية من قبل أعضاء مجلس الإدارة ويتم العمل بموجبة، وله أيضاً برنامج عمل سنوي يتبعه، ولكن قد يوجد أحد السفراء ويطلب أن يقيم معرضاً عن بلادة، وهذا في اعتقادي مطلبٌ مشروع، والإدارة في المعهد تقترح سلسلة من الندوات والمحاضرات والمعارض...إلخ، كما يجوز للسفراء العرب أن يعرضوا آراءهم وأفكارهم، وفي شهر فبراير من العام المقبل 2004 م سوف ينظم المعهد ندوةً عن النمو المستديم في العالم العربي، وذلك نظراً للتقرير الذي نشرته إحدى المنظمات التابعه للأمم المتحده وهذا التقرير الذي لم يُستقبل بشكل إيجابي في الدول العربية سيكون محور الندوة المقبلة.

* هل سيرعى المعهد حواراً ثقافياً بين مفكرين عرب وإسرائيلين؟
- لا أعتقدُ أن هذا من أهداف المعهد لكن هذا لايعني أننا لن نفعل، سبق لنا أن نظمنا نوعاً من هذه اللقاءات.
&
* أقصد أن يكون هناك زخم ثقافي متابع للزخم السياسي المصاحب لعملية السلام العربية الإسرائيلية، مبادرة بيروت أو خريطة الطريق، أو وثيقة جنيف مؤخراً؟
- نعم قد نفكر في شئٍ كهذا لأنني أعتقد أنه بالرغم من الأجواء التشاؤمية الموجودة حالياً في المنطقه، إلا أنه قد يكون هناك بصيص من الأمل.
&
* بعيداً عن مركزك الحالي... هل تعتقد أن المنطقه مقبلة على سلام في القريب العاجل رغم مسيرات القرارات والمبادرات من وادي عربة، ومدريد، أوسلو، جنيف....إلخ؟
- كانت أول زيارة لي للمنطقه عام 1966 وكنتُ وقتها ديبلوماسياً شاباً، وإذا اردت أن أنظر إلى الأوضاع منذُ ذلك الوقت إلى الآن مسيرة 37 عاماً قد يكونُ للمرء أن يكون متشائماً، سواءً أكان ذلك من ناحية مبادرات السلام أو الوضع في العراق. هناك عدة أسباب تجعلنا متشائمين ولكن كوني ديبلوماسياً أعتقدُ أن هناك بصيصاً من نور لتحقيق سلامٍ في الشرق الأوسط. وأعتقد أن السياسة التي يتبعها شارون ستؤدي إلى طريقٍ مسدود وأنا متأكد أن الرأي العام الإسرائيلي بدأ يعي هذا الشئ، واعتقدُ ان سلاماً يرتكزُ على المبادئ التي أعلن عنها الأمير عبدالله يمكن أن تكون رد فعل مناسب لأرساء السلام في المنطقه، وبالنسبة للوضع في العراق ومنها إلقاء القبض على صدام حسين، قد تساعد على إعادة السيادة الحقيقية والكاملة للعراق، واشاعة أجواء إيجابية هناك.
* هل يمكن تنظيم مؤتمر طلابي عربي إسرائيلي في باريس؟
- إنها فكرة جيدة سلطان، ونحنُ نشجعها، وهي ممتازة جداً.

* لاتنظر إلى ساعتك.. إنه السؤال الأخير: ماهي العقبة الرئيسية أما مشروع السلام في الشرق الأوسط؟
- أعتقد ان السلام في الشرق الأوسط يجب أن يمر بالضرورة بإنشاء دولة فلسطينيه، وإعتراف متبادل مابين الشعبين على الأرض.