نيقوسيا&- اجتمعت كافة المفارقات التي قد تصادفها احدى الرياضات في العاب القوى خلال العام 2003 الذي شهد تنظيم بطولة العالم في باريس وبطولة اسيا في مانيلا، فيما اختير المغربي هشام الكروج افضل رياضي للعام الثالث على التوالي.
وأول هذه المفارقات هو عدم تسجيل اي رقم قياسي على صعيد الرجال لا في بطولة العالم ولا خارجها في اللقاءات الدولية الكثيرة (الدوري الذهبي والجائزة الكبرى للفئتين ألف وباء)، في حين سجل رقمان في منافسات السيدات في 400 م حواجز والزانة التي دخلت حديثا الى المسابقات الرسمية.
وبشكل عام، تراجعت الارقام في مختلف السباقات والمسابقات لا سيما في 100 م للرجال حيث سجل كيم كولينز من سانت كيتس ونيفيس 07ر10 ثوان في بطولة العالم وخطف الذهبية بعد ان كسر احتكار الاميركيين خصوصا، وهو شىء من المفارقات ايضا.
والمفارقة الاخرى تكمن في قيام مقارنة بين سانت كيتس ونيفيس، احدى الدول النائية في جزر الكاريبي بمساحة 261 كلم مربع وعدد سكان يصل الى 40 الف نسمة اي نصف سعة ملعب حديث لكرة القدم، ودولة كبيرة مثل الولايات المتحدة او روسيا او الصين او الهند او غيرها من الدول الممتدة الارجاء.
وكان افضل رقم في هذا السباق الذي لم يجد ملكا له بعد ازاحة موريس غرين واصابة خليفته مواطنه تيم مونتغومري صاحب الرقم القياسي الحالي (78ر9 ثوان) بالغرور وتجنب المواجهات، للاسترالي باتريك جونسون وهو 93ر9 ثوان، وقد سجله في اليابان، لكن لن يكون من السهل لا على جونسون ولا على كولينز المحافظة على ما حققا هذا العام في الامتحان الكبير في دورة الالعاب الاولمبية من 13 الى 29 آب/اغسطس 2004 في اثينا حيث سيكون غرين مدعوا للدفاع عن لقبه الوحيد بعد ان فقد جميع الالقاب الاخرى.
ويدر فوز كولينز عليه مئات الالاف من الدولارات لكنه لن يجلعه على الاطلاق مرشحا لحصد الالقاب في اللقاءات المقبلة خصوصا في اولمبياد اثينا 2004، وقد يكون استفاد من المرحلة الانتقالية في الوقت الراهن، وهي فرصة يستطيع عدد لا بأس به من العدائين اغتنامها.
لكن في كل الاحوال لا يهم ان يكون رقم كولينز هو الاضعف لفائز في سباق 100 م في بطولة العالم منذ الاميركي الشهير كارل لويس في هلسنكي عام 1983 عندما سجل الرقم ذاته، لان التاريخ سيذكر انه توج بطلا وسمع العالم ربما لاول مرة بدولة سانت كيتس ونيفيس بعد ان قام بطلها بانقلاب رياضي باخراج المرشحين الواحد تلو الاخر على غرار غرين (اصيب في نصف النهائي) او مونتغومري (حل خامسا).
واذا شهدت بطولة العالم تنازلا غير طوعي من قبل بعض الرياضيين حيث سلم حامل الرقم القياسي في مسابقة الوثبة الثلاثية البريطاني جوناثان ادواردز (37 عاما) الراية الى السويدي كريستيان اولسون، والاثيوبي هايله جبريسيلاسي الى مواطنه كينينيسا بيكيلي (10 الاف م)، فانها شهدت في المقابل بزوغ نجوم واعدين مثل اولسون وبيكيلي والسويدية كارولينا كلوفت (20 عاما) في السباعية والكيني الاصل (ستيفن تشيرونو) القطري الجنسية سيف سعيد شاهين في سباق 3 الاف م موانع، والاسترالية يانا بيتمان (400 م حواجز) والقائمة تطول ايضا.
واثبت ابطال اخرون قدراتهم على الاستمرار في العطاء وفي مقدمتهم المغربي هشام الكروج الذي احرز لقب بطل العالم للمرة الرابعة في سباق 1500 م، ومثله فعل الاميركي الن جونسون (110 م) للمرة الرابعة ايضا، اضافة الى الموزامبيقية ماريا موتولا (800 م) التي انفردت بجائزة المليون دولار المخصصة للدوري الذهبي، والمكسيكية آنا غيفارا (400 م) والدومينيكاني فيليكس سانشيز (400 م حواجز).
&وخاضت الجنوب افريقية هيستري كلويتي (25 عاما) بطلة العالم في الوثب العالي، موسما ناجحا واختارها الاتحاد الدولي لالعاب القوى افضل رياضية لهذا الموسم وتقدمت على الاميركية كيلي وايت بطلة 100 و200 م والمهددة بفقدان الميداليتين لثبوت تناولها مادة مودافينيل التي لم تكن موجودة على اللائحة المحظورة، والسويدية كارولينا كلوفت (السباعية).
واختير الكروج (29 عاما) افضل رياضي للمرة الثالثة على التوالي فتساوى مع العداءة الاميركية ماريون جونز التي نالت هذا الشرف اعوام 1997 و1998 و2000، وتقدم على القطري شاهين (3 الاف م موانع) والاثيوبي بيكيلي (5 الاف و10 الاف م).
ويأتي اختيار الكروج كأفضل رياضي للعام الحالي تتويجا لموسم رائع حقق خلاله 6 انتصارات في 6 سباقات في 1500 م والميل توجها بذهبية السباق الاول في بطولة العالم واضاف فضية سباق 5 الاف م.&ولم يهزم الكروج سوى مرتين في سباق 1500 م في اولمبيادي اتلانتا 1996 وسيدني 2000 ومرة واحدة في سباق الميل في 83 سباقا خاضها في المسافتين حتى الان.
واضافة الى قطر والمغرب الذي احرز له جواد غريب ذهبية الماراتون ايضا، دونت الجزائر اسمها في سجلات بطولة العالم من خلال ذهبية جابر سعيد القرني في سباق 800 م لترتفع الغلة العربية الى 4 ذهبيات وفضية فقط، وهي الافضل نوعا وليس كما.
وعموما، خرجت العاب القوى الاميركية، رغم حصدها اكبر غلة، من الباب الضيق في بطولة العالم التاسعة بعد ان فشلت في تلميع صورتها بسبب ظلال المنشطات التي القت بثقلها على العدائين كيلي وايت وجيروم يونغ بطل سباق 400 م بالاضافة الى تصرفات ممثلها جون دراموند في سباق 100 م عندما احتج على قرار استبعاده ورفض الخروج من الملعب وان يكون اول ضحية للقانون الجديد المتعلق بالانطلاق الخاطىء لسباقات السرعة.
وتلطخت سمعة القوى الاميركية كثيرا بعد الكشف عن تناول عدد من الابطال امثال ريجينا ياكوبس (مسافات متوسطة) وكيفن توث (رمي الكرة الحديد) وجون ماكيوان (المطرقة) مادة جديدة هي التتراهيدروجسترينون في تشرين الاول(اكتوبر) الماضي.
وتأكيدا لرفضه المطلق ومحاربته الحازمة لافة المنشطات، اعتمد الاتحاد الاميركي لالعاب القوى في ختام مؤتمره السنوي قبل ايام عقوبة الايقاف مدى الحياة ضد الرياضيين الذين يثبت تناولهم مواد منشطة ممنوعة بدءا من الاول من كانون الثاني(يناير) 2004 وهو ما اسماه قانون "التسامح صفرا"، علما بان الاتحاد الدولي يوصي بعقوبة الايقاف لمدة عامين اذا تناول الرياضي مواد ممنوعة لاول مرة، وفي حال التكرار تفرض عليه عقوبة الايقاف مدى الحياة.
وبعد شهر واحد من بطولة العالم، اقيمت بطولة اسيا واختبر الرياضيون العرب قدراتهم فيها، فاقتطع العملاق الصيني حصة الاسد (19 ذهبية و10 فضيات و8 برونزيات)، وحلت قطر ثانية (6 ذهبيات و3 فضيات وبرونزيتان)، وجاءت الكويت في المركز الرابع برصيد 3 ذهبيات فقط.
&وبدا واضحا تراجع القوى السعودية على الصعيدين العالمي والاسيوي، وانتظرت حتى اليوم الاخير لاحراز ذهبيتها الاسيوية الوحيدة عن طريق حسين السبع في مسابقة الوثب الطويل فرفع رصيدها الى 4 ميداليات (ذهبية وفضيتان وبرونزية).
وسجلت البحرين اسمها باحرازها ميدالية واحدة من كل من المعادن الثلاثة، في حين غابت جميع الدول العربية الاخرى عن جدول الميداليات.