اعتدال سلامه من برلين: في الوقت الذي لا يجد فيه الأطفال في الدول الفقيرة كتابا ليتعلموا فيه، افتتحت في القطب المتجمد الجنوبي منتصف هذا الشهر مكتبة ألمانية حُملت إلى هناك على متن سفينة " نجمة القطب ". وهذه المكتبة هي عبارة عن حاوية مساحتها 12 مترا مربعا تضم عددا كبيرا من الكتب من مختلف المواضيع لأشهر الكتّاب والأدباء والشعراء الألمان والغربيين من بينهم الأدبيين الألمانيين غوتنر غراس حامل جائزة نوبل للسلام وكريستا فولف. ووضعت الحاوية بالقرب من محطة البعثة العلمية الألمانية " ناوماير" التي تقوم منذ سنوات ببحوث حول المتغيرات في هذه الصحراء الجليدية، ويسكن أفرادها ويتحركون ويعملون في غرف وقاعات بنيت تحت الثلوج وعلى عمق عشرة أمتار.
والدافع وراء إنشاء هذه المكتبة التي أطلق على اسم "مكتبة الجليد" كما قال صاحب الفكرة ومنجزها الرسام الألماني المشهور لوتس فريتش المشاهد التي هزته عندما زار هذا المكان عام 1994 خاصة صحراء الثلج اللانهائية وكان بإمكانه الرؤية على بعد 50 كلم. فأحدثت هذه الأبعاد في نفسه مساحة للتفكير والتأمل لم يشعر بها في أي مكان في العالم من قبل ، فقرر التخفيف من ظلمة القطب وإقامة حوار بين الطبيعة والكتاب والفن بإنشاء مكتبة اختار مكانا لها على بعد بضعة أمتار من محطة البعثة العلمية الألمانية، ثم عاد إلى مدينته كولونيا ليجمع الأموال اللازمة للمشروع الذي يجب أن يتحول حسب رأيه إلى مركز يجمع كل من يبحث عن فسحة للتأمل والتفكير لكنه أيضا دعوة إلى العلماء والتقنيين لاكتشافه.
ولقي المشروع دعما ماليا كبيرا حيث تبرعت إحدى المؤسسات الثقافية بالحافلة بعد أن جُهزت بوسائل التدفئة حفاظا على ورق الكتب وبعض المفروشات. ومن أجل تشجيع المتبرعين لدفع ثمن الرفوف حُفر على كل رف أسم المتبرع الذي سوف يقرأ في القطب المتجمد الجنوبي.
وبسبب الفراغ بين الكتب فوق الرفوف الذي يثير حزنه قرر الرسام الألماني التبرع لمكتبة الجليد ب 500 كتاب من مكتبة الخاصة يحمل توقيع كتابها وهم من المشاهير في العالم.