فاطمة العيساوي من الاردن:&يتوارى الحاجز الامني الاردني عند الحدود مع العراق، خلف ارتال ضخمة من الشاحنات محملة بالسيارات المعدة للتصدير، مستفيدة من نعيم الاعفاء الجمركي، في حين ينهمك الموظفون الشبان في شركات تخليص البضائع في اتمام المعاملات.
فالاعفاء الجمركي الذي اعلنته قوات التحالف بعد سقوط النظام وتقرر تمديده الى اذار(مارس) المقبل بعد ان كان من المفترض ان ينتهي اليوم ، حول المعبر الحدودي بين البلدين الى محطة لتصدير السيارات من كل الاشكال والانواع والى نقطة تجمع لموظفي شركات التخليص والسائقين والتجار.
ويقول موظف الجمارك الاردنية بسام جواد عمران معاملات تصدير السيارات من الجانب الاردني لم تختلف عما كانت عليه قبل سقوط النظام العراقي اذ يتولى موظفو الجمارك معاينة السيارة للتأكد من المواصفات المدونة في استمارة الاستيراد.
&الا ان هذه العملية البسيطة تحولت بعد سقوط النظام العراقي وسقوط الرسوم الجمركية معه، الى ما يشبه الدوامة نظرا الى العدد الهائل من السيارات التي يتوجب على موظفي الجمارك معاينتها والتي يقدر عمر عددها بما لا يقل عن الف سيارة يوميا.
يقول عمر "ارتفع معدل السيارات التي نعاينها يوميا بنسبة مئة في المئة وباتت ساعات العمل لا تنتهي، فقد بدأنا العمل امس على سبيل المثال، عند الساعة السابعة صباحا ولم ننته قبل الثانية من فجر اليوم التالي لنعاود العمل مجددا عند السابعة صباحا، انها دوامة".
ويقدر عدد السيارت التي عبرت الحدود المشتركة بين البلدين باتجاه العراق منذ سقوط النظام العراقي السابق بما لا يقل عن 800 الف سيارة من كل الاشكال والاحجام والاسعار.&وقد تحول معبر الكرامة الحدودي الى ملتقى لفئة جديدة من السائقين يتولون نقل السيارات المعدة للتصدير الى اصحابها في العراق، مقابل مبلغ مادي متفق عليه بين الطرفين.&
يقول السائق الاردني من اصل فلسطيني محمد انه يقصد العراق ذهابا وايابا طوال الاسبوع لايصال سيارات الى تجار في منطقة بغداد مقابل مبلغ مئة دولار اضافة الى تأمين مصاريف الوقود والمأكل والمنام.
ويروي محمد الذي تتمثل مهمته باستلام السيارة من المنطقة الحرة في الزرقاء (شمال عمان) لايصالها مباشرة الى التاجر، المخاطر التي تعرض لها وزملاؤه من عصابات السلب والنهب على طول الطريق الممتدة من الحدود الاردنية العراقية الى بغداد.&ويقول " بتنا الان نعتمد على اسلوب العمل بالقوافل، اي اننا نتوجه الى بغددا في قافلة من عشرة الى خمس عشرة سيارة، ما يخفف من خطر تعرضنا لهجمات، ولو ان الحماية هي من عند الله".
الرواد الحقيقون للمعبر الحدودي بين الاردن والعراق هم مجموعة من الشبان في مقتبل العمر يعملون لدى شركات تخليص المعاملات ويتناوبون على انجاز معاملات تصدير السيارات الى العراق كل اسبوع.
&ويروي عامر احد هؤلاء الشبان وهو يحمل كدسة من الاوراق ويلاحق بعصبية انجاز معاملات احدى السيارات، انه يتولى يوميا تخليص معاملات 30 الى 40 سيارة، فضلا عن سيارات اخرى ينجز معاملات تصديرها مقابل عمولة يتقاضاها مباشرة من التاجر.
&ويشرح محمد عبيد الله وهو مدير احدى شركات التخليص ان "التجار العراقيين يريدون استيراد اكبر عدد ممكن من السيارات ليحققوا ارباحا طائلة لدى بيعها بعد فرض الرسوم الجمركية مجددا في البلاد".
ويقول مدير الشركة التي تتقاضى خمسة دنانير اردنية (سبعة دولارات) على انجاز معاملات السيارة الواحدة عند الحدود بعد استيفاء رسوم اخرى في المنطقة الحرة الاردنية، ان السيارات المطلوبة هي من كل الانواع ويتم تصديرها بشكل رئيسي الى بغداد والنجف.&ولا يخفي سروره من الارباح التي حققتها شركته جراء تزايد الطلب على استيراد السيارات الى العراق قائلا "لقد تضاعفت معدل ارباحي، على الاقل".
وبعد انجاز معاملة تخليص السيارة عند الحاجز الاردني والتي تقتصر على تسجيل رقم محرك السيارة، يتوجه السائق الى المعبر العراقي حيث لا اجراءات تذكر لعبور السيارة الى السوق العراقية المفتوحة.&ويشرح تاجر السيارات العراقي معن منير ان الاقبال يتركز على السيارات المستعملة مشيرا الى ان اسعار بيع هذه السيارات تتراوح بين 400 و 2500 دولار خصوصا السيارات الكورية والالمانية المنشأ.
ويضيف ان الانخفاض الكبير في اسعار السيارات وما يرافقه من اقبال كبير على الاستيراد والشراء مرده بشكل اساسي ليس فقط الغاء الرسوم الجمركية وانما ايضا الغاء اجازة الاستيراد التي كانت كلفتها 800 دولار في الصيف وتصل الى 1500 دولار في الشتاء.&ويقول هذا التاجر الذي يستود في الشهر حوالى 200 سيارة عبر الحدود الاردنية العراقية، بلهجة من الرضى "ارباحي زادت اضعافا" مشيرا الى انه لا يملك ارقاما محددة حول ارباحه.
وبعد ان كان مقررا بدء العمل باستيفاء الرسوم الجمركية على البضائع الداخلة الى العراق في الاول من كانون الثاني(يناير) 2004، قرر مجلس الحكم الانتقالي في العراق تأجيل عملية تحصيل الرسوم على السلع الى نهاية آذار(مارس) المقبل.
وذكرت صحيفة "العدالة" الناطقة باسم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق برئاسة عبد العزيز الحكيم امس ان "مجلس الحكم قرر تمديد العمل بالاعفاء الجمركي حتى 30 آذار(مارس) من العام المقبل (...) نظرا لعدم وجود استعداد لجباية هذه الرسوم من قبل دائرة الجمارك".