ستيفان سميث وريتا ضو من&طهران : يشعر عدد كبير من الشبان الايرانيين بالخيبة من سنوات حكم الرئيس الايراني محمد خاتمي التي كانوا علقوا عليها آمالا كثيرة، ويبدون محبطين من الوضع السياسي بشكل عام، مفضلين الابتعاد عنه والاهتمام بالبحث عن فرص عمل وعن وسائل ترفيه، وهما امران نادران في ايران.&ومن اقصى شمال طهران حيث المقاهي الفخمة الى جنوب العاصمة حيث المقاهي الشعبية، يبدو الشباب الايراني غير متحمس بتاتا لكل ما يجري على الساحة السياسية، وذلك قبل ايام قليلة من الانتخابات التشريعية الجمعة.&
في المقابل، يبدو وكأن اهتمام الكثيرين مركز على مسائل لا علاقة لها بالانتخابات التي ستأتي باعضاء جدد الى مجلس الشورى والتي قد يكون لها تأثير كبير على مستقبل هؤلاء الشباب. ومن هذه المسائل التداول مثلا بخبر عن عملية تجميل او بحديث عن رياضة التزلج المتاحة لعدد محدود من الايرانيين، فيما يقلق معظم الشباب على مستقبلهم وكيفية ايجاد فرصة عمل.&
وتقول ليلى وهي ترتشف فنجان كابوتشينو وتحرص ان يبقى بعيدا عن انفها المضمد الذي خضع اخيرا لعملية تجميل: انها صوتت مرتين للاصلاحيين.&وعما اذا كانت ستشارك في الانتخابات هذه المرة ايضا، قالت بعد لحظات من التفكير "لا اعرف. لا ينفع بعد الآن التصويت للاصلاحيين".
ولا تتذكر ليلى، كما معظم الشباب الايراني في اي حال، شيئا عن الثورة الايرانية. وقد ساهم صوتها، الى جانب اصوات عدد كبير من الشبان والشابات في فوز خاتمي بالرئاسة عام 1997 ومن ثم في وصول الاصلاحيين بكثافة الى مجلس الشورى عام 2000 ما احدث تغييرا ملموسا في الجمهورية الاسلامية.&
فقد نجح الاصلاحيون منذ وصولهم الى الحكم في 1997، في تحدي سلطة رجال الدين الايرانيين المتشددين ونفح النظام الاسلامي بنسمة من الديموقراطية.&الا انهم، ورغم امساكهم بالحكومة منذ 1997 والبرلمان منذ العام 2000، واجهوا عقبات عدة من جانب المتشددين الذين عملوا باصرار على الحؤول دون حصول ما يعتبرونه تراجعا للقيم الاسلامية التي جاءت بها الثورة الاسلامية في 1979.&
اذ ان المحافظين ظلوا ممسكين بهيئات تشكل مفاتيح اساسية في النظام الاسلامي وابرزها السلطة القضائية ومجلس صيانة الدستور المكلف مراقبة تطابق القوانين مع احكام الشريعة والدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام، اعلى هيئة تحكيم سياسي. وبالتالي لم تتح للاصلاحيين فرص كبيرة لتنفيذ كل الاصلاحات التي كانوا وعدوا بها.&
ويقول احد اصدقاء ليلى ان "خاتمي ليس رجلا سيئا، الا انه تبين انه ضعيف جدا".
&ويضيف ان "الشباب يشعر بخيبة اليوم. نريد مزيدا من الحريات، ولا نحصل عليها، لذلك اظن ان معظم الشباب لن يشاركوا في الاقتراع، اذ لا فائدة من ذلك".
&غير ان غياب الاصلاحات الاجتماعية والسياسية النوعية ليست المأخذ الوحيد للشباب الايراني. ويتبين من جولة في جنوب العاصمة التي تتناقض شوارعها واحياؤها الفقيرة واجواؤها الملوثة بشدة مع الجزء الشمالي، ان هناك امورا اخرى تقلق الشباب ابرزها الحصول على عمل.
ويقول علي "الاصلاحيون يتحدثون باستمرار عن الحرية والديموقراطية، والمحافظون يتحدثون دوما عن الدين. ولكن ما فائدة الاثنين اذا كنت غير قادر على الحصول على عمل؟".&وتشير الارقام الرسمية الى ان نسبة البطالة في ايران تقترب من 13%، الا ان الاعتقاد السائد هو انها اعلى بكثير من ذلك. ويعاني الاقتصاد الايراني من ركود في كل قطاعاته باستثناء قطاع الطاقة الذي يستفيد من ارتفاع اسعار النفط.&
ويقول علي انه يحمل شهادة ثانوية ويجيد الانكليزية، ومع ذلك، فان امكانات ايجاد فرص عمل محدودة جدا، على حد قوله.ويؤكد الشاب، انه نتيجة ذلك، لن يذهب الى صندوق الاقتراع. ويقول ان "السياسيين يفعلون كل شيء من اجل انفسهم فقط، فكيف يتوقعون منا ان نصوت لهم".

الاصلاحيون في ايران منقسمون حول المشاركة ومتفقون على انتقاد آلية الانتخابات
يتضح اكثر فاكثر الانقسام بين الاصلاحيين في ايران بعد قرار قسم منهم وعلى رأسهم مجمع علماء الدين المجاهدين، حزب الرئيس الايراني محمد خاتمي، المشاركة في الانتخابات وحضهم الناخبين على التوجه الى صناديق الاقتراع، في ظل تمسك القسم الاكبر من الاصلاحيين بعدم المشاركة.
&فقد دافع رئيس مجلس الشورى المنتهية ولايته ورئيس لائحة المرشحين الاصلاحيين الى الانتخابات التشريعية الايرانية (الائتلاف من اجل ايران) حجة الاسلام مهدي كروبي في مؤتمر صحافي عقده اليوم الاثنين عن قرار المشاركة في الانتخابات حتى لو لم تكن هذه الانتخابات "عادلة".&وقال كروبي المقرب من الرئيس الايراني محمد خاتمي والعضو في مجمع علماء الدين المجاهدين (روحانيون مبارز)، "لقد تم هدر حقوق عدد كبير من الاشخاص، ولا بد من تعديل القانون الانتخابي من جذوره".&واضاف "اننا نعتبر هذه الانتخابات غير عادلة، ولكننا قررنا المشاركة فيها (...) لان التواجد في الساحة يؤدي الى تحقيق المطالب وعدم التواجد من شأنه ان يعقد الامور".
&وقرر ابرز حزب اصلاحي هو "جبهة المشاركة" الذي يرئسه شقيق الرئيس الايراني رضا خاتمي، الى جانب ابرز تجمع طلابي هو "اتحاد ترسيخ الوحدة" وعدد آخر من الاحزاب والجمعيات، مقاطعة الانتخابات، بعد رفض مجلس صيانة الدستور حوالى 2300 ترشيح معظمها لاصلاحيين.&واكد عضو بارز في مجمع علماء الدين المجاهدين، مجيد انصاري في صحيفة "شرق" الايرانية، بان نسبة الترشيحات التي رفضها مجلس صيانة الدستور تصل الى 90%.&ورغم ذلك، قرر مجمع رجال الدين المجاهدين المشاركة في الانتخابات بعدد محدود جدا من المرشحين.
ويخوض الاصلاحيون الانتخابات تحت اسم "الائتلاف من اجل ايران" بالمشاركة مع عدد من الاحزاب الصغيرة (26 مرشحا في طهران و192 في كل المناطق الاخرى).
&وقال كروبي ان الاحزاب الاخرى "لها الحق في عدم المشاركة، لكن من غير المستحسن ان ندعو الناس الى المقاطعة. ان زرع اليأس لدى الناس ليس لمصلحة البلاد على المدى البعيد".&وكان كروبي قال امس الاحد في لقاء في مدينة شهر ري جنوب طهران "لا يجب ان ننسى ان المشاركة الجماهيرية الواسعة في الانتخابات التشريعية القادمة تعتبر احد المبادىء من وجهة نظر كل المخلصين للنظام".
&والواقع ان الممتنعين عن المشاركة في الانتخابات اكتفوا بالاعلان عن عدم مشاركتهم مع الحرص على عدم توجيه دعوة الى انصارهم بعدم التوجه الى صناديق الاقتراع، الامر الذي يمكن ان يفسر مخالفة لتوجيهات المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي الذي دعا الى مشاركة مكثفة في الانتخابات، واصفا ذلك بانه واجب وطني واسلامي.&الا ان المقاطعين يواصلون شرح موقفهم من خلال وسائل الاعلام، كما ينتقدون آلية الانتخابات.&واعرب النواب الاصلاحيون المنتهية ولايتهم والذين رفضت ترشيحاتهم الى الانتخابات التشريعية المقررة الجمعة في بيان اصدروه، عن قلقهم مما اسموه "التمهيد المشبوه للاخلال بالانتخابات".&وجاء في بيان النواب ان "ما لا يقل عن 109 دوائر انتخابية (من اصل 207) تفتقد لشروط التنافس الجاد والفاعل".
&واعلنت جمعية مجاهدي الثورة الاسلامية (اصلاحية)، مساء الاحد انها ستقاطع الانتخابات بسبب "التدخل غير المسؤول لبعض اوساط السلطة في الشؤون الانتخابية".&ويقول عدد من الايرانيين الذين يملكون هواتف نقالة انهم يتلقون منذ بضعة ايام رسائل قصيرة عبر الهاتف (اس ام اس) تدعوهم الى مقاطعة الانتخابات.&وبينما كان رئيس اللجنة الانتخابية للائتلاف من اجل ايران علي اكبر محتشمي بور قال السبت ان الاصلاحيين يخوضون الانتخابات وهم مدركون لخسارتهم، قال كروبي المعروف باعتداله اليوم ان "اشخاصا من الجانبين سيدخلون الى البرلمان".
&وردا على سؤال عن الانتقادات الموجهة الى خاتمي، قال ان الرئيس الايراني "لم يحقق كل اهدافه الا ان الظروف اليوم تختلف تماما عما كانت عليه قبل انتخابه (في 1997) لجهة الحريات والعلاقات الدولية".&في هذا الوقت، يواصل المحافظون الذين يخوضون الانتخابات باسم "ائتلاف رواد البناء" حملاتهم الانتخابية في طهران والمناطق.&ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن عضو حزب "الموتلفة الاسلامي" (الائتلاف الاسلامي) المتشدد، رضا ترقي، قوله ان المراكز الانتخابية تشهد نشاطا متزايدا وان هناك مساعي لتوسيع نطاق الدعاية الاعلامية. وذكر بتوجيهات مرشد الثورة في شأن المشاركة في الانتخابات.