"إيلاف": يعتقد السفير عبدالعزيز محي الدين خوجة أنه كان محظوظاً حين حط رحاله في المغرب. في كل مرة تلعب المصادفات دورها. هو سعيد بذلك.
يعتبر أن الرباط كانت إحدى محطات الحظ والمصادفات . قال عنها "هنا أمضيت أجمل سنواتي وستبقى ذاكرتي معلقة بهذا البلد وناسه في دواخلي "جاء السفير خوجة إلى المغرب بعد أن كان مقرراً أن يكون في الصين . لا شئ يجمع بين المغرب والصين إلا إبن بطوطة الرحالة العربي الأكثر شهرة . لذلك كانت مصادفة طيبة أن تصبح بكين هي الرباط . لان الصينيين لا يتذوقون الشعر ، حملت الأقدار الشاعر من الشرق الأدنى إلى أقصى المغارب.
جاء خوجة إلى الرباط وقدم هذا الشاعر أوراق اعتماده للمغاربة في كانون الأول (ديسمبر ) عام 1996 في "قصيدة" . ثم ها هو يودعهم "بقصيدة ".
في الأولى قال " من علمها أسرار الكهنوت
وتمائم هاروت وماروت
فطربت ومالي لا أطرب
يممت بأشرعتي شرقاً فأبت سفني إلا المغرب ... إلا المغرب " .
في الثانية قال:
يا أهل مغرب من ألوذ به يسقى بكأس الوصل
بيضاء قد لذت مشاربها رقراقة تصفو من الكدر
سطرت حلمي فوق لوحتها وتركته للدهر كالأثر
تجول خوجة في عواصم وازنة تشكو من كثرة التاريخ . مدريد . انقرة . موسكو . الرباط . ثم الآن إلى بيروت .
يجمع الرحل بين ثلاثة أشياء بينهم رابط . الشعر . الكيمياء . الدبلوماسية . وتحوم بين الثلاثة صفة أخرى أنه إنسان رقيق الحواشي .
الشاعر مبدع دواخله تختلف عن الآخرين رؤيته للناس والحياة مغايرة كذلك . الكيميائي عالم يكد ويجتهد حتى تفرز تحاليله عنصراً إيجابياً واحداً من عدة عناصر سلبية . الدبلوماسي شغله الشاغل أن يجد مخرجاً لكل قضية . خوجة استطاع ان يلملم كل ذلك ويصهره في بوتقة واحدة .
قال الشاعر محمد الفيتوري عن عالم خوجة " هو يحاول اقتحام هذا العالم الغريب العجيب المفعم بالإشارات الصوفية والدلالات اللغوية والمداخلات الفكرية وتجاذبات الآراء والمواقف ذات المرامي القصية والأبعاد غير المحسوسة " . قبل الدبلوماسية عمل خوجة وكيلاً لوزارة الإعلام اتاح له ذلك الموقع أن ينسج علاقات وطيدة مع الصحافيين .
خلال مأدبة عشاء أقامها على شرفه عثمان العمير ناشر " إيلاف" في فندق " لانفتريت" في الصخيرات ضواحي الرباط حضرها لفيف من الصحافيين قال العمير " بدأت علاقتي بالرجل عبر المتاعب كنت أسبب له بعض المتاعب المهنية ويتعامل معها باسماً" ولاحظ العمير أن خوجة عمل دائماً في دول المستقبل بعقلية الإنسان المتدفق الذي يفيض حيوية وأيضاً روح الشاعر الذي يفيض ألقاً" وزاد "الشعراء دائما يعطون لبلادهم وللبلاد التي يقيمون فيها "
لم يبحث خوجة عن الكلمات في تلك الأمسية الرائقة قال وأنا أغادر أشعر أن البلد كله في فؤادي سيبقى، وستبقى هذه الوجوه في داخلتي فتجربتي في المغرب كانت ثرية، وهي جزء من حياتي. أشكركم".
صحافي يكرم شاعر .
ماذا يمكن أن يهدي كل منهما للآخر : كلمات.
&كلمات تتماهى مع المشهد تحلل وتشرح تنقب وتوضح ، تعبر عن ما يجيش في الصدور ، ثم تروي على مهل.