د.عبدالخالق حسين
&
&
تعرفت على صحيفة (إيلاف) الإلكترونية بعد أشهر من ولاتها وقد أدلاني عليها صديق. وعلى طريقة (الحب من أول نظرة) وقعت في حب إيلاف من أول وهلة. وكان قد صادف نشر كتاب (الحداثة... وما أدراك ما الحداثة) للدكتور هاشم صالح على حلقات، الذي رسخ& عندي تلك العلاقة. ومنذ ذلك اليوم وأنا أزور إيلاف عدة مرات يومياً ويشرفني أني صرت أحد كتابها المستمرين.
ومع مرور الأيام، توثقت علاقتي بهذه الصحيفة الإلكترونية الرائدة حيث تعرفت على خيرة الكتاب العرب التقدميين وأغلبهم من المقيمين في الغرب من حملة الأفكار التنويرية والحداثة والديمقراطية الغربية من أمثال المفكر الكبير الأستاذ عفيف الأخضر والدكتور شاكر النابلسي والدكتور مجدي خليل والدكتور عزيز الحاج والمؤرخ العراقي المعروف الدكتور سيار الجميل وغيرهم. وبمرور الزمن انضم مفكرون آخرون من دعاة الحداثة والتنوير، الساعون لإخراج الشعوب العربية من المأزق الفكري وظلمات التخلف وتحريرها من أغلال العصور الغابرة، مثل الدكتور خالد المنتصر وأشرف عبدالفتاح عبدالقهار ونبيل شرف الدين وأخيراً وليس آخراً الباحث التراثي العراقي الدكتور رشيد الخيون وغيره. وهكذا وبمساعي محرري الموقع وخاصة الشاعر العراقي عبدالقادر الجنابي، المسؤول عن القسم الثقافي، تحولت (إيلاف) إلى واحة خضراء وقوة جذب كبيرة لخيرة الكتاب العرب التقدميين والقراء.
&
لا شك أن يعود الفضل في نجاح إيلاف إلى مؤسسها الأستاذ عثمان العمير الذي فتح صفحاتها لنشر الكثير من الأفكار التي لا يمكن أن تنشر في الصحافة العربية المطبوعة التقليدية، وذلك لما عرف عن الرجل من ميل إلى الليبرالية والحداثة وخبرة عميقة في عالم الصحافة حيث كان رئيساً لتحرير أكبر صحيفة عربية دولية وهي (الشرق الأوسط) التي تصدر من لندن، ذات الإتجاه الليبرالي الحداثوي، والشخصيات الليبرالية الفذة التي انتقاها العمير واعتمد عليها في طاقم تحرير الموقع ومد الجسور مع الكتاب العرب المتنورين. فبجهود هؤلاء المحررين والكتاب، اكتسبت إيلاف سمعة حسنة وشعبية واسعة حيث بينت آخر إحصائية لها أن أكثر من 2.6& مليون نقرة يومياً وهذا أكثر من عدد قراء أية صحيفة مطبوعة في العالم العربي.
&
لقد امتازت الصحيفة بتعدد أقسامها، ففيها ما يلائم كل ذوق ومن مختلف المشارب والأعمار، ثقافة، سياسة، فنون، أنس، إضافة إلى متابعة الأحداث ومختلف الأخبار والتقارير السياسية التي تتجدد على مدار الساعة. وعلى هذا الأساس، أعتقد أن إيلاف تلعب اليوم دوراً بارزاً في التأثير على الرأي العام بشكل إيجابي ومفيد، من نشر الحداثة والفكر التنويري وترويج الديمقراطية وروح التسامح والدعوة للتعايش مع المختلف واحترام الرأي الآخر ومحاربة التخلف وثقافة العنف والرجعية الظلامية والتعصب الديني والمذهبي...الخ. فبدون نشر الفكر التنويري يكون مصير العالم العربي حالكاً يكتنفه الغموض والتشاؤم بالمستقبل والسير حثيثاً نحو الهاوية ومعنى ذلك، المزيد من هجرة الأدمغة وفسح المجال أمام المتحجرين المتعصبين المتأسلمين الذين يقودون منظمات الإرهاب وينشرون ثقافة تمجيد الموت وتحقير الحياة.
&
فعلى موقع إيلاف قرأنا خيرة المقالات والسجالات حول القضية العراقية وتبرير حرب الخليج الثالثة التي حررت الشعب العراقي من نظام المقابر الجماعية، وعلى هذا الموقع نشرنا مقالاتنا بمنتهى الحرية، بدون مقص رقيب ولا تعديل أوتشويه لمقالاتنا كما يحصل في الصحافة المطبوعة، فيما لو قدر لها أن تنشر، وعلى الغالب لن تنشر مقالاتنا، لا لأنها لا تستحق النشر، بل خوفاً من غضب السلطان أو لأنها تخالف آيديولوجية رئيس التحرير أو أحد مساعديه.
&
هذا فيما يخص الجوانب الإيجابية لصالح إيلاف، وهو لا يعني أنها بلغت درجة الكمال أو أنها خالية من أية نواقص، إذ هناك نواقص يجب تلافيها مع مرور الزمن. فعمر إيلاف ثلاث سنوات وقد دخلت عامها الرابع بكل ثبات وثقة وهي تواصل مسيرة النجاح، لذلك فهي بحاجة إلى بعض النقد البناء من محبيها بغية دفعها نحو الأفضل. ومن هذه الملاحظات ما يلي:
1-&& أتفق مع جميع ملاحظات واقتراحات المفكرين الدكتور مجدي خليل والدكتور شاكر النابلسي بهذا الخصوص، لذا أرجو أخذها بعين الاعتبار ولا داعي لتكرارها من قبلي.
2-&& المطلوب من مراسلي إيلاف التجرد من مواقفهم السياسية عندما ينشرون تقاريرهم الخبرية. فالصحفي الذي يكتب التقرير الخبري يختلف عن الكاتب السياسي والمفكر الذي هو عادة صاحب موقف سياسي منحاز إزاء قضية ما. وقد برز هذا الانحياز بشكل واضح في الأخبار التي تخص القضية العراقية، على طريقة قناتي الجزيرة والعربية اللتين تحاولان خلط الأوراق وترويج عمل المخربين في العراق ونعتهم بالمقاومة، مما دفع مجلس الحكم العراقي إلى منع مراسلي هاتين القناتين من العمل في العراق لفترات محدودة كإجراءات انضباطية. لقد حاول بعض مراسلي إيلاف مس شخصيات عرقية معروفة بنشر تقارير من شأنها تشويه السمعة وبالتالي جر (إيلاف) إلى ساحة لتصفية حسابات شخصية كما حصل في تقارير نصر المجالي، الأردني، عن الدكتور أحمد الجلبي ...الخ فهذا النوع من تصفية حسابات وحملات تشويه السمعة تجري على بعض المواقع العراقية مع الأسف الشديد، ولكننا لا نريد أن تصل عدواها إلى إيلاف لا سامح الله.
3-& حبذا لو تقوم إيلاف بنشر بعض الكتب التنويرية، كما فعلت مع كتاب الدكتور هاشم صالح ((الحداثة... وما أدراك ما الحداثة) وكتاب المفكر الليبي محمد عبدالمطلب الهوني "المأزق العربيّ... العرب في مواجهة الاستراتيجيّة الأمريكيّة الجديدة" والذي كان مكثفاً ورائعاً.
4-&& من المفيد جداً تنظيم أرشيف للمقالات عن طريق أسماء كتابها ليكون مصدراً للباحثين يسهل الوصول إليها.
&
وأخيراً، أتقدم لإيلاف العزيزة بالتهنئة الحارة وهي تطفئ ثلاث شمعات بعيد ميلادها الثالث وتدشن عامها الرابع وهي تتهيأ للإخراج بحلة جديدة أكثر رونقاً وأسهل تصفحاً وأثرى مواداً. فتهانينا لمؤسسها وطاقم محرريها وكتابها وقراءها الأعزاء متمنين لها المزيد من التقدم والنجاح وكل عام و(إيلاف) بألف خير.
التعليقات