واشنطن - اجمع محللون في واشنطن على انه سيتعين على الرئيس الاميركي جورج بوش اذا ما اراد ان تكلل بالنجاح جولته الاوروبية الاولى التي يبداها الثلاثاء المقبل ان يحدد بصورة اوضح كافة جوانب سياسته الخارجية ابتداء من ملف البيئة وانتهاء بمسائل الدفاع. ويقول فيليب غوردون المتخصص في الشؤون الاوروبية بمعهد بروكينغز ان هذه الجولة "ستعطي
بوش: غموض في السياسة الخارجية
&الفرصة للادارة الاميركية، اذا ارادت، ان تطمئن الاوروبيين حول العديد من القضايا الساخنة التي اثرت على العلاقات بين الجانبين".
واقرت من جانبها المستشارة الامنية للرئيس بوش، كوندوليزا رايس، ان جولة بوش ستركز في المقام الاول على القضايا الخلافية بين اوروبا والولايات المتحدة. واضافت "علينا ان نستعرض خلافاتنا بامانة وان نتناولها بموضوعية ومن ثم نوجد الحلول لها بطريقة عملية وابداعية". ولفت وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين لدى توقفه في واشنطن الخميس، الى ان وصول بوش موخرا الى حلبة السياسة العالمية كان ينظر اليه "بكثير من الفضول والاهتمام". وراى فيدرين انه بالرغم من الاسلوب "الانعزالي" الذي يميز الان السياسة الخارجية الاميركية الا انه "كل يوم يمر يشهد اعادة التزام من جانب الادارة الاميركية بقضايا السياسة الدولية وان كان ذلك يحدث بصورة بطيئة".
وفي اقل من خمسة اشهر، ادت سياسة ادارة بوش الى تراكم الخلافات مع الدول الاوروبية او اثارة استيائها. ومن مظاهر ذلك، كان الرفض الاميركي لبروتوكول كيوتو حول ارتفاع درجة حرارة الارض والشكوك حول بقاء القوات الاميركية في البلقان بالاضافة الى مشروع الدرع المضادة للصواريخ. ورات وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز انه "في ما يتعلق بكل موضوع من هذه المواضيع، تكمن المشكلة الرئيسية في معرفة الى اي حد سيمكن للادارة الاميركية ان تعمل بالتعاون مع حلفائنا الاوروبيين".
ومما قد يدفع بوش الى ابداء مرونة اكثر حول بعض القضايا مثل مشروع الدرع المضادة للصواريخ، المعطيات السياسية الجديدة على الساحة الاميركية حيث اصبح منافسوه الديموقراطيون يتمتعون بالاغلبية داخل مجلس الشيوخ الاميركي اثر استقالة احد نواب المجلس من الحزب الجمهوري. وحول هذه النقطة، يرى فيليب غوردون ان الانقلاب الذي طرا على موازين القوى داخل مجلس الشيوخ يعد "عاملا مؤثرا جدا (في سياسات بوش) وهو ما يدركه جيدا الاوروبيون". ونظرا لان ادارة بوش لا تملك حتى الان رؤية واضحة ومتكاملة بالنسبة لمشروع الدرع المضادة للصواريخ، فان مباحثات بوش مع المسؤولين الاوروبيين ستركز على العموميات حول هذه النقطة وان كان الرئيس الاميركي يبدو مصمما على المضي قدما في هذا المشروع بينما يخشى الاوروبيون ان يؤدي ذلك الى احداث خلل في ميزان الردع الحالي.
ويؤكد فيليب غوردون انه "سيكون من الصعب على الاوروبيين ان يفتحوا النار على خطط بوش حول هذا المشروع لانهم لا يزالون في مرحلة ينتظرون فيها ان تتضح كافة معالم هذه الخطط". وسيكون في المقابل تخلي واشنطن عن بروتوكول كيوتو الهادف الى مكافحة تاثير ارتفاع حرارة الارض احدى النقاط الاكثر حساسية التي ستبحث خلال جولة بوش الاوروبية. واقترح فيدرين ان يستغل بوش هذه الجولة لكي يطرح "مقترحات مضادة بناءة" حول هذه القضية التي تتعلق بمستقبل البيئة على كوكب الارض. كما سيتوجب على بوش ان يوضح بصورة قاطعة ما اذا كان يريد الابقاء على القوات الاميركية في البلقان ام لا خصوصا انه صدرت تصريحات متناقضة بهذا الشان عن وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين. ويخلص المحلل غوردون الى القول بان جولة بوش الاوروبية "تشكل فرصة حقيقية له من اجل وضع حد للاشارات الغامضة التي صدرت عن ادارته حول تلك النقطة وان يقول بصراحة ان الادارة الاميركية ستظل ملتزمة" بالعمل على تهدئة الاوضاع في منطقة البلقان المضطربة.(ا ف ب)