يتعرض مئات من صيادي السمك العراقيين يوميا قبالة سواحل شبه جزيرة الفاو حيث تتشابك المياه الإقليمية للعراق بمياه إيران والكويت، لمضايقات "الأعداء" من اجل الوصول إلى المناطق |
الغنية بالأسماك في الخليج.
ومنذ انتهاء حرب الخليج (1991)، تستقبل الفاو الواقعة في أقصى جنوب العراق والتي كانت اكثر المدن العراقية تعرضا للقصف خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، عددا متزايدا من العراقيين الذين يتحولون إلى العمل في قطاع الصيد نظرا لقلة الوظائف بسبب الحظر المفروض على العراق منذ حوالي أحد عشر عاما.
وقد اصبح المرفأ اليوم قاعدة لحوالي ثمانية آلاف من مراكب الصيد التي يضم طاقم كل منها ما بين سبعة وعشرة رجال معظمهم من البصرة، المرفأ التجاري الكبير في جنوب العراق.
وقال عادل مرتضى (50 عاما) وهو أحد صيادي السمك "إذا أردنا الحصول على صيد وفير علينا الابتعاد حتى خور عبد الله أو جزيرة بوبيان (الكويتية) ونحاول في الوقت نفسه البقاء في المياه الإقليمية العراقية".
وتسيطر الكويت على الجزء الأكبر من ممر خور عبد الله المائي بين جزيرة بوبيان والساحل العراقي، وذلك بموجب ترسيم الحدود الذي اعتمدته الأمم المتحدة بعد حرب الخليج.
وقد أقامت الأمم المتحدة منطقة منزوعة السلاح بعرض عشرة كيلومترات في العراق وخمسة كيلومترات في الكويت على امتداد 250 كيلومترا من الحدود البرية و40 كيلومترا من الساحل في خور عبد الله. وتتولى الأمم المتحدة مراقبة هذه الحدود.
وأضاف مرتضى بحزن ان "حرس الحدود الكويتيين يتعرضون في اغلب الأحيان لسفننا ويعاملوننا بطريقة مهينة".
وتابع مرتضى الذي كان يرتدي الثوب التقليدي الطويل ان "الكويتيين يطلبون منا إنزال العلم العراقي لكننا نرفض فيضربوننا ويصادرون أسماكنا أو يرمون معداتنا في البحر. لقد ضربت اكثر من مرة".
ويتعرض الصيادون الذين يعملون على متن سفن خشبية صنعت في البصرة لوضع سيء أيضا إذا تاهوا في المياه الإقليمية ليبلغوا المياه الإيرانية، شرقا.
وقال أحد هؤلاء الصيادين ان "الإيرانيين الذين يعترضون مراكبنا يتركوننا عادة نرحل لقاء بضعة كيلوغرامات من السمك أو مبلغ صغير من المال".
ويترتب على المركب ليتمكن من الإبحار من الفاو دفع رسم يبلغ دولارا واحدا إلى سلطات المرفأ، يسمح له بالبقاء في عرض البحر عشرة أيام فقط، تحت طائلة معاقبته.
وأوضح مرتضى "في بعض الأحيان نجلب ما بين طن واحد وثلاثة أطنان من السمك وفي أحيان أخرى نعود شباكنا فارغة".
وبعد ذلك، يتم بيع الحصيلة ومعظمها من سمك الزبيدي المرغوب جدا في منطقة الخليج وسمك المارو أو القريدس في مزاد علني على رصيف المرفأ لتجار يأتون من جميع أنحاء العراق.
أما المتسولون الذين يكثرون في الميناء عند عودة أي مركب، فعليهم الاكتفاء بكميات ضئيلة.
وقال الصياد فيصل عبد الظاهر (35 عاما) "إنني أتعرض للموت من اجل تأمين لقمة العيش لأولادي".
وبعد ان تعرض عدة مرات لمضايقات حرس الحدود الإيراني والكويتي، اصبح هذا الرجل يصطاد السمك قرب ميناء البكر العراقي. وقال معبرا عن اسفه "أتجنب بذلك الكويتيين والإيرانيين لكنني كدت اصطدم عدة مرات بناقلات النفط الكبيرة".
يذكر ان ستين في المائة من الصادرات النفطية العراقية التي توقفت الاثنين الماضي ترسل من ميناء البكر منذ بدء تطبيق اتفاق "النفط مقابل الغذاء" في نهاية 1996.
(وكالة الصحافة الفرنسية - بقلم كريم صاحب)
التعليقات