باريس- ايلاف: عبد القادر الجنابي، الشاعر العراقي المقيم في فرنسا، اصدر في باريس العدد الثاني من مجلته الفرنسية آرابويتيكا Arapoetica وانطولوجيتين باللغتين العربية والفرنسية: واحدة عن قصيدة النثر العربية والأخرى عن شعر المرأة العربية المعاصرة.
تفتح مجلة آرابويتيكا عددها الثاني بمحورين حول الشاعر الألماني الروماني الأصل باول تسيلان، والشاعر اللبناني
بول شاول. تضمن الأول ترجمة فرنسية (للمرة الأولى) لمجموع قصائد النثر التي كتبها تسيلان بالرومانية ما بين 1946-1947 وهي تختلف كليا عن مجمل أشعاره المعروفة لدى القراء، إذ تنطوى على حلمية ايروسية وكتابة آلية لا علاقة لها بجو الهولوكست التي أصبحت أشعار باول تسيلان التعبير الغنائي الأقصى لها. كما ساهم ثلاثة شعراء كبار جيروم روثنبرغ، بيير جوريس وسيباستيان رايشمان، بثلاث دراسات نقدية عن اللغة الشعرية لدى هذا الشاعر الذي ألقى بنفسه في نهر السين في آذار 1970 عن عمر يناهز الخمسين.
أما الملف الثاني فقد خُصص للشاعر اللبناني بول شاوول ضاما تقييمين لشعره بقلم الجنابي وأنسي الحاج، ثم طائفة من أشعاره ومقالاته النقدية في القصيدة، الجمهور والقارئ.
غير أن المجلة لم تكتف لا بهذا ولا بملف "فضاء القصيدة" التي أشترك فيها شعراء من العالم كبرنار نويل، خوان غيلمان، كاربلان، و لا حتى بالدراسات النقدية التي تناولت إضافات القرن العشرين الشعرية، الشعر الأسباني الحديث، السوريالية والصوفية الخ، وإنما خصصت المجلة ملفاً عن تاريخ مجلة يوسف الخال "شعر" تناول تاريخها وأهمية الترجمة التي قامت بها للشعر العالمي في تحديث القصيدة العربية، وأُختتم الملف& بفهرس لكل الشعراء العالميين الذين تمت ترجمة أشعارهم في مجلة "شعر".
كما أصدر الجنابي في سلسلة "المكتبة العربية الصغيرة" التي يشرف عليها في دار النشر الفرنسية المعروفة Paris-Méditerranée أنطولوجيتين بالعربية والفرنسية، تحت عنوانين من الصعب ترجمتهما.
الأولى تحت عنوان Le Spleen du désert وهو مستوحى من ديوان شارل بودلير Le Spleen de Paris الذي صدر بعد وفاته والذي أصبح المرجع الأول لجنس أدبي جديد يعرف اليوم بقصيدة النثر. والانطولوجيا هذه محاولة أولى من نوعها في العربية. ذلك لأنها تحاول العثور في مجمل نتاج قصيدة النثر العربية على ما يمكن اعتباره قصيدة نثر بالمعنى الأوروبي للكلمة: قصيرة ومكثفة، خالية من الاستطرادات والتطويل والقص المفصل وتقديم البراهين والمواعظ. تتواجد تواجداً حرا داخل هامش ما، ضمن كتلةٍ قوامها نثر متواصل مغلق على ذاته مثله مثل الفاكهة أو البيضة، وذات شكل متكامل، محصور بخطوط صارمة وبنسيج مُحكم تربطه ثلاث مزايا: "إيجاز، توتر ومجانية". وهذا يعني أن الجنابي ليس معنياً بكل نتاج قصيدة النثر الشائعة في اللغة العربية التي تحافظ على التشطير المتبع في شعر التفعيلة. ويوضح الجنابي أنه لم يعثر سوى على ما يقارب خمسين قصيدة تلبي هذه المطالب الكلاسيكية لقصيدة النثر الأوروبية. وقد ضمت الانطولوجيا معظم هذه القصائد التي كتبها كل من أنسي الحاج، شوقي أبي شقرا، يوسف الخال، بول شاوول، عباس بيضون، سركون بولص، عبدالمنعم رمضان، فاضل العزاوي، وساط مبارك، حسن نجمي، عبده وازن، حسين مردان، كاظم جهاد، عبدالقادر الجنابي ومؤيد الراوي. كما ضم الكتاب مقطعين من قصيدة أدونيس "أرواد يا أميرة الوهم" كما نشرت في العدد العاشر من مجلة "شعر" ربيع 1959 ومقطعا من قصيدة وديع سعادة الطويلة "في النفق... في العظْمة".
كما ضم الكتاب ملحقا حول "النثر المركّز" (المشطر هو أيضاً إلى أبيات) الذي أخترعه الشاعر العراقي الراحل حسين مردان سنة 1950 والنثر المركّز هذا لا يختلف عن مجمل ما سمي فيما بعد بقصيدة النثر العربية. وقد أخذ الجنابي قصيدة من هذا النثر بعنوان "الكابوس"، وربط أبياتها المشطّرة، دون أي تغيير، جاعلا منها كتلة نثرية واحدة أشبه بقصيدة النثر الفرنسية. فالجنابي يؤكد بأنه لو كان شعراء قصيدة النثر العربية يعرفون طبيعة قصيدة النثر الأوروبية المستقلة بشكلها، لما شطّروا معظم قصائدهم اعتباطا، وإنما لحافظوا على مبناها الكتلوي وإطارها المحدد لتستحق تسمية "قصيدة نثر"، أي على شكل كتلة ذات نثر متواصل كأي نص أو قصة قصيرة.
أما الانطولوجيا الثانية (96 صفحة) Le Verbe dévoilé فهي تضم نماذج من شعر النسائي المعاصر. وقد أختار الجنابي 13 شاعرة وهن فوزية ابو خالد (السعودية)، ميسون صقر (الإمارات العربية)، سلوى النعيمي (سوريا)، دنيا ميخائيل (العراق)، إيمان مرسال (مصر)، نصيرة محمدي (الجزائر)، هدى ابلان (اليمن). سعدية مفرّح (الكويت)، جمانة حداد (لبنان)، سهام داود (فلسطين)، الزهرة المنصوري (المغرب)، آمال موسى (تونس) وماجدة عوض عدلان (السودان). وقد زيّن غلافي الانطولوجيتين الرسام التونسي لسعد مطوي، كما تضمن الكتابان على غلافيهما الأخيرين تقييمين للشاعر الفرنسي جان ماري غليز (لانطولوجيا قصيدة النثر) وللناقدة سيسيل ام هاني (لانطولوجيا الشعر النسائي).

&