إن القول بأن أمريكا بحكم الثقل السياسي والاقتصادي الذي استطاعت أن تتفرد به قد منحت نفسها الحق في سيادة العالم قول لا يخالف الصواب بل هو الحقيقة التي نعايشها لحظة بلحظة.

مؤخرا لفت انتباهي التظاهرة الفكرية التي يشارك فيها آلاف الناشطين والمناهضين في تونس لاحتكار أميركا لشبكة الإنترنت أو لدورها كشرطي إنترنت على مستوى العالم ولمبررات عديدة منها ما تطرحه السياسة الأمريكية ومنها ما يرونه هؤلاء الرافضون لاستمرارية تحكمها بهذه الشبكة المعلوماتية

أميركا قلقة بشأن الحريات العامة ولذا فاحتكارها أو سيطرتها على هذه الشبكة يضمن للعالم أجمع مساحة أوسع لحرية الاطلاع والتعبير أو بمعنى أدق حرية داخل أقفاصها هي وحرية لا تسمح لأي كان بتجاوز خطوطها الحمراء وخاصة في الإعلام السياسي، إن أحد مصادر تخوفها هو لجوء أي نظام آخر إلى مصادرة الحريات الشخصية والإنسانية التي لا تتعدى الحرية المتعلقة بالغرائز بالتأكيد

لكن الملفت للانتباه أن هذه السياسة الإعلامية المنفتحة تعطي نفسها حق إغلاق أي موقع لا ينسجم مع ما يراد بثه أو نشره وكل ما من شأنه أن يشوش على الاتجاهات التي يصنعها الإعلام العالمي، ففي أميركا وحدها يتم السماح لموقع ما بالاستمرار ومنها يتم مصادرة مواقع أخرى، ولذا نتسائل : أي حرية مزيفة تلك التي تدعيها في احتكارها لشبكة الإنترنت وأي مزايا تلك التي تمتلكها الإدارة الأمريكية في هذا المجال ولا تمتلكها أي من الدول لتكون هي من تمنح حق إنشاء أو استمرار المواقع الإلكترونية؟

أعتقد والأمر لا يحتاج لكثير من النباهة بأن سياسة فرض القوة وفرض الوصاية لا يمكن تجزيئها وبأن الدولة التي تتولى قيادة العالم حالياً وتكسب تأييده بحكم اختلاف موازين القوة لن تعجز عن إضفاء الشرعية على احتكارها لمثل هذه الوسيلة الإعلامية، وهي لن تأبه بالرافضين بكل تأكيد لأنها ليست كما قيل شرطي الإنترنت بل هي شرطي بلا حدود أو شرطي غير متخصص إن جاز التعبير.

ميساء قرعان

[email protected]