قد تنطبق عبارة العشرة المرشحين للجنة،على المرشحين لرئاسة الجمهورية في مصر..! فأي كان الفائز -وهو معروف بنسبة 99 في المائة- سيحكم هذا الرجل اكبر دولة عربية وأكثرها عدة وعتاد،وهذه حقيقة لا خلاف عليها،وسينعم بخيراتها وثرواتها وسيحكم ويتحكم فيها بلا رقيب أو حسيب،وهذه أيضا حقيقة.
ولكن السؤال هل يرتقي أحد المرشحين إلى أن يكون جديرا بهذا المنصب..؟ وهل يرتقي أحد من العشرة المرشحين للجنة إلى دخول الجنة المصرية اصلا..؟
سؤال لا تصعب الإجابة عليه،خاصة إذا كان المجيب من متابعي الحملات الانتخابية للمرشحين العشرة،ومن متابعي تصريحاتهم وحواراتهم على صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون.
فبنظرة دقيقة على البرامج الانتخابية للمرشحين العشرة،بما فيهم برنامج مرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم،والرئيس الحالي لمصر،والتي شارك في وضعه خبراء من كل حدب وصوب،سنجد أن البرامج خالية وصافية من المستقبل،مثل زيت الذرة وعباد الشمس الخالي من الكوليسترول..!!
فلم يهتم واحداً من المرشحين العشرة بالحديث عن مستقبل تلك البلد الكبيرة،التي لا يختلف اثنان على تأثيرها المباشر على المنطقة.
لم يهتم أحدهم بالبحث العلمي والتقدم التكنولوجي ومستقبل العلاقات الدولية،ولم يضع أي منهم تصورا لما ستكون عليه مصر بعد تلك السنوات الست التي سيحكمها فيها،رغم أن العلم هو الطريق الوحيد للخلاص من الهزائم والنكبات المتكررة..لم يكلف أحدا منهم نفسه جهد التفكير في المستقبل،وفي وضع تصور مستقبلي للسنوات العشرة القادمة،أو حتى السبعة أو الخمسة،كلها كانت شعارات مكررة ومتكررة ومتكدرة ومكدرة ومقدرة..سمعناها عشرات المرات بل قل مئات المرات،وقرأناها آلاف المرات.
جميل أن نتحدث عن الحريات،وعن توفير فرص العمل،وعن فتح السجون،وعن المساواة ومحاربة الفساد،جميل أن نتحدث عن الشباب،وعن المرأة والحقوق والواجبات....ولكن ماذا يساوي كل هذا بلا مستقبل.
كنت أتمنى أن يتحدث أحد العشرة المرشحين للجنة عن الفارق العلمي الرهيب بيننا وبين إسرائيل،وعن الفارق المهيب في ميزانية البحث العلمي في الوطن العربي وفي إسرائيل،وعن الفجوة الضخمة بيننا وبينهم في التعليم الجامعي واجتذاب علماء العالم،بينما تخصصت مصر في تصدير العلماء إلى العالم.
كنت أتمنى أن يقول لنا أحدهم في برنامجه الانتخابي انه سيوجه طاقات الدولة إلى تنمية العلم والصناعات العلمية والابتكارات،وتنمية الموارد البشرية والاستثمار في العقول،بدلا من أن يقول لنا أن سيساهم في زيادة طابور البطالة المقنعة،بالوظائف التافهة والهايفه التي يوظفون فيها الشباب.
كنت أتمنى أن اسمع من أحدهم وعدا بالدخول إلى عصر العلم..العلم الذي كان سببا في تقدم الأمم من حولنا بينما نحن عنه غافلون،ولأهله طاردون..كنت أتمنى أن أجد في برنامج انتخابي واحد خطة لاعادة علماء مصر إلى وطنهم وتوفير قاعدة علمية ضخمة لهم،والاستفادة من العقول المصرية التي هاجرت هربا من الروتين والتعقيدات والغيرة والحروب مع الفاشلين..ولكن انتظاري كان مثل انتظار العسل من حلب البقر.
لقد انتظرت حتى تنتهي الحملة،وينتهي الكلام،حتى لا يخرج علينا واحدا من المرشحين للجنة ليقول بكل بساطة: كنت حقولها..!
وبعد أيام سيفوز أحد العشرة المرشحين للجنة بالانتخابات،وستمر ست سنوات حتى تأتي انتخابات جديدة،وربما يلتفت أحد المرشحين للجنة وقتها بموضوع العلم والتقدم العلمي والمستقبل،وقد لا يلتفت أحد..!
والى ذلك الحين أترككم في رعاية الفائز بالجنة..
ولا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم.. (وبالمناسبة..العزيز هو لقب حاكم مصر في الزمن القديم)..
وليد حيدر
كاتب وصحفي مصري
التعليقات