كنت أظن أن الفائدة المرجوة من محاصرة الخطر الإيرانى ليست محل جدال، وأعتقد أننى كنت مخطئا فى ذلك. أكدت لى كثير من التعليقات أننى على خطأ، ولكن أكثر ما أكد لى مدى خطأ ظنى هى الرسائل الألكترونية المرسلة لى تعليقا على تلك المقالات من فئات ثقافية مختلفة. ولا شك فى قراءة المهتمين بتلك المقالات للتعليقات المنشورة فى إيلاف ولذلك فلن أعرض لها، وإنما سأعرض لبعض التعليقات التى نشرت عن غير طريق إيلاف.

بادىء ذى بدء أرجو ملاحظة اننى لا أستعمل مصطلحات دينية إلا بأقل قدر ممكن وللظروف القصوى فقط. ولذلك فإستعمال مصطلحات الشيعة والسنة واليهود والمسيحية ليس لأيها أى معنى عندى إلا بقدر الإشارة لفئات بعينها أو لأدبيات وثقافة فقط لا أكثر ولا أقل. والحقيقة أننى أرى جميع تلك المصطلحات ليس لها معنى إلا فى مجال التجييش الفئوى، وفى مجال التعبئة العقيدية فقط من جانب قادة لا يرغبون إلا فى المجد الدنيوى، بعضهم عن وعى بذلك والبعض الآخر عن نوع من التعامى، أو من باب إجبار النفس على التصديق والرعب من مواجهة الواقع.


وقد نشرت إيلاف مقالا قديما قلت فيه يوما quot;إن كان المؤمنون بأن quot;الله محبةquot; قد وجدوا فى ثقافتهم ما يقود إلى الحروب الصليبية مع مآسيها المعروفة، فكيف بالمؤمنين بأن الله هو الجبار العنيد المتكبر والمنتقم؟quot; وتحضرنى أيضا فى هذا المجال مقولة عمرو بن العاص لمعاوية إبن أبى سفيان واجهه فيها بأنهم إنما يحاربون ويقتلون من أجل الدنيا ومتاعها وعليه أن يدع عنه أى هراء آخر! كما تحضرنى مقولة أحد ولاة العراق عندما سرق أموال بيت المال، وعندما غضب الإمام على إبن أبى طالب، خليفة ذلك الوقت، وأخبره بحرمة تلك الأموال وأمره بإعادتها رد عليه الوالى السارق بأن quot; يوفر على نفسه أساطيره!quot; وهدده quot; إن صمم على مطالبته فسيأخذ تلك الأموال لمعاوية لتكون عونا له فى حربه على الإمام!quot;

أحد أهم التعليقات يقول أن الشيعة فى غالبهم الأعم ليسوا تكفيريين ولا يؤمنون بقتل جميع البشر المخالفين لهم فى العقيدة، فما الضرر لو قاموا بملء الفراغ الحضارى الناشىء عن فشل الدعوات الثقافية المتأخرة من قومية وسلفية وجهادية، طالما أن الحضارة الغربية صارت عن جهل أو عن عمد وتخطيط محل كراهية وتحريم مطلق؟ يضيف التعليق أن الشعب الإيرانى شعب له حضارة راقية ضاربة فى القدم، ولا ينتسب فى مجمله لهمجية الرعاة ولثقافة السلب والنهب والسبى!
تعليق آخر قريب مما سبق جاء من ناشط قبطى مصرى. فحوى التعليق هو التساؤل عن سبب تمييز السعودية والعرب عموما على إيران والشيعة! وذكر أن أيا من الشيعة لم يشترك فى العمليات الإرهابية التى تهدد العالم فى الأيام الأخيرة. كما أن المراكز الشيعية المنتشرة سواء فى العالم العربى أو الغربى لا تتعاطى دروس الكراهية والدعوة للجهاد ليوم الدين. ومن ثم فهى أقل خطرا على البشرية من الدعوات السلفية التكفيرية والتى هى خطر حتى على أهلها!

وجدت الإجابة على هذين التعليقين فى كلمة كنت قد قرأتها يوما. الكلمة تقول quot; الإنسان ينتمى إلى من علمه الكلامquot; وسواء أحببت أم كرهت فقد علمنى العرب الكلام...
وإلى تتمة....
*****
شاهدت رجل دين للمرة الثانية فقط فى حياتى يتكلم كلاما غاية فى الروعة. الرجل هو مفتى صور وجبل عامل فى لبنان. لم أصدق أذنى وانا أستمع لأراء ذلك العلامة الرائع فى الدولة وفى المجتمع وفى الدين على قناة ال إل. بى. سى. الفضائية اللبنانية.

عادل حزين
نيويورك
[email protected]