كلامي هذا لايتعلق بالعقيدة الدينية، وانما ينحصر في المظاهر الدينية، والحالة التي أتكلم عنها مؤكد انها ليست حالة فردية عابرة، بل هي ظاهرة واسعة اخذت تنتشر بين صفوف المتدينين بشكل واسع وملحوظ، وتتمثل في ارتفاع الحاجز النفسيوالنفور من المظاهر الدينة.

ولكي أقرب لكم الظاهرة التي أتحدث عنها، أضرب مثلاً بنفسي: فقد صرت أشعر بالقرف والاشمئزاز من منظر رجال الدين وعندما يظهرون على شاشة التلفزيون أقوم فوراً بتغيير المحطة، ولاأطيق سماع كلامهم والنظر الى وجوهم رغم أني عشت فترة من الزمن مع رجال الدين اثناء فترة دراستي في الحوزة / المدرسة الدينية وكنت صديقا لهم.


ومضى أكثر من سنتين لم أذهب الى المسجد، وأصبحت أؤدي صلاتي داخل البيت، وصار المسجد بالنسبة لي يرمز الى التخلف والظلامية ومصادرة حرية العقل والارادة وتفريخ الارهاب.

وبدأت بأجراء عملية مراجعة نقدية للكثير من المفاهيم والثوابت كفكرة الله تعالى والانبياء والوحي والكتب المقدسة، وغدت كافة المؤلفات الدينية من كتب تفسير للقرآن وعقائد وفقه غير مقنعة لي، بل صار منظر الكتاب الديني مزعجا جدا لي.

وامام عملية المراجعة والتفكيك وجدت نفسي مطالبا بأنتاج معرفة دينية جديدة تفسر وتحلل وتجيب عن أسئلتي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا حدث كل هذا لشخص كان ومازال مؤمناً؟


وقطعاً السبب يكمن في الواقع المشوه للفكر الديني الذي أنتجه رجال الدين، والممارسات المتخلفة لهم، وعدم تطور المؤسسات الدينية، وتراجع دور العقل، وبروز ظاهرة الارهاب والقتل، فأغلب جرائم التفجيرات والقتل ترتكب اليوم بأسم الدين ومن قبل الحركات الاسلامية الاجرامية.



وامام مظاهر الهمجية والقتل والدم التي ترتبط بأسم الدين.. لايملك الانسان الا ان يشعر بالنفور والكراهية من كل ماله صبغة دينية تثير في النفس تداعيات وصور الارهاب والتفجيرات ومحاربة العقل والحضارة والعلم والحرية.


لقد صار لي ديني الخاص الذي أكتشفته بمكابدة ومعاناة البحث عن الأجوبة لمختلف الاسئلة، وقد نتج عن هذه التجربة الروحية علاقة فهم وحب خاصة لله بعيدا عن كل الوسطاء ورجال الدين وكتبهم، علاقة ايمان بالله متحررة من المسميات الدينية والطائفية والايديولوجية.

خضير طاهر
[email protected]