بيني وبين الفقر علاقة أزلية وأبدية كذلك، وعدالة الله عندما سلبت مني الثراء المالي.. أعطتني الصبر وإحتقار المال وعشق البساطة ومحبة البسطاء من فقراء العالم حيثما كانوا بأعتباري أحدهم وأتشرف ان أكون من طبقة الفقراءفي السابق والوقت الحاضر ايضا.


في التسعينات حينما كنت مقيماً في سورية، وفي احد أيام الفقر وما أكثرها كانت، كنت مفلساً تماماً وجائعاً أبحث عن توفير مبلغ وجبة العشاء في تلك الليلة الدمشقية الصعبة، وكان محيط علاقاتي محدوداً، وكنت أقترض المال من عدد محدود من الاصدقاء وبعضهم كان يقدم المال هبة لاأردهاله.


في تلك الأمسية اللعينة حاصرني الجوع من جهة، وقلة وجود معارفي الذين أستعين بهم من جهة أخرى،قررت التوجه الى صديقي الحلاق والاستدانة منه مبلغ - 50 - ليرة اي مايعادل دولار واحد فقط، وقصدت محل الحلاقة الذي يعمل فيه، وعندما لمحته عن بعد وجدته متعبا كئيبا والشعر يكسو ملابسه فشعرت بالشفقة عليه، وتراجعت عن الفكرةوأبتعدت عن المحل وعدت أتمشى في الشوارعبلا هدف او مكان أذهب اليه.


أشتد حصار الجوع عليّ مع تقدم ساعات الليل وكثرة المشي في الشوارع، فقررت مرة أخرى معاودة الذهاب الى صديقي الحلاق، وما أن أقتربت من محله ونظرت الى وجهه المرهق وكآبته حتى إزدادت شفقتي عليه وشعوري بالخجل والذنب من اخذ تعب هذا العامل الكادح، وأشهد انه كان عراقيا شريفا في وقتها.

عدت مرة أخرى أدراجي أتمشى في الشوارع حائراً، واذا بي التقي بأحد الاشخاص الذين أعرفهم، فقررت فورا طلب المساعدة منهم حتى لاأمكن الخجل والتردد مني، (( أنت صاحب فضل عليّ وتستحق أن أرد لك الجميل )) هكذا تكلم معي صاحبي وأعطاني مبلغ - 100- ليرة سورية وذكرني أنني قبل حوالي سنة عندما كان مريضا ساعدته بمبلغ - 100 - ليرة وهو ممتن لهذا الموقف، فتركته وانا أبكي من شدة فرحي بعدالة الله تعالى الذي أرسل لي هذه الرسالة التي تقول لايمكن ان يضيع عمل الخيرأبداً.

بقي ان تعرف عزيزي القاريء ان صديقي الحلاق هو ابن شقيق رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي، وقد شاهدته مؤخرا على شاشة التلفزيون ضمن طاقم حماية عمه رئيس الوزراء.

خضير طاهر

[email protected]