من الأمور المؤسفة أن المغترب والمهاجر الكوردي في المهجر قد تعرض الى أزمة ثقة عسيرة بشأن
أياكم وأياكم ثم أياكم التفكير في العودة الى الإقليم في يومنا هذا وفي المستقبل المنظور، و أياكم التأثر بخدع السياسيين المارقين الكورد في الاقليم، وأياكم الإصابة بضلالة الفضائيات والوسائل الإعلامية المنطلقة من الاقليم خاصة الحزبية منها |
وهؤلاء المغتربين القاطنين في البلدان الغربية كثيرا ما تعرضوا الى صدمات عديدة ممن فكروا بالعودة الى الاقليم للاستقرار فيه بعوائلهم واستثمار حصيلة مجهودات أتعاب عمرهم في المهجر فيه، صدمات ترافقت مع أزمات وخسائر مالية كبيرة نتيجة عدم التأقلم والفشل في الاستقرار بسبب عدم توفر أبسط المقومات الحياتية والمعيشية مقارنة بالوضع الذي كانوا عليه في بلدان المهجر والتي تتسم فيها الحياة بالسهولة والمرونة مع توفير كافة مستلزماتها ووجود حماية كاملة للدولة لضمان الحقوق الحياتية والدستورية للمواطن مما تضمن له التمتع بحياة كريمة معززة بكرامة إنسانية لا تجد لها مثيلا في منطقتنا.
ولهذا ومن باب الأمانة والمسؤولية تجاه الكورد المغتربين في الخارج خاصة ممن هم في البلدان الغربية التي تتمتع الحياة فيها بحقوق مكرمة ومعززة بكرامة للمواطنة الدستورية، نقول لهؤلاء الأخوان والأخوات أياكم وأياكم ثم أياكم التفكير في العودة الى الإقليم في يومنا هذا وفي المستقبل المنظور، و أياكم التأثر بخدع السياسيين المارقين الكورد في الاقليم، وأياكم الإصابة بضلالة الفضائيات والوسائل الإعلامية المنطلقة من الاقليم خاصة الحزبية منها، أجل أياكم العودة الدائمة إلى الوطن لأنه مساق بصخرية القدر الى أيادي مارقة فاسدة كاسرة تلتهم من قوته ومن قوت الشعب المساق بصخرية الزمن وأهواله الى قدر لا عزة ولا كرامة فيه للكوردي الفقير الذي يشكل الأغلبية الساحقة من سكان الإقليم والذي يرضخ تحت حكم وسلطة أقلية مارقة عابثة متسلطة تتحكم بمقدرات كوردستان بكل معنى من معاني الاستعباد والاستغلال والاحتكار والابتزاز وبكل معاني المتاجرة الخبيثة بحياة ومصير الكورد وبالأحوال المعيشية والحياتية للكوردستانيين.
أجل هذا الواقع المتسم بالصعاب والأهوال، يعيش فيه المواطن الكوردستاني الفقير مسحوقا ومطعونا ومجروحا ومكسورا بكل معاني الحياة القاسية، كيف لا والطبقية quot;القارونيةquot; الجارفة مسيطرة على الساحة الإقتصادية والاجتماعية، وسطوة الأقلية الحاكمة من الحزبين الرئيسين جارفة معها كل مقومات العيش الكريم في هذا الوطن الهالك بجشع المسؤولين والحكام الفاسدين، والحالم بتوفير العدالة والمساواة والحياة اللائقة لكل كوردستاني الذي قدم كل نفيس وغال من أجل هذا الوطن ومن أجل هذا الشعب العزيز الكريم.
أجل أيها الإخوان وأيتها الأخوات، لكي لا تصابوا بالإهانة والطعن وبحالة الكرامة المفقودة، ولكي لا تصابوا بالسحق من قبل الماردين والمارقين، ولا لكي تصاب إنسانيتكم بجروح وشروخ غير شافية، ولكي لا تتعرضوا الى انكسار عميق في معاني ومفاهيم المواطنة المصلوبة، من أجل كل هذا نقول لكم لا تعودوا، أجل لا تعودوا، لا تعودوا الى أحضان الوطن، وطن يقبع فيه الجشع والعبودية والانتهازية القاتلة لعصابات المافيا المتاجرة بقوت شعبنا الكريم، أجل لا تعودوا وطن انتهكت فيه إنسانيتنا وكرامتنا من قبل طبقة حاكمة فاسدة انتهكت كل محرمات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، أجل لا تعودوا لوطن فيه السلطة لفئة سياسية مارقة متسلطة على رقاب الكورد، أجل لا تعودوا لوطن فيه عباد لشياطين الفسق والفساد والمال الحرام الذين حولوا الحياة الكوردستانية البريئة الطاهرة المفعمة بمعاني الإنسانية النبيلة الى جحيم والى حالة عسيرة لا إحساس فيها ولا شعور لا طعم لها ولا لون، كل شيء فيها تحولت الى جماد، وكل شيء فيها تحولت الى سلطة ومال وقوة، وكل شيء فيها تحولت الى حالة رضوخ لا حياة فيه ولا كرامة.
أجل لكل هذا، ولكي تبقى أملنا فيكم، ولكي يبقى نبض يسير من كرامتنا الإنسانية المفقودة على أرض الإقليم، ولكي تبقى آهاتنا وصرخاتنا وجراحاتنا مدوية في شعاب أودية وجبال كوردستان وتكون هذه الآهات والصراخات بعيدة عنكم، ولكي يبقى أمل عيشنا وحياتنا بكم لاصقا ودافقا وحاضرا ودافعا لمستقبل منشود لأطفالنا ولأجيالنا اللاحقة عند تطهير هذه الأرض المباركة من هؤلاء الشياطين المارقين، ولكي تبرز في يوم غير بعيد كرامتنا وتنهض من جديد، نوصيكم بهذه الوصايا العشرة، وصايا خيرة نابعة من نفس بريء وصدر طيب وقلب طاهر وعقل راشد، لكي نزرع الأمل الكوردستاني الصامد في روح أطفال وشباب كوردستان الحبيبة، ولكي نجدد نبض وأمل الحياة فيهم، لكل هذا ولأجلكم ولأجلنا ولأجل الجبال الكوردية الشامخة نوصيكم بالوصايا العشرة التالية:
الوصية الأولى:
لا تصدقوا أيا كان، أجل أيا كان من أهل السياسة في إقليم كوردستان، خاصة ممن تسلقوا سلم الحكم باسم الانتفاضة وباسم ديمقراطية مرسومة ومعدة لها بسيناريو مفبرك، وممن يتحدثون عن الشعب وهو رهين عندهم، ويتشدقون بالوطن وهو شهيد عندهم، وممن يتزعمون السلطة ويتربعون على مساندها وكراسيها بكل أشكالها الحزبية والحكومية والبرلمانية والعسكرية وكأن السلطة نازلة عليهم من السماء وأنها قد جعلتهم خليفة لربها على الأرض الطاهرة لهذه البقعة العزيزة على قلوبكم وعلى قلوبنا.
الوصية الثانية:
لا تستمعوا، ولا تثقوا بأية وعود وأية خطابات وأية كلمات توجهه أهل الحكم الى الشعب و إليكم، لأن ما يذكر فيها كلها شعارات وأقوال فارغة لا معنى ولا وجود لها في واقع الحياة في كوردستان، خاصة إذا كانت صادرة من زعماء ورؤساء حكومات وأحزاب ووزراء ومسؤولين كبار في الحزبين وفي الحكومة المشتركة.
الوصية الثالثة:
لا تتوزعوا فرقا ولا جماعات بين الحزبين الرئيسين المتحكمين بالسلطة في إقليم كوردستان، لأن الثقافة الوطنية النابعة من صميم quot;الكوردايتيةquot; الأصيلة مفقودة تماما من نهج هذين الحزبين، فكل ما فيهما من نهج ونظام ثقافي هو مسخر للفساد بجميع أشكاله وللنهب من المقدرات والمال العام للشعب.
الوصية الرابعة:
لا توزعوا ولاءاتكم وانتماءاتكم بين الأحزاب الكوردستانية، خاصة الحزبين الرئيسين منهما لأنهما تحولتا الى مؤسسات وشركات ومقاولات لإدارة مصالح نخبة حاكمة ارتهنت كل مقدرات الشعب تحت سلطتها وقوتها بحجة استثمار وزيادة وتنمية وتقوية وتدعيم وتغذية المصالح الحزبية وإقامة الامبراطوريات المالبة العائلية من حساب الشعب والوطن.
الوصية الخامسة:
لا تقودوا أية بوادر أو أية مبادرات لصالح الحزبين الرئيسين والأحزاب الكوردستانية التي انتهجت من أمد بعيد المصالح الذاتية لنخبها المتسلطة على حساب الشعب، بل قودوا مبادرات وطنية لتعزيز النهج الصالح والمفيد والنافع للكورد ولكوردستان.
الوصية السادسة:
لا تستثمروا أموالكم في كوردستان في قطاع العقارات غير المنتج، لأن استثماراتكم المتواضعة مع الاستثمارات الفرهودية لزعماء وقيادات ومسؤولي الحزبين، قد سببت زيادات خيالية تصل حدود الخيال المستحيل في قيم وأسعار وإيجارات العقارات والبيوت والأراضي في الإقليم حتى وصلت نسبة الزيادة في سعر قطعة أرض سكنية واحدة في غضون ثلاث سنوات من 10% الى 9000%، وهذا ما سبب استحالة تأمين سكن صغير لائق للعائلة الكوردية الفقيرة المضطهدة في معيشتها وحياتها وفقرها في واقعنا الراهن.
الوصية السابعة:
لا تعيدوا أطفالكم وعائلاتكم الى الوطن لان النظام الخدمي للخدمات البلدية والسكن والصحة والتربية مفقودة وان كانت موجود فهو لا يحتوي على أية مقومات لضمان مستوى لائق من الحياة المناسبة، والكهرباء تحولت الى أثر تاريخي، والوقود والمحروقات تحولت الى سلع فضائية، والنقل تحولت الى أزمات مستديمة، والمواد الغذائية تحولت مصادرها ومواردها الى منابع أجنبية مستوردة من الدول المجاورة لا ندري ماهية موادها وتاريخ نفاذ استخدامها ولا ندري بأية طريقة هي داخلة للأسواق، ومواد سلة البطاقة الغذائية بدأت بالإضمحلال.
الوصية الثامنة:
لا تصدقوا أي مشهد للحياة الكوردستانية التي تعرضها الفضائيات والقنوات التلفزيونية في الإقليم، ولا تصدقوا أي برنامج تعرض لكم أوضاع مفبركة عن الحياة والمعيشة والتطور عن حياة المواطنين، فكل ما يعرض بعيد عن حقيقة الأوضاع وبعيدة عن المصداقية والموضوعية، وهي مسخرة لخدمة الأقلية الحاكمة.
الوصية التاسعة:
لا تتسموا بالصفات الرديئة والخصال غير الجيدة التي بدأت تترسخ في واقع مجتمعنا الحكومي والحزبي والعسكري والمدني في كوردستان، حيث بدأت صفات غير حميدة تترسخ في أغلب أفراد المجتمع مثل الفساد والأنانية المريضة والإتكالية المفرطة والجشع الفرهودي والاحتكار والابتزاز والاستغلال والاتجار بحياة المواطنين والكسل الرهيب وعدم الإنتاجية وعدم الإخلاص وعدم الشعور بالمسؤولية وغياب الثقافة العامة للمواطنة، صفات مدمرة للبنية التحتية لإنسانية ووطنية الإنسان الكوردي بدأت بالترسخ في المقومات الشخصية لسلوكيات مسؤولينا في الحكومة والحزب والبرلمان والمدنيين في مجتمعنا الكوردستاني الذي تحول الى مجتمع استهلاكي أناني في تصرفاته وسلوكياته نتيجة فساد أهل الحكم والسلطة.
الوصية العاشرة:
لا تأملوا بمستقبل مشرق للنظام السياسي السائد في كوردستان، لان الهوة والتمايز والفروقات الطبقية بدأت تزداد يوما بعد يوم، بين الشعب والحكم، بين المجتمع والسلطة، بين الأقلية المتسلطة الفاسدة وبين الأغلبية الفقيرة الساحقة، بين الجماهير وسلطة الحزبين الرئيسين، بين الزعامات والأنصار، بين القيادات والمناصرين، بين الرئيس والمرؤوس، بين النفوس المتخمة والنفوس الجائعة، بين كل هذا وذاك، أجل كل هذا حاصل في واقعنا الراهن في إقليم كوردستان.
بإيجاز هذه الوصايا العشرة التي سردتها بأمانة وموضوعية نأمل من أهل العقل والحكمة والمغتربين الكورد في المهجر الاستفادة منها لكي لا يقعوا في أزمات وصدمات ومشاكل هم في غنى عنها عند عودتهم الى الوطن ولكي لا يتعرضون الى أية خسائر مادية ومعنوية عند تعريض استقرارهم في المهجر الى وهم عندنا سرعان ما ينقلب عليهم بالضرر الكبير عند عدم انسجامهم مع الحياة الصعبة والمتأزمة عندنا بسبب الصعوبات الشديدة والأزمات الحياتية القاسية التي نعاني منها في الإقليم، ونأمل أن تكون هذه الوصايا مفيدة من باب بيان الأمور وكشف الحقائق وفتح الباب على مصراعيه ووضع حد للتزييف الحاصل في عرض صورة غير حقيقية عن الحياة في كوردستان الى الرأي العام الكوردي في الخارج الذي كان له الدور الأساسي في إلحاق الضرر الجسيم بالكثير من العوائل المغتربة التي حاولت بشتى الطرق التأقلم مع الحياة القاسية عندنا ولكنها لم تقدر على ذلك فأجبرت نفسها على العودة الى المهجر لضمان حياتهم ومعيشتهم بكرامة معززة بكل التقدير وبكل الاحترام لحقوق المواطنة في غربة مكفلة بكرامة وإنسانية نبيلة.
د.جرجيس كوليزادة
[email protected]
التعليقات