لعلي أصبت بالذهول للوهلة الاولى، حين وصف لي صديقي الذي يعمل في امن بغداد أن الامر على مايرام ( بالنسبة له )، وان الوضع يستتب رويدا لصالح الشيعة، ولعلها مسالة وقت حتى يتم التخلص من جيوب سنية مازالت عصية.
وبالرغم من ان هذا الراي يخصه هو، ولامجال للقول انه يمثل سياسة الدولة ومؤسسات الامن بالعراق لكنه يعكس تيارا قويا يشرع قرارات، ويحرك أجندة، ويحشد أتباع، وصورته هي الاكثر حضورا في الساحة الميدانية، لكنها صورة شبحية لايتقمصها شخص بعينه، بل كائنات طائفية تلعب لعبة الاقصاء خلف الكواليس، وانزال عقوبة الموت بالاخر.
العقدة العراقية تكبر اليوم لان نهايات خيوطها بايدي اولئك الاشباح، لكنهم في الواقع ذوات حقيقية تتراس الجمعيات، وتجتمع في الوزارات، وتقود مفارز الشرطة، وتحاضر في الجامعات، وتلقي خطبا في المساجد، وكلهم ادوات البلطجة السياسية والغوغائية الدينية.
وليس ثمة أمل في حل سريع، طالما ان الجميع عاجز عن شخصنة أعمال الارهاب، وفي بداية الازمة العراقية، استخدمت القاعدة شماعة لتعليق جرائم الاخرين من الصف الاول الذي يقود العراق، لتستخدم بعد ذلك اسماء اخرى كبش فداء وعلى ذات المنوال.

وسواء أنحسر دور القاعدة، أو أفل نجم جيش المهدي، فان دوامة العنف ستظل مستمرة،
لان هناك من المسؤولين، سنة وشيعة، في مجلس النواب، وفي الوزارات، في الدوائر والمؤسسات، في الجيش والشرطة، في الخضراء وفي الصحراء، حفروا خنادقهم، واصابعم على الزناد، وهي خنادق متداخلة، ليست كخنادق الحروب المتقابلة، لاسيما وان العراقيين يجيدون حفرها من زمن بعيد وبتاليب من الكهنة والشيوخ وأدعياء الفتوى المنتشرين في المساجد والفضائيات.


والزائر لبغداد اليوم يميز كانتونات طائفية منطوية على نفسها يحرسها ابناء طائفتها. وهي كانتونات صنعتها التنقية العنصرية، فالاكثرية طردت الاقلية ورفعت علمها في تلك البقعة. وهكذا اصبحت هاء سنية خالصة وكاف شيعية خالصة.

وفي زمن صدام كان ثمة اقصاء للشيعة، وتقنين لاماكن تواجدهم بالعاصمة، ولن أخطأ في القول ان صدام كان اذكى في طرقه واساليبه وهو يوطد اركان حكمه، من زعماء اليوم الذين وان لم يشاركوا صدام دكتاتوريته، لكنهم سبقوه في تعبيد طرق القتل الجماعي على الهوية.
وأعود لصديقي الذي لم يتبق امامه غير جيوب سنية في بغداد الشيعية فاقول له، هل تكون قد انتصرت لطائفتك بهذه الطريقة، ولعله ذات الاسلوب الذي يسلكه الارهابي لينتصر فيه لملته.
أن ثقافة الطائفة والملة، تعلو اليوم علىثقافة الوطن. وفي الرمادي يسبون الشيعة الصفويين، وفي النجف السنة الامويين.
أبشركم بقدوم الغول الذي ياكلنا قطعة قطعة. انه قادم لامحال

عدنان ابو زيد

[email protected]