فلسطين مركز الصراع في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع وإستقلالها يحقق السلم الدولي وينهي صراع الحضارات والأديان إذا كان هناك من يؤمن بهذه الفرضية أو يؤمن بفرضية نهاية التاريخ ولهذا يمكن القول إن إستقلال فلسطين مسئولية فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية وبالتالي فإن المجتمع الدولي بكل هيئاته ومنظماته وحضاراته ودياناته مسؤول عن إستقلال فلسطين.

وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نخوض في الكثير من العلاقات المتشابكة وسنحاول جهدنا أن نبين مسئولية كل طرف من الأطراف المذكورة أعلاه ولنبدأ بالفلسطينيين أنفسهم ونقول إن قيام الدولة يقضي على الكثير من أسباب التخلف عن الركب الحضاري العالمي وأهمها التخلص من الفقر والجهل والمرض الذي يلاحق العدد الأكبر من الفلسطينيين فقيام الدولة الفلسطينية المستقلة يقضي الى حد كبير على هذا الثالوث القاتل الذي يهدد العديد من اللاجئين على أرضهم وعلى أراضي غيرهم.

إن إستقلال الدولة يعني قيام مؤسسات وهيئات ومصالح وفي شتى المجالات لتساهم في بناء الوطن والإنسان ولن يتقدم مجتمع في هذا العصر إلا بقيام الدولة والتخلص من الصراعات القبلية والطائفية بكل أشكالها وعواقبها السلبية والأدلة كثيرة في التاريخ سواء المعاصر أو غيره وبالنسبة للفلسطينيين فإن قيام الدولة ستمكن الشعب من إستعادة حقوقه وكرامته المهانة جراء الإحتلال والهجرة وظلم الإنسان لأخيه الإنسان وكل الفلسطينيين يهمهم إستقلال الدولة وأخص بالذكر منهم سكان المخيمات واللاجئين في مختلف مناطق الشتات في العالم.

ويتوجب على سكان المخيمات وغيرهم القيام بشيء ما إذا أرادوا أن ينهوا عصر المخيمات الفلسطينية ولن ينتهي هذا العصر إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وبعدها ستتلاشى مشاكل اللاجئين الفلسطينيين ويتحقق quot;حق العودةquot; وتنتهي عذابات هذا الشعب الذي يتعرض لأسوأ أنواع الظلم.

وإذا كانت إستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة مسئولية فلسطينية فإن إستعادة فلسطين وإستقلالها هي مسئولية عربية وإسلامية ودولية فهي تنطلق من توحيد الهوية وتوحد القيادة وإلتفاف الشعب حولها ضمن كيان منظم متجانس ومتفاعل موحد الكلمة والهدف لأن المصير واحد ولابد أن تنطلق فعاليات العمل المثمر البناء لتحقيق الأهداف المشروعة ليولد جيل جديد يتربى على أسس خالية من العقد النفسية والنعرات الطائفية وغيرها.

والمشاكل المرتبطة باللاجئين كثيرة فمثلاً مشكلة التأشيرات والإستقدام هي من أكبر العقبات في وجه حملة الوثائق الفلسطينية حيث لايسمح لهم بإستقدام ذويهم بحجة أنهم لايحملون جوازات سفر أي لايملكون هوية مواطنة ولايمكن إتخاذ إجراءات لإبعادهم عن البلاد التي يقيمون فيها إذا خالفوا الأنظمة والتعليمات وكأن المشرعين في كثير من الدول يتجاهلون المعاناة التي يعيشها إخوان لهم في الدين والعقيدة واللغة والإنسانية.

وعلى الجانب الآخر وفي نفس الدولة نجد أن هناك العديد من الهيئات والوزارات والشخصيات والقيادات تقدم كل أشكال الدعم لأبناء شعب فلسطين ويعملون جادين لتحريرها بالسلم أو بالحرب وهنا يتضح مدى التناقض بين الأنظمة والقوانين فتتولد المشاكل بسبب عدم الإستيعاب الكامل لجوهر المشكلة وكأننا نطبق أنظمة وقوانين فرضتها علينا القوى المساندة لإسرائيل دون وعي منهم أو أنهم لم يفهموا المقاصد من تلك الأنظمة على الرغم أنها لم تراع الجانب الإنساني وما تمليه الظروف المرحلية لشعب من الشعوب.

إن عدم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة سيبقي مشاكل السفر والتنقل والعمل والعلاج والتعليم لحملة الوثائق الفلسطينية قائمة إلا إذا إتفقت الدول فيما بينها للتخلي عن بعض الأنظمة والقوانين التي فيها ظلم وإجحاف بحق الإنسانية.

ولازلنا في الجانب الفلسطيني ومسئوليته في إقامة دولته المستقلة التي ينبغي أن تساهم في رفع المستوى التعليمي لكل من يعيش على أراضيها وبين الفلسطينيين عموماً وكذلك تحقيق الأمن الداخلي وتسيير شئون المواطنين وتسهيل تعاملهم مع العالم الخارجي من خلال الإعتراف الدولي بهذه الدولة لتكون عضو في الأمم المتحدة وتأخذ دورها كباقي الأمم والشعوب لتكون دولة لمواطنيها وساكنيها.

ويكون لها جيش نظامي بدلاً من التنظيمات المسلحة للدفاع عن الوطن وحدوده وتطبيق إستراتيجيات للقضاء على البطالة وليحظى كل المواطنين والمقيمين على أراضيها بالرعاية الصحية كباقي شعوب العالم وتبدأ المؤسسات في العمل لتكوين إقتصاد وطني مستقل ويصدر عملته الوطنية ويساهم في التنمية الوطنية والعالمية الشاملة ويستقطب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية لبناء مشاريع تنموية وتحقيق الرخاء والتعامل مع العالم.

أما الجانب العربي والإسلامي فهو مسئول أيضاً عن تحرير المقدسات الإسلامية وإستعادة كرامة الإنسان العربي المسلم التي أستبيحت وفقدت وكذلك لابد أن يفكر الجانب العربي والإسلامي في إفشال المخططات الإستعمارية ضدها ونبذ العنف والإرهاب وصراع الحضارات والعمل على توحيد الشعوب لتحقيق الرخاء بين أبناء المنطقة وسكانها وكل من يرغب أن يعيش على ترابها.

أما الجانب الدولي والمنظمات الدولية فهي معنية أيضاً بالعمل على إحلال السلام في المنطقة وباقي دول العالم من خلال المطالبة بإنهاء الإحتلال وتحقيق العدالة الدولية ليحل السلام العالمي بين جميع شعوب العالم وهذا فيه إنتصار للقانون الدولي الذي يجب أن يسود ليحكم العلاقات بين الدول والشعوب لتحقيق العدالة الإجتماعية وإنهاء الصراعات في مختلف دول العالم وبالتالي تنشأ ظروف جديدة لقيام نظام عالمي جديد يؤمن بالتنوع والتعايش السلمي بين جميع الشعوب والأديان.

وبصورة سلمية سنجد أن جميع المشاكل المرتبطة بالقضية الفلسطينية قد حلت وأهمها الإرهاب والحرب في كل بقاع العالم من أجل بناء الحضارة الإنسانية.

مصطفى الغريب

كاتب فلسطيني