ان الانتخابات البرلمانية الدورية وحدها لا تشكل النظام الديمقراطي، ولكنها بدون شك فهي خطوة اساسية وعنصر جوهري لا بد منه في قيام النظام الديمقراطي، على ان تكون تلك الانتخابات حرة ونزيهة، ويشارك فيها كافة أفراد الشعب، وتفي بالمعايير الدولية. من اجل تحقيق نظام ديمقراطي متكامل لابد ان يصاحب الانتخابات البرلمانية ضمان الحقوق الاساسية والمدنية والسياسية في المجتمع،والمتضمنة حرية الرأي والتعبير، حرية التظاهر السلمي، و تكوين الجمعيات وتشكيل منظمات المجتمع المدني، واحترام حقوق الانسان وكرامته، وعدم تعرض اي انسان الى ترهيب وتهديد، كذلك ضمان حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة. وان يتمتع الجميع بهذه الحقوق بالتساوي ودون اي نوع من التمييز والتفضيل بينهم. من اجل ضمان نظام ديمقراطي وحمايته من انتهاكات الحكومات، لابد من تفعيل وتمكين القوى السياسية والاجتماعية من التعبير عن طموحاتها بكل حرية وشفافية بعيداً عن كل انواع القهر و القمع من خلال اعلام حر لا يعرف المجاملة والمهادنة، والعمل بشكل دؤوب من أجل اصدار التشريعات القانونية الضرورية لحماية واعلاء شأن المؤسسات التشريعية وضمان سيادة القانون، وكذلك تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني لتعمل كرقيب على اداء الحكومات وتشخيص الخروقات، لتعمل حثيثة بين توضيح ورفع مطاليب المجتمع، والعمل على الزام الحكومات بالتعامل المسؤول والجاد مع تلك المطاليب. واليوم لابد من التساؤل أين نحن في العراق الجديد من تحقيق النظام الديمقراطي المتكامل في بلادنا؟ حيث تتعرض الانتخابات في كل مرحلة من مراحلها الى محاولات وخروقات قانونية خطيرة تقوم بها قوى سياسية كبيرة على الساحة العراقية، أين نحن من الديمقراطية في بلد وبعد مرور اربع سنوات على تحريره من براثن الدكتاتورية والاستبداد، فهو ما زال مثخنا بالجراح، والقتل فيه اصبح مجانا و ارخص مافيه اصبح الانسان؟ اين نحن من الكرامة؟ وحرمة المواطن تنتهك كل يوم من اجل الحصول على فرصة عمل أو الحصول على الخبز والرغيف، أين نحن من الاستقرار وموجات الهجرة والتهجير و النزوح في اشدها؟ اين نحن من البناء والاعمار والابداع، و نار الارهاب و عثة الفساد الاداري والمالي تنخر الاقتصاد الوطني دون رادع ودون وخزة ضمير؟ أين نحن من الابداع الفكري والثقافي، عندما تباع الضمائر و تُشترى العقول وتُستأجر الاقلام وتصادر الافكار؟. في خضم هذه المنعطفات السياسية والامنية الخطيرة التي تجتاح البلاد، لابد ان يُدَقّ ناقوس الخطر، لان الديمقراطية تكاد تنتكس، وتكاد تضحيات جسام تذهب سدى، وتكاد تغرق البلاد في حرب طائفية لا تحمد عواقبها، امام هذه التحديات الكبيرة يجب على كل المخلصين الغيارى على وطنهم وشعبهم أفراداً كانوا أو جماعات أو أحزاب، اما أن يقولوا كلمة الفصل في مستقبل ومصير بلادهم وأن يمضوا ويدفعوا بالتجربة الديمقراطية الى الامام بكل تفان واخلاص، الى ان تكتمل كل فقراتها وتأتي بثمارها الطيبة، أو يستسلموا لاهوائهم ومصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، وبذلك يكونوا قد ضيعوا فرصة تاريخية على انفسهم وعلى شعبهم، فرصة العيش الكريم في وطن حر تسوده مبادئ الديمقراطية والسلام، وتركوا الوطن ومستقبله في مهب الريح وتحت رحمة القدر الذي لا يرحم.


روند بولص

العراق
[email protected]