صحيفة الصندي تايمز اللندنية تكشف الفضائح المالية في العراق
وعمليات الاختلاس والنصب والاحتيال على حساب الجيش العراقي


في تقرير مفصل كشفت الصحفية ماري كولفين النقاب عن اعمال سرقة اموال مخصصة لوزارة الدفاع لا تقل عن 800 مليون دولار.

المبلغ الذي اختفى هو جزء من شحنة تتألف من 8.8 بليون دولار أميركية شحنت من نيويورك للعراق بعد سقوط صدام ونظامه وتخضع هذه الشحنة الآن لتحقيقات لجان متخصصة في الكونغرس كأموال هدرت وسرقت ولا يعرف أحد كيف استعملت.

وحسب تدقيق عراقي حكومي رسمي واثناء فترة تولي المدعو حازم شعلان لوزارة الدفاع وجد ان 1.7 بليون دولار ذهبت لحساب في بنك الرافدين في بغداد قبل ان تختفي في حسابات بنوك اخرى خارج العراق. وتشير وثائق حصلت الصندي تايمز على نسخ منها ان شكين بقيمة 149 مليون دولار وآخر بقيمة 349 مليون دولار وتحويلات أخرى بلغت قيمتها 1.26 مليار دولار ذهبت لبنك صغير خاص في الوركا أو الورقة WARKA لحساب شخص يدعى نائر جميلي Naer Jumaili والذي يعتقد انه هرب الى عمان وحول الأموال لبنوك فيها.

فضيحة اختفاء الأموال أثارت تساؤلات كثيرة حول دور حازم شعلان وزير الدفاع الأسبق وحول برامج شراء معدات عسكرية للجيش العراقي.

الاستفادة من الفرق بالأسعار
ويبدو من تقرير الصحيفة انه تم انفاق مبالغ زهيدة على معدات قديمة بالية او دون المستوى وعلى سبيل المثال كان من المفروض شراء كمية كبيرة من رشاش موديل م بي 5 MP5)) بتكلفة 3500 دولار للقطعة ولكن تم شراء نسخ مصرية رخيصة بتكلفة 200 دولار للقطعة. والسؤال يبقى لجيوب من ذهب الفرق في السعر؟ وبهذا الاسلوب ذاته اختفت مئات الملايين من الدولارات.

وفي هذا السياق قال وزير المالية الاسبق علي علاوي quot;ان مبالغ ضخمة اختفت وحصلنا على خردة بدل من اسلحة ومعدات حديثة الأمر الذي ترك الجيش العراقي بدون اسلحة ومعدات حديثة والذي ساهم في حالة انهيار المعنويات في صفوف الجيشquot;.

وقال مسؤول آخر ان الاموال التي اختفت كانت كافية لتمويل 11 الف مدرسة و500 مستشفى.


وكيل عقارات متواضع يصبح وزير دفاع
وتقول الصحيفة أن الشخص المسؤول عن تأمين احتياجات الجيش من مواد ومعدات ولوازم لتأدية واجبه هو وزير الدفاع حازم شعلان وتقول الصحيفة أن شعلان كان وكيل عقارات صغيرة في لندن وعمل كصحفي غير متفرغ.

واستطاع حازم شعلان اقحام نفسه بالمعارضة العراقية وتم تعيينه كحاكم لمقاطعة القادسية ثم اصبح وزير دفاع بدون أي خبرة امنية او عسكرية او خبرة في ادارة مؤسسة ضخمة كوزارة الدفاع.
وفي أحد المناسبات طلب خطيا مرة من رئيس الوزراء اياد علاوي ان يزيد ميزانية الدفاع بمبلغ 450 مليون دولار هذا فوق المبلغ البالغ 8 مليارات دولار التي انفقها الأميركان ذلك العام على امور دفاعية. ويقال أن شعلان كان يخطط لتأسيس كتائب ميكانيكية مدرعة وقوة رد فعل سريعة. ومن المعتاد أن زيادة من هذا الحجم تتطلب موافقة مجلس الوزراء والجمعية الوطنية ولكن شعلان ارسل مذكرة سريعة يطلب اعفاء المعاملة من الاجراءات البيروقراطية والموافقات.

المذكرة التي ارسلها شعلان كانت مؤرخة 29 اغلسطس آب. وبعد ذلك بيومين فقط سجل المدعو ناير جميلي شركة اسمها باللغة الانجليزية Flowing Spring Company وبرأس مال قيمته 2000 دولار فقط. وخلال شهور كانت هذه الشركة مشغولة بصفقات لوزارة الدفاع قيمتها بمئات الملايين من الدولارات. يرى البعض أن هذا التريب تم بتواطؤ بين جميلي وشعلان للفائدة المشتركة.

بائع بيتزا يصبح مسؤول شراء نيابة عن وزارة الدفاع

وتحالف الجميلي مع شخص يدعى زياد قطان وهو عراقي ويحمل أيضا الجنسية البولندية. وتم تعيين قطان كرئيس لقسم المشتريات العسكرية علما ان خبرته اقتصرت على ادارة محل بيع البيتزا (الفطائر الايطالية) في بولندا وقبل ذلك بيع سيارات مستعملة في ألمانيا. واعترف لصحيفة اميركية انه لم يبيع فشكة في حياته. ورغم ذلك وقع عقود بمبالغ تزيد عن مليار دولار مع شركة Flowing Spring التي يديرها الجميلي. وتقول الصندي تايمز ان جميلي سحب 100 مليون من اموال وزارة الدفاع مرة واحدة وغادر بغداد.

معدات خردة أكل الدهر عليها وشرب

وفعلا اشترى قطان بالتعاون مع جميلي كميات من المعدات والأسلحة الرخيصة ذات النوعية الردئية والقديمة ودون المستوى المطلوب من مصادر مشكوكة من خلال شبكة من الأشخاص المشبوهين في بولندا. وعلى سبيل المثال تم شراء طائرات هيلوكوبتر روسية قديمة عمرها يزيد عن 30 عاما تعود للحقبة السوفياتية. ورفض مفتشوا الجيش العراقي من قبول الشحنة. والنزاع لا يزال قائما حول صفقة 16 طائرة هيلوكوبتر بولندية قديمة من طراز سكول التي اكل الدهر عليها وشرب. وفي صفقة اخرى قام بترتيبها شعلان بنفسه اثناء زيارة للباكستان لشراء سيارات مدرعة وصفت بأنها غير صالحة.

وتقول الصحيفة ان شعلان اكتسب ذوقا رفيعا وعندما يأتي الى لندن يأخذ جناحا كاملا في فندق الدورشستر الفاخر.
وحسب المحققون الأميركيون ان حزم كبيرة من الدولارات من فئة 100 دولار أخذت من بنك الاحتياط الاتحادي في نيويورك ووضعت في صناديق شحن خشبية وشحنت جوا الى بغداد. وتساءل نائب الكونغرس هنري واكسمان رئيس لجنة التحقيقات في الكونغرس quot; هل من المعقول ان يتم شحن 360 طن من الدولارات الى منطقة حربquot;.
ولا تزال التحقيقات جاريا وحازم شعلان لا يزال ملاحقا.

نهاد اسماعيل

لندن
nehad ismail - London