هل بلغت الصحافة العربية مستويات ضحلة تدعو صحافي عربي مرموق أن يطرح في أفتتاحية صحيفة معتبرة اسئلة ساذجة عن لسان ديكتاتور بائد؟


هل تساءل الاستاذ محرر الصحيفة عن مصدر الفنطازيا الذي الهمته مشهد أقذر الطغاة وهو يوجه اسئلة للشعب العراقي علما أنه لم يوجه في حياته المليئة بالجرائم البشعة سؤالا واحدا لمواطن عراقي ؟ هل هو الحرص الأبوي ذاته الذي كان يلمع به الصحافيون المرتزقة وجه الديكتاتور المقبور حينما كانوا يصفونه بالرمز القائد ؟ لماذا يحرص شخص وضيع ومعروف بضحالة مستواه الثقافي وتاريخه الشخصي المخزي بمخاطبة عقول ومخيال بعض الصحافيين العرب ومن قبره تحديدا؟ أم أن المشكلة تكمن في ذهنية هذا الصنف من الصحافيين الذين بلغ بهم مستوى التعاطف مع الديكتاتور الى مستويات تجعلهم قادرين على التواصل الروحي معه حتى وهو في قبره؟

الصحافي العربي الذي طرح اسئلة quot;السيد الرئيس القائدquot; بالنيابة عنه لم يكن بريئا في توظيف لغة بسيطة فقد حاول ان يكون دوغمائيا في مخاطبة جمهور واسع من القراء العرب خدعهم الاعلام العربي وضللهم عن الحقائق وجعلهم يتباكون على جلاديهم بمحض ارادتهم، ليس الهدف من هذا المقال هو الاساءة لرئيس صحيفة عربية معتبرة وانما من باب الحوار أطرح عليه هذه الاسئلة : هل تجهل حقا ان هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه العراق هو من نتائج الاعمال الارهابية البشعة التي ينفذها أزلام صدام واجهزته الاستخباراتية التي تحولت الى ميليشيات وفرق موت تفجر المدارس والاسواق والمتاجر والمساجد، هل تجهل حقا ان الصراع الطائفي البشع هو ثمرة سياسة طائفية عاشها العراق في الحقبة البعثية البائدة؟هل تجهل حقا ان العراقيين يفرون من بلدهم الى دول الجوار بسبب الوضع الامني المتردي الذي ساهمت فيه بعض دول الجوار حينما فتحت حدودها للتكفيريين القتلة،الذين صمتت صحيفتكم وعلى مدار السنوات الثلاث الاولى من تحرير العراق من ادانة جرائمهم تحت ذريعة quot;المقاومة quot; ومواجهة الاحتلال. من المؤسف انك تتبنى الاسئلة التي يطرحها ديكتاتور اثبت غباء سياسيا لانظير له في التاريخ الحديث، فماذا يعني ان العراق تحول الى معهد لجيل جديد من الانتحاريين ؟انه سؤال يحاول ان يربط ارهابيي القاعدة والتكفيريين بالعراق نفسه فيما يعرف العراقيون والعالم باجمعه هوية هؤلاء الهمج القتلة الذين يرتكبون أفظع الجرائم باسم الاسلام والمقاومة. دعك عن حديث البوابة الشرقية والخطر الاسرائيلي والعدو الايراني فهذه مقولات عهد بائد وتبدو مضحكة في القرن الواحد والعشرين، واذا كانت الحياة تدفعك الى كتابة مقالات لاتنم عن قناعاتك الشخصية فأقترح عليك أن تسلك مسير زميل لك فضّل أن يعتاش من عرق جبينه فافتتح كشكا لبيع الفلافل ورأى في عمله الجديدة شعورا بالسعادة لايقارن مع كتابة مقالات لاتنسجم مع المنطق، مقالات quot;حسب الطلبquot; على حد تعبير العراقيين.


لم يعد مؤسفا تعاطف بعض الصحافيين العرب مع النظام الديكتاتوري السابق، ومن حقهم أن يستلهموا الكثير من قبره ومماته كما استلهموا القصائد من خطبه الفارغة، فقد بات أكيدا بالنسبة للعراقيين ان سجلا ضخما من جرائم النظام البائد لاتعني شيئا مهما في قاموس الاعلام العربي،لا المقابر الجماعية تعني شيئا بالنسبة لهم ولضمائرهم ولاعمليات التهجير التي شملت مئات الالاف من المواطنين الابرياء، ولا الحروب التي شنها على دول الجوار، مايهم الصحافي العربي هو ان يحافظ على مهنته ومصدر رزقه حتى وان استوجب ذلك تبني مواقف انظمة لم تأخذ العبر من الدرس العراقي.

خسرو علي أكبر