بعد أنهيار النظام الأفغاني الموالي للأتحاد السوفييتي دخلت قوات عسكرية سوفيتية لمساعدة النظام الافغاني حينذاك. و تصدى المجاهدون الافغان بجميع فصائلهم للغزو السوفيتي الجائر. واستطاعت المقاومة الافغانية المتمثلة بالمجاهدين الافغان في النهاية من إلحاق الهزيمة بالجيش الاحمر. وتحت شعار محاربة الغزو السوفيتي لبلد مسلم تطوع عدد كبيرمن شباب العرب للجهاد في افغانستان وعرفوا لاحقا تلك المجاميع بالافغان العرب. وبعدما ازداد الخطر السوفيتي واصبح يهدد امن منطقة الخليج الحيوية للولايات المتحدة بدأت الاستخبارات الامريكية المركزية بالتعاون مع السعودية بتاسيس شبكة دعم مالية لجمع التبرعات والاموال الى quot;الأفغان العربquot; لشراء الأسلحة والتجهيزات للمجاهدين في افغانستان ضد السوفييت.
وعلى اساسه شكل شيخ المجاهدين الشيخ عبدالله عزام quot;مكتب الخدماتquot; الذي كان يقوم بتوجيه المتطوعين العرب إلى أفغانستان من منطقة بيشاور الحدودية في باكستان.وقامتا السعودية والولايات المتحدة بتحويل مليارات الدولارات كمساعدات مالية لجبهة المجاهدين في أفغانستان التي كانت تقاوم الاحتلال السوفيتي. وزودت وزارة الدفاع الامريكية quot;البنتاغونquot; ايضا مجاهدي الافغان بصواريخ ستنغر المضادة للطائرات الذي كان السبب الرئيسي وراء النصر الافغاني و سحب السوفييت لقواتهم العسكرية من افغانستان في نيسان 1988 حسب رأي المراقبين.
ومن هنا توثقت العلاقة بين الحركات الاصولية المتشددة و الاستخبارات الامريكية المركزية. ولأهمية استغلال قدرات تلك المنظمات الاصولية في الازمات والصراعات الدولية في قارات العالم، ساهمت الولايات المتحدة في دعم جماعات الافغان العرب في مناطق عديدة من العالم. فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره برزت ظاهرة ما يسمى بتنظيم القاعدة الذي لعب دورا مهما في مشروع اعادة تقسيم واحتلال العديد من دول العالم من قبل الولايات المتحدة الامريكية وخلق الفوضى فيها وتقسيمها الى اجزاء تتصارع فيما بينها. فشرعت الولايات المتحدة إلى تقوية شوكة المنظمات الاصولية في دول العالم الثالث ودعمته اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، وظهرت اولى ملامح هذا الدعم بشكل جلي في الاحداث المؤلمة والدموية التي عصفت بالجزائر في بداية التسعينات.
وفي الواقع ان الادارة الامريكية تعمدت في انتهاج quot;أسلوب عدو عدوي صديقيquot; في سياساتها في الازمات فتم القضاء على المد السوفيتي بدعم المجاهدين الأفغان والعرب في أفغانستان. لكن عندما انتهت مصالحهم في أفغانستان مع المجاهدين، انقلبت الادارة المريكية على حلفاءه في الامس وبدأت الاستخبارات الامريكية سي. أي.أي عن طريق الاستخبارات العسكرية الباكستانية في تزويد حركة طالبان و منظمة القاعدة بالسلاح حتى اطاحوا بالحكومة الافغانية. واستمرارا في هذه السياسة القذرة تزوجت الولايات المتحدة مرة اخرى متعة من منظمة القاعدة وخلقت الاستخبارات الامريكية مسرحية تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب اخرى على حساب الشعوب المغلوبة على امرها،. وبدأت الولايات المتحدة الامريكية باحتلال افغانستان والعراق وحاولت عن طريق حليفتها اسرائيل ايضا اعادة احتلال لبنان مرة اخرى في الحرب الاخيرة.
وكل الدلائل تشير الان بأن أمريكا قد خططت مسبقاً لأسقاط حكم حزب البعث العراقي في بغداد بعدما جاءوا بدعم امريكي او بالاحرى quot; بقطار امريكي quot; في البداية على وصف قيادات حزب البعث العراقي نفسهم في نهاية الستينات ولتحويل العراق إلى ساحة لأستقطاب وجذب منظمة القاعدة في العالم ليسهل عليها تصفيتهم بدلاً من مطاردتهم في مختلف بقاع العالم بعدما زرعتهم السي.اي. اي. في الماضي في عدة اماكن من العالم مثل قبرص و البوسنة و أذربيجان والسودان والسعودية ومصر والأردن ولبنان والعراق وعمان والجزائر وليبيا وتونس والمغرب والصومال وإريتريا. وفي دول القارة الإفريقية مثل تشاد ومالي والنيجر وأوغندا، وفي دول جنوب شرق آسيا بورما وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا والخ.
وفي هذا الوضع المعقد وبعدما صار الشعب العراقي ضحية بسبب زواج متعة امريكا بين الحين والاخر مع الارهاب الدولي سأحاول ان ابرز بعض الحقائق واولها ان الولايات المتحدة استفادت من حكم حزب البعث العراقي ضد الثورة الاسلامية في إيران في البداية ولكن عندما تقاطعت وتضاربت المصالح اسقطوا نظام صدام حسين واتوا ببعض القوى الاخرى الى السلطة على غرارما حصل لرباني وسياف في تحالف الشمال الاخير في افغانستان ضد حلفاء الامس quot;جماعة قلب الدين حكتميار وحركة طالبانquot;. اليوم الامريكيون ينتهجون نفس الاسلوب القديم في العراق لغرض افشال العملية الديمقراطية في البلاد والحقائق واضحة وجلية وموجودة هي الان على الارض. فهم يدعمون الجيش الاسلامي الفصيل الاكبر والاهم في المقاومة العراقية المسلحة ضد منظمة القاعدة على مرأى قواتهم ويدعمون الشيعة داخل الحكم ضد السنة من جهة ويزودون العشائر وبعض القوى السنية بالسلاح ضد الشيعة من جهة اخرى ليثبتوا لنا الامريكيون مرة اخرى بانهم يجيدون استثمار التناقضات وتعقيدات الحالة العراقية لصالحهم وتفعيلها وتفجيرها عندما يريودن مثلما فعلوها في الماضي في افغانستان وفي لبنان.
ومن كل ما تقدم، نرى أن ما يجري في العراق ما هو الا عبارة عن حلقة في سلسلة من زواج متعة لأمريكا مع الارهاب. لتخلق بذلك هذا الانقسام الطائفي والعرقي والصراع بين مكونات الشعب العراقي حتى تحقق اهدافها على حساب الشعب العراقي الضحية وتقع المنطقة كلها تحت رحمة الارهاب القادم من امريكا ومعها القاعدة ولكن ماذا لو فشل الزواج الامريكي مع الارهاب في العراق فاين ستتزوج امريكا هذه المرة متعة في لبنان او فلسطين ؟!!
راوند رسول
التعليقات