تدفع أمريكا لمصر معونة عسكرية وإقتصادية تدور حول المليارين دولار سنويا منذ صلح كامب ديفيد وحتى الآن ليصل مجموع تلك المساعدات (نعم إسمها مساعدات أومعونات من باب الأدب)، وصلت مجموع تلك الإعانات إلى حولى ستين مليار دولار! أى ما يزيد قدره عن مرة ونصف المبلغ الذى خصص لأوروبا كلها لإعادة الحياة لإقتصاديات دولها بعد الدمار الذى نالها من الحرب العالمية الثانية...! منذ أسابيع أصدر الكونجرس قرارا بتعليق مبلغ مائتى مليون دولار من تلك المساعدات مع إمكانية إعادتها بشرط أن تعمل الحكومة المصرية على مزيد من إستقلال القضاء المصرى وتحسين ملف حقوق الإنسان فى مصر!

زعل بعض الإعلاميين والسياسيين المصريين من ذلك وأشبعوا أمريكا شتما وسبا على تجرأها بتلك المطالبات! البعض قال أن المعونة ترجع لأمريكا وهى لصالحها بأكثر مما هى لصالح المصريين!؟

شىء عجيب إذن لم الزعل والغضب من قطعها؟ المفروض نفرح لقطعها...! بعض آخر والسياسيين منهم بالذات إستنكر أن تتدخل أمريكا فى شئون مصر الداخلية!؟ بما معناه بالمصرى العامى quot;إنتم مالكم ياأمريكان، إحنا ندوس على إستقلال القضاء، ونميز بين المصريين على أساس لونهم أو جنسهم أو معتقدهم بكامل حريتنا، وقرارنا بارتكاب تلك الجرائم هو من ثوابتنا ومسألة داخلية ليس لكم شأن بها، وأى واحد بعد كده يطالب بإستقلال القضاء وتحسين ملف حقوق الإنسان يبقى خائن ويعمل حسب الأجندة الأمريكية!! ومعنى ذلك أنه لو طالبت أمريكا ببناء مدارس لهدمنا مدارسنا من باب العند والحفاظ على ثوابتنا وإستقلالنا!؟

دحلان....

لفت السيد دحلان نظرى أول ما لفته عندما حذر حماس من التمادى فى الزعرنة منذ حوالى خمس سنوات أو تزيد وقال يومها أن فتح تستطيع أن تنازل حماس فى الشارع الغزاوى وأن تتبع مثل أساليبها وتهزمها. بالطبع تغيرت الأحوال وماكان يستطيع أن يفعله دحلان وقتها لم يتمكن من فعله لصد غزوة غزة الأخيرة، إما لأن شوكة حماس قويت كثيرا جدا عن تلك الأيام، أو لأنه كان مريضا، أو لأن التاريخ والصدف أحيانا تلعب دورها فيما يطلق عليه الحتمية التاريخية...

بعض مشجعى حماس يلمزون ويغمزون ضد السيد دحلان، البعض يتهمه صراحة والبعض الآخر مواربة بأنه له إتصالات بإسرائيل، وبالرغم من أن أحدا لم يورد دليلا معتبرا واحدا على إدعائه بما يدخله دائرة الإفتراء، وبالرغم من أن السيد أبو مازن ذاته وكثير من المسؤلين الفلسطينيين لهم إتصالات واضحة ومعروفة بإسرائيل حتى من حماس ذاتها، إلا أنه بالنظر إلى أن الجميع يخون الجميع فى الأراضى الفلسطينية فيمكن فهم مقصود هؤلاء حتى وإن كان سخيفا... أما من يأخذ على دحلان وسامته وحسن مظهره ويغمز ويلمز من ذلك الإتجاه... فمن المعروف أن سلوك التشكيك فى احد ما ينطوى على نوع من الإسقاط...

عادل حزين
نيويورك
[email protected]

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف