يهزأ مني صديقي ورئيسي في عملي السابق كيل فيرغسون حين أجيب على سؤاله الإبتدائي المعتاد quot;كيف ترى الطقس اليوم؟ quot;،فجوابي يضحكه دائما quot;وما شأني أنا بالطقس quot;،لكنه في المرة الأخيرة،قال حقيقة quot; إنك بربري quot; وضحك ثم تأسف وباشر كلامه حول فرق الركبي والخيول ومن الذي سوف يفوز في الأسبوع القادم،وصمتّ ُ..،وحاول تغيير الموضوع،لكني وجدت في حديثه شيئا ً آلمني،فقلت ُ quot; الكوكب مريض أليس كذلك؟ quot;،فأجاب quot;آه حقا ً هل تحس بالأرض quot;،فصرت عنيف ُ الكلام معه قائلا ً quot; لقد عرفت إن الأرض مشوهة قبل أن أولد،ثم عرفتها قبيحة حينما كبرت،وعرفتها مريضة حقا ً حين أخبرني ابني بأن علينا أن نطفىء الكهرباء في البيت لمدة ساعة،وأضفت ُ quot; ولكن من فعل بالأرض...كوكبنا كل هذه الدناءات؟quot;.

شاهدت البارحة فيلمquot; s Motorcycle Dairyquot; وللمرة الثانية، والفيلم كما هو معروف يصور الحياة الإبتدائية للثوري الأرجنتيتي الدكتور أرنستو شي غيفارا،بل يصورها كيف إنطلق الشاب راقي الطبع والمواصفات للتحول بعد حين إلى الإنتماء والإنصهار في حياة البسطاء المحرومين،وأي شاب مثل غيفارا المولود طبيعيا مع الربو والذي يصر ُ على مواصلة الطريق عبر أمريكا اللاتينية الرطبة كلّها لغرض الكشف والتعرف،فمن الأرجنتين حتى بيرو،يحصل غيفارا على ثورة الشاب الذي أنتج ثورته على العالم بعد حين ولحد الأن،وإن إختلفت موازين القوى والأيدولوجيات التي باتت بفشلنا كشباب وكهول في أن واحد،و غيفارا في الفيلم كان يحب الأنهار والشجر والناس الأصليين والمرضى،ولم يتصور بتاتا ً إن عاهرة ً ما توشم على عجزها الأخرق صورته مع السيكار!!.

ماتت زوجتي بسبب سرطان الثدي، وفي مسلسل المرض ومعالجته، عرض علي َ الإخصائي هاورد كيرني،فيلم كيف ينشط السرطان في الجسم، ثم شريطا ً من النصائح الصحية التي لاتنفع مع شريك لزوجتي quot;أنا quot;، فأنا أحب الموت لكني لاأودّه قريبا ً جدا ً، كنت ُ أنذاك مهتما ً بحالة البشر ولم أزل ْ، أي بشر كانوا الذين يموتون قتلا ً أو دهسا ً أو في الدهاليز والسراديب والأحداث الكبرى، البشر مجموعين على علّتهم،الفقر والألام وإبتكار الجرائم لكي تستمر الحياة،وفي العراق مجاميع بشرية تخرج عن فلسفة إجرام الحياة، فتتفوق على نوعية القتل وكميته وفلسفته ونوعيته،فينسى الفرد فيها الأرض والوجدان، ينسى فيها الناس،هل صلاتهم الى الله؟ أم إلى شيطان ما،وكيف ُيؤذي الشيطان مكان قيامته؟؟،أماكن الفساد في دوائر العراق ووزارته والوحوش التي تفجر مقدساته ومساجده وأطفاله ونسائه..،وهل أكل َ (المنيوك ) زاده وعاد أمّه حين فجر الناس وقتل الأنفس؟.

يكره بعض الغربيين (صداّم ) ليس لأنه آذى مواطنيه وإنتقم من صهريّه،وأهان الفرد العراقي والدينار معا ً، بل لأنه آذى البيئة في الأهوار والمستنقعات والجبال، فقد إعتدى على الطبيعة الجميلة،وسوف لن يكف الغربيون عن التعبير عن حنقهم تجاه بلد يحكمه من الطغاة من لايليق بأرض حكَمها في البدء أول البشر وصنعت فيها البشرية أول حروفها..،فهم من حافظوا على تراثنا في متاحفهم،وهم من نبشوا الأرض فيتدفق بترولنا عليهم،وهم من لهم حظوة السيد على المطيع،وهم..الذين يحلمون بدجلة والفرات ومراكبهما والبيوت والزوارق....وصبايا الشواطىء
وهم من نتغرب بينهم ولا نحن ّ ُ وهم (الحنونون)..

تتعارك أميريكا مع الصين سراً حول الهند، ليس بسبب التوازن العسكري، بل بسبب التلوث أي (الإقتصاد )،فالصين والهند تعدان أكثر دول العالم تلوثا ً وإنتاجا ً للتلوث، كل غيوم الصين ملوثة وكذلك الهند،كل الغيوم السوداء ُتنتج من الشرق وتعود إليه،دفعت شركة نايك الكبرى التي تبيع الحذاء الواحد للفرد بما لايقل عن 200 $ مليار دولار الى لاعب كرة السّلة المتقاعد( مايكل جوردون ) لكي تحتكره في إعلاناتها عن الأحذية المصممة في أمريكا والمنتجة في أندونيسيا،فنايك تدفع للعاملة الأندونيسية في مصانعها 0.75 من الدولار يوميا ً،وتصوروا حجم الإنتاج الذي يديرونه صينيون في أندونيسيا وماليزيا وأستراليا والفلبين،والحذاء!! مثال فما بالكم بالكمبيوتر،أنظر ُ في البيت فلا أجد سلعة مصنوعة في أميريكا أو أوربا،فكيف لاتكون أرضهم خضراء وأرض الآخرين يباب،وكيف الفيزياء في الكوكب تتغير حسب طباع الأغنياء.

من الهور العراقي العميق تتثاقل (أم راضي ) بمشيتها،وهي تحمل (الخروف ) التي نذرته لسبب ما في يوم ما ولمصلحة ما داخل العائلة، أو في بواطن نفسها، فهي إمرأة قوية تتمثل بالمسكنة وهي تحمل ذلك الخروف هدية لـ(العباس ) الذي حلّ مشكلتها يوما ما،وبرغم كل المخاطر والتفجيرات،تصل أم راضي إلى المقام وقبل أن تصل يتلقاها (القوام ) الأشقياء،وبكل كلمات الرحمة الناعمة يسرقون دينيا ً ذلك الخروف،ثم يدعونها لزيارة الإمام، الإمام الذي طالما أخبرها أحدهم من أولئك الأشقياء إنه كان يحلم بها،وقد أوصاه أن يرصع قبلة ً على جبينها (إن شاءت )،وإن رفضت فعليها مني السلام!!، وبعد أن أوفت ْ بنذرها،وزارت ْ الإمام، تاهت أم راضي في كربلاء،فسألت شرطيا ً quot;يمه وين الطريق لكراج الناصرية quot;،فأجاب الشرطي quot; هسه إنت ِ مخبلة..مو الدنيا عالكة quot;، فأعادت السؤال على شرطي ثان ٍ quot; فألتفت الأول قائلا لصاحبه quot; هذي المرة شبيهه.. الدنية محتركة وتسأل عن كراج الناصرية والسماوة quot;،فضحك الثاني وأجاب أم راضي quot; خالّة هناك أكو واحد مفخخ...هو إيكلج وين كراج الناصرية quot;،ففهمت أم راضي السخرية وقالت quot; جا يمه صدام حركنا وانتم حركتونا وبوش حركنا..وين ننطيه وجوهنا وبعد فوكها..ترى يمه نعرف العباس موش إمام أصلي quot;،فالعباس ليس من ضمن الأئمة الأثني عشرة للشيعة الإمامية.

واصف شنون