جهاد الخازن.. يفقد التوازن!

في عموده المنشور في جريدة الحياة يوم الجمعة 28-6-2007 والذي اعادت صحيفة ايلاف الغراء نشره في نفس اليوم، خرج علينا جهاد الخازن بتحفة جديدة مخصصة (ككثير من مقالاته في السنوات الاخيرة) لمهاجمة الدكتور احمد الجلبي والمؤتمر الوطني العراقي، لكن الاضافة هذه المرة كانت في مهاجمته للناطق باسم المؤتمر محمد حسن الموسوي، وكل ذنب الاخير انه كان قد اتى على ذكر الخازن في احد برامج قناة الجزيرة مؤخرا.


اود الاقرار ابتداء اني غير مطلع على كتابات الخازن في فترة ماقبل تسعينيات القرن الماضي لذا لا استطيع ان احكم على نتاجه في تلك الفترة، ولكن منذ ان بدأت قراءة عموده لا اذكر انني قد استفدت يوما من معلومة او وجدت تحليلا واحدا يتصف بالعمق، بالعكس فأنه يشطح كثيرا في اراءه السياسية وخصوصا فيما يتعلق بالشأن العراقي.

من الملاحظ لمن يتابع عمود الخازن خلال السنوات القليلة الماضية ان لديه مايشبه الهوس (Obsession) بموضوعين او ثلاثة، وبعد تحليل بسيط نجد ان الجامع بين مقالاته وان اختلفت محاورها في الظاهر، انها تهاجم المحافظين الجدد وسياساتهم، لكن هذا الامر لايمثل كشفا جديدا لسرعة الضوء، فالكثيرون بمن فيهم خصوم المحافظين الجدد من الامريكان يرددون نفس التحفظات على تلك السياسات، وهناك دوائر رسمية مهمة في اميركا تقف على النقيض من المحافظين الجدد، ومنها وكالة المخابرات المركزية الاميركية ووزارة الخارجية وغيرهما...


المشكلة ان عموده يصدر يوميا ولذا فهو يعيد نفسه وافكاره بصورة شبه يومية والمعلومات التي يذكرها هي نفسها مع الاستشهاد بعض المقاطع المترجمة من الصحافة العالمية ليوحي للقاريء ان لديه اضافة جديدة، والحقيقة انه لايضيف اي جديد، ولكن الشيء العجيب انه دائما مايجد منفذا يوصله في نهاية العمود الى مهاجمة الدكتور الجلبي، حتى لو كان اصل الموضوع لايتعلق بالعراق!.

لكني اقر ان لديه قلما له قدرة كبيرة على الهذر، وهو ما يرى كثيرون من متابعي عموده انه اختصاصه الافضل، ولو ركز على هذا النوع من الكتابات لاستطاع ان يزيد عدد قرائه كثيرا، وانا على قناعة تامة انه عندما يكتب عن حضوره لسباقات الفورمولا وان (Formula one) او عن عطلته السنوية برفقة بعض من علية القوم في غابات هنغاريا في رحلات صيد فأنه ينفع ويمتع قراء عموده اكثر من حديثه المتكرر في السياسة والا فان تاريخه في الصحافة سيكون اقرب الى العدم، وسينسى الناس نتاجاته لحظة توقفه عن الكتابة.

يكرس الخازن اغلب المقال المذكور اعلاه والذي تميز بالعصبية والتفكك لنفي علاقته بجهات اميركية (وهو ما لمح اليه محمد حسن الموسوي في لقاء الجزيرة)، ودليله الابرز على عدم علاقته بتلك الجهات الاميركية هو مهاجمته المستمرة لسياسة ذلك البلد في الشرق الاوسط متناسيا ان هناك عدد كبير من الكتاب الامريكان يهاجمون سياسة بلدهم في الصحافة الاميركية نفسها، واذا عدنا الى المنطقة لوجدنا زعماء يهاجمون السياسة الاميركية ولكنهم لايخرجون عن حدود مايرسم لهم، بل واكثر، من ينسى حدة خطاب نظام صدام ضد (الامبريالية) الاميركية وفي نفس الوقت شنه الحرب العبثية على ايران نيابة عن اميركا والغرب؟ حتى ان الاستخبارات الاميركية كان لها مكتب مجاور لقصر صدام الجمهوري!! ومن ثم جاء غزو صدام للكويت بعد اعتقاده ان اميركا سوف لن تتدخل ضد الغزو، بعد كل هذا، هل ستتضرر اميركا ببضعة مقالات؟

وبالتركيز على الشأن العراقي، حيث ان لجهاد الخازن مقالات كثيرة حول هذا الشأن خلقت له جمهورا معاديا في العراق.. لأتصاف اكثر هذه المقالات بالضحالة وعدم فهمها للواقع العراقي من جهة، وللموقف العدائي الذي يصل حد التجريح والتشهير في خطابه الموجه ضد الكثير من القوى والاحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والدينية من الجانب الاخر.


هل يعتقد ان العراقيين قد نسوا دعوته لهم لاختيار برزان التكريتي كبديل عن صدام حسين؟ وكيف انه ومن لقاء واحد مع التكريتي في مكتبه في جنيف وجد فيه من الصفات الحسنة والمناقب ما يناقض اجماع العراقيين ضد التكريتي الذي خبروه رئيسا لجهاز المخابرات السيء الصيت وقاتلا لابناءهم، الشيء الغريب في تلك الدعوة ان المخابرات الاميركية كانت تروج بطريقة او باخرى لبرزان في نفس تلك الحقبة الزمنية!!

من الصفات الاساسية للصحفي هي المصداقية وتجنب التلفيق وعدم الانجرار الى تحويل المشاعر الخاصة الى رأي يبني عليه موقفا يكون معاديا او منحازا عند كتابته او ابداءه الرأي في اية قضية كانت، ايصال المعلومة بدقة هو الهدف والجمهور هو الحكم، صحيح ان جهاد الخازن يكتب عمودا وليس خبرا، لكن العمود يحسب على الصحيفة الناشرة وهي صحيفة تدعي الحيادية وانها لاتنطق باسم دولة او حزب، وهنا يثار تساؤل عن امكانية تبني ناشري صحيفة الحياة لرأيه، فحملة الخازن غير المبررة والتي تصل حد الشتيمة ضد الدكتور احمد الجلبي والمؤتمر الوطني والمستمرة منذ سنوات عديدة لايمكن تفسيرها الا بانه يقوم بدور عليه القيام به، فليس من علاقة او خصومة بين اي من اعضاء المؤتمر وبين الخازن، وحسب معرفتي الشخصية فان الدكتور الجلبي لم يلتق يوما بالخازن، ورغم هجومات الاخير المستمره الا انه غير مستعد للدخول في مساجلة او الاجابة على تطاول الخازن، حتى انه يرفض الاطلاع على مايكتبه الخازن، واللبيب من الاشارة يفهم.

الموقف (وفي حالة جهاد الخازن القلم) قد يرفع من شأن صاحبه او يهبط به...
فالدكتور الجلبي لايحتاج الى شهادة احد، ولو كان لسكان المقابر الجماعية وضحايا الانفال وعمليات تنظيف السجون والاسرى الكويتيين والكثير من الضحايا الاخرين في ايران ودول الخليج الاخر لسان ينطق لشكروه على مساهمته الكبرى في تخليص البلاد والعباد من الطغمة الصدامية التي عاثت في ارض العراق والمنطقة فسادا، وبضع كلمات حاقدة لن تمسه بسوء.. اما تناول الخازن لاسم الموسوي وتشبيهه بالطائفة الموسوية (اليهودية)، فكان الدليل الاكثر وضوحا على فقدانه الحجة وتوتره عند كتابته، فالموسوي من سلالة آل بيت الرسول (ص) الهاشمي، والهاشميون لايحتاجون الى شهادة احد في نسبهم، كما ان هذا الربط كان دليل اخر على اسلوب الخازن المعتاد في تجاهل اصل الموضوع واستخدام اسلوب التجريح الشخصي، وهذا الاسلوب عادة يكون حجة من لا حجة له.


حيدر الموسوي