يمكن القول ان الجنس من أهم الأمور التي تشغل الأنسان العربي ان لم تكن أهمها على الاطلاق وهوquot; ككائن بايولوجيquot; يجد فكره منصبا كل الوقت على أفضل السبل واسرعها لأرضاء غريزته الجنسية مهما كانت الطبقة التي ينتمي اليها. مؤسس نظرية quot;التحليل النفسيquot; ndash;سيجموند فرويد- اعتبر الجنس غاية السلوك البشري حين استنتج ان ( كلما نفعله، نفعله من أجل الجنس). لكن العرف الاجتماعي فرض على العربي ان تكون نشاطاته الجنسية سرية فليس من الأدب حتى البوح بوجود الدافع الجنسي البايولوجي لديه رغم ان تاريخ العرب مليء بالمغامرات الجنسية والقصص الشبقية السوية منها والشاذة والتي أبطالها من الغلمان والخصيان والولدان المخلدون وأعظم قصائد الشعر العربي هي التي تتغنى بالحب الذي دافعه الجنس quot;لم يذكر تاريخ الشعر العالمي شاعرا كتب قصيدة حب قبل سن البلوغquot;- الفيلسوف جين بول سارتر-

ومما تجدر الاشارة اليه هو ان التعريف العربي للشرف ارتبط بنشاطات الفرد او عائلته الجنسية بينما عرف بثقافات الامم الاخرى على انه صفات الامانة والشجاعة والتفاني بالعمل وحب الاهل والوطن والدفاع عنه والاوسمة والميداليات والجوائزالتي يحصل عليها الفرد من جراء ذلك. تحملت المرأة العربية العبيء الاكبرلأن شرف أفراد العائلة من الذكور مرتبطا بمدى التزامها بالدين والعادات الاجتماعية التي تحرم عليها ممارسة الجنس خارج الأطر المسموح بها بينما تلقي (أي العادات الاجتماعية) حبل الرجل على غاربه فيسرح ويمرح في quot;المرعى الجنسيquot; فالمرأة لاتستطيع حتى عن الافصاح بالرغبة في الزواج من شاب معين بالوقت الذي يفاخر الرجال بعدد النساء اللواتي ضاجعوهن ويسمونهنquot;فرائسquot;

. ان الاعتداء الجنسي على الأطفال والشذوذ الجنسي والرغبة في مضاجعة المثيل عند الجنسين أصبحت شائعة في الدول العربية بالذات في الدول التي تفرض قيودا صارمة للحد من حركة وحرية المراة، لكن هناك مشكلة تواجه الباحث في المسائل الجنسية في الدول العربية وهي عدم وجود قاعدة للمعلومات مبنية على دراسات اجتماعية أو استطلاعات راي أو استفتاءات لانها أولا ممنوعة باعتبارها غير اخلاقية وثانيا قد تودي بحياة الشخص الذي يعلن عن اتجاهه اونشاطاته الجنسية خصوصا اذا كانت امرأة لانها ستقتل وسط تهليل العشيرة ومباركة رجال الدين لغسل العاروهكذا جرائم تصنف ضمن مايطلق عليه quot;قتل الشرفquot; الذي تنقسم فيه القوانين الجنائية بين من يجيزه وبين من يعاقب عليه بالسجن ستة اشهر فقط (كما كان في العراق)، لذا يبقى الاستنتاج معتمدا على الملاحظة وقصص ضحايا الاعتداء والعنف الجنسي -والناتج اساسا من الكبت الجنسي- في استمارات عيادات الأطباء النفسانيين (كعيادة الدكتورة نوال السعداوي).

وان قيود المجتمع والخوف من العقاب وعدم وجود القوانين الحكومية التي تحمي الطفل والمرأة ساعد على ابقاء مئات الالاف من جرائم الاغتصاب والمضايقات الجنسية (والتي غالبا مايكون مرتكبيها من أقارب الضحايا انفسهم) في المجتمعات العربية مجهولة لتحمل الضحايا اسرارها معها الى اللحد. الجنس وشرف العائلة واحد من اكثر الاسباب المخيفة للرجل العربي من السماح لأهله للأطلاع على ثقافات الاقوام الاخرى وهو(اي الجنس) وراء رهاب العرب السيكولوجي من العولمة والديقراطية وحقوق الانسان،لأن الرجل العربي يختزل مفهوم حقوق المراة بquot;حق ممارسة الجنس فقطquot; ويفهم المطالبة بحقوق الطفل وحمايته على انها دعوة للتشجيع على الأنحراف وعقوق الوالدين. ولأن مفاهيم حقوق الانسان تهدد سلطة الرجل العربي الدكتاتورية على أفراد عائلته فمن الطبيعي ان يقاومها.

أما من الجانب السياسي فقد استعار الخطاب السياسي مفردات وعبارات جنسية لتسقيط الخصم او حتى المختلف بالرأي مثل( انبطاحي ويرتمي بأحضان كذا ورفع عقيرته وفعل كذا والمأبون ويخوزق) وهلم جرى من عبارات متأتية من عقدة الجنس عند العرب. الحاكم العربي نصب نفسه شرطي أخلاق وهو أبعد الناس عنها ومنع طبع أي نتاج فكري وطني(أقصد محلي) يعنى بالجنس وتم وضع هكذا نتاجات في خانة مايسمى quot;الأدب الأباحيquot; واغلق دولته بوجه أي نتاج ادبي عالميquot;اباحيquot; لأنه يدخل ضمن نظرية المؤامرة الدولية لافساد أخلاق الشباب العربي المسلم، وقد ذهب البعض الى أبعد من ذلك وطالب باعادة كتابة التاريخ الاسلامي لألغاء كل ماهو أباحي فيه (طالب بعضquot; المثقفينquot; المصريين بالغاء أشهر رواية في التاريخ الاسلامي وهي رواية quot;الف ليلة وليلةquot; لأنها تسيئ الى التاريخ العربي الأسلامي حسب زعمهم).

وظفت البروباكندا البعثية أيام حكم المشنوق صدام حسين مفهوم الشرف توظيفا فعالا فصورت دفاع العراقيين عن النظام ضد ايران على انه دفاعا عن شرفهم وشرف عوائلهم لأن الايرانيون سوف يغتصبون العراقيات ان هم كسبوا الحرب، وكان مسعوري البعث من قوات الامن ومنتسبي الجيش الشعبي يزجون بالسجن ويهددون باغتصاب عائلة كل من يهرب من الخدمة العسكرية أثناء تلك الحرب الملعونة ان هم عجزوا في القبض عليه فاختار أغلب العراقيين الموت الجسدي في الخطوط الامامية على الموت الشرفي في الخطوط الخلفية.وحتى اجتياح دولة الكويت كان دفاعا عن شرف quot;الماجداتquot; الذي زعم صدام ان الكويتيون انتهكوه.
وكلنا يتذكر المشاهد المرعبة للذبح المقدس للنساء العراقيات في بغداد على أيدي منتسبي ما كان يطلق عليها quot;السرية الذهبيةquot; من فدائيي صدام بتهم تتعلق بالشرف.
أستعملت الحكومات العربية(خصوصا القومية منها) الاغتصاب كسلاح لتسقيط معارضيها أخلاقيا فقامت بتهديدهم او عوائلهم بالاغتصاب أو اغتصابهم والاناث من افراد عوائلهم فعلا وتصويرها وابتزازهم وتهديدهم بنشرها ان لم ينتهوا ويكفوا عن المعارضة السياسية.

واما من الجانب الديني، فان طبقة رجال الدين تتحمل المسؤوليه في شرعنة اضطهاد واغتصاب الفتيات فهم من أفتى بالدخول بهن وهن في الثمان واخترعوا البدع التي تجيز للرجال الزواج من(أو اغتصاب) القاصرات وبالعدد الذي يرغبون تحت حجج و ترهات دينية بدوية كquot;تفخيذ ومداعبة الرضيعة.
أفعالا من هذه النوع يمكن أن تؤدي بهم الى السجن المؤبد لو هم عاشوا في دول متقدمة في مجال حقوق الانسان وهذا ما يفسر سر العداء بين رجال الدين المسلمين وبين المفاهيم العلمانية الغربية.

يتظاهر رجال الدين بالأخلاق والعفة والتقية والورع وكبح الغرائز واماتة الجسد وما الى ذلك من أكاذيب لايهام العامة من ان طبقة رجال الدين تنتمي الى صنف الملائكة لا البشر فانطلت هذه الكذبة على البسطاء من الناس وبدأوا يرسلون أطفالهم الى أماكن العبادة والمدارس الدينية لكي يتعلموا الاخلاق وعلوم الدين فنجحت طبقة الملائكة(رجال الدين) هذه في التدخل في الحياة العائلية الخاصة لغالبية الناس وبدأو يشاركونهم في تربية وتوجيه أبنائهم وبناتهم وحتى في اتخاذ قرارات مصيرية لعوائلهم وكل هذه القرارات تصب في مصلحة طبقة quot;الملائكةquot; في الوصول الى الغاياتquot;البشريةquot; الدنيوية مثل المال والجنس والسلطة. بلغت شكاوى اعتداء رجال الدين الجنسي على الأطفال في الولايات المتحدة الامريكية وحدها مايقارب 11 ألف شكوى خلال العشرين سنة الماضية كلها حصلت في الكنائس والمدارس الدينية الاهلية والله وحده العالم كم هو كبيرا رقم الضحايا من الاطفال(من الجنسين) المعتدى عليهم في الجوامع والحسينيات والمدارس الدينية الاهلية في الدول العربية.

لدي شعور ان الذين اغتصبوا الاطفال المعاقين في دار ايتام الحنان في بغداد هم من quot;المتدينينquot; من اصحاب طوال اللحى ومسبحات الquot;101quot;

التعليم واعادة تعريف مفهوم الشرف ونشرالحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان والاهم فصل الدين عن الدولة يجرد رجال المجتمع والدين والدولة العرب من سلاح الجنس وهي الوسائل الوحيدة لحماية المواطنين واطفالهم ونسائهم من جرائم الأمام والرئيس وشيخ القبيلة.


نعيم مرواني
[email protected]