اثناء زيارتى لاحدى الاسر حدث ان بدأ الابن الصغير الذى يبلغ من العمر عشر اعوام يضايق ابية بسبب شقاوتة فانفعل الاب وصرخ فى ابنة قائلا : اسكت ياحمار والا انت عارف ها يجرى اية. واذا بالطفل الصغير يرد على ابية بعفوية شديدة قائلا : وانت كمان.

اشتد غضب الاب اكثر وقام منتفضا من مقعدة وامسك بطفلة كما لو كان يريد ان يخنقة وسألة غير مصدقا : انت قلت اية ؟؟

رد الطفل على ابية فى براءة قائلا : انا مقلتش غير اللى انت قلتة يابابا !!

ارتبك الاب عندما سمع اجابة ابنة وشعر بخجل كبير من نفسة وبدلا من ضربة قام بضمة الى صدرة لانة ادرك بسرعة انة كان قدوة غير طيبة احتذى بها ابنة الصغير واستمد منها شرعيتة فى الكيل بنفس المكيال الى ابية واحراجة واهانتة امام الحاضرين. وبينما كان الاب يضم ابنة الى صدرة قلت فى خاطرى : يعنى لو كنت اخدت ابنك من الاول الى صدرك واقعدتة بجوارك اكيد مكنش حدث هذا الموقف السخيف.

ان ما حدث بين الاب وابنة هو مثال حى يمكن اخذة بعين الاعتبار اذا تأملنا فيما يحدث من ماسى وظلم فى كثير من دول العالم..وايضا اذا اردنا معرفة السر وراء انهيار او نجاح المجتمعات والدول.

لا شك انها القدوة..فلو كانت القدوة طيبة ومثال جيد يحتذى بة الاخرين لكان الحصاد مفرحا وناجحا ومثمرا.

اما اذا كانت القدوة سيئة فمن المؤكد انها لن تجلب الخير ولن تؤدى الى النجاح وانما ستقود الى الشر والخراب والتهلكة.

والقيادة الناجحة المؤثرة التى تحرك البشر بتلقائية وتدفعهم لتحقيق الاهداف العظيمة والانجازات الكبرى فى كافة المجالات هى بالدرجة الاولى القيادة التى تعطى القدوة الطيبة والمثال الجيد الحى الذى يحتذى به الاخرين.

لقد رأينا الشعب الهندى يقف صفا واحدا مع زعيمهم المهاتما غاندى عند تصدية للامبراطورية البريطانية التى كانت محتلة لبلدة فى عز قوتها ومجدها واستطاع بدون اللجوء الى العنف وسفك الدماء تحقيق الاستقلال لبلدة واجبار المحتل على الرحيل لانة كان قدوة رائعة لشعبة بالفعل والعمل وليس بالشعارات والكلمات المعسولة.. وكتب التاريخ تحكى لنا انة كان يلبس وياكل ويشرب وينام مثل اى هندى فقير.. ولم يكن يميز بين اى مواطن هندى عادى واقرب المقربين الية وفى مقدتهم افراد اسرتة لدرجة انة كان يطلب من زوجتة تنظيف دورة المياة ( التواليت ) مثل الاخرين.

وقبل غاندى بالفى عام كان السيد المسيح خير مثال للقائد والمعلم الناجح الذى حرك البشرية وغير وجة التاريخ والانسانية باعطاء القدوة والمثال وليس فقط بالمواعظ والتعليم والحكم ولذلك ظلت رسالتة حية مؤثرة حتى الان..

ان القدوة الطيبة مطلوبة من رب الاسرة فى البيت والمدرس فى المدرسة والمدير فى مكان العمل ورجال الدين فى دور العبادة والقيادات فى الاحزاب السياسية.. دعونا نتخيل على سبيل المثال لو كان رب الاسرة عربيدا يتعاطى المخدرات ويضرب زوجتة كل يوم.. ترى ماذا سيكون حال اطفالة.. وما الذى يمكن توقعة منهم؟؟

واذا كان هناك ملك او رئيس دولة او حكومة ما _ على سبيل المثال _ نجدة يطالب شعبة ليل ونهار بالشفافية ونظافة اليد وشد الاحزمة على البطون والعمل على رفع شأن الوطن بينما هو يعيش فى عالم اخر من الخيال مثل ملوك وسلاطين قصص الف ليلة وليلة ويقوم فى نفس الوقت بسرقة اموال شعبة وتهريبها الى بنوك سويسر والدول الاجنبية الاخرى...ترى هل يمكننا توقع اى شىء اخر من شعبة سوى السلبية المطلقة والفساد والانحراف والبلطجة وغياب الضمير وعدم الانتماء والولاء الى الوطن ؟؟ ترى هل نتوقع ان يكون شعبة من الملائكة والقديسين واولياء اللة الصالحين ؟؟ وهل نتوقع اى نجاح او تقدم لهذا البلد فى ظل وجود هذة القدوة الفاسدة التى تحكم ؟؟

ليتنا جميعا ندرك ان القيادة الناجحة ليست هى التى تقود بقبضة من حديد ونار وصرامة وحزم وتمشى العباد على السراط المستقيم وانما هى القيادة التى يرى فيها الانسان البسيط العادى القدوة الطيبة التى تجعلة يتحرك بتلقائية لكى ينتج ويبدع ويعطى افضل ما عندة واكثر لبلدة والمجتمع الانسانى.

صبحى فؤاد

استراليا

الاحد 1 يوليو 2007

[email protected]

لقراءة مقالات اخرى في ايلاف