هل القدس عربية?!!! كدتُ لا أميزها وأنا أتجول بين مراكزها الثقافية المتعددة الأغراض والأهداف..عندما ذهبت مؤخراً للمسرح الوطني الفلسطيني لمشاهدة فيلم سينمائي برعاية إحدى المؤسسات الأوروبية شعرت بأنني غريب أو مغترب في بلد أوروبي، وبالتحديد شعرت أنني في إيطالياً..الجميع يتحدث الايطالية، الوجوه أوروبية والمشروب أوروبي، فراودني إحساس بالخجل وسألت نفسي: أليس عيباً أن أكون هنا؟ هل لي الحق بالتواجد في هذه الفعاليات التي يوفرها quot;المسرح الوطني الفلسطينيquot; من حين لآخر للترفيه عن هذه الجالية وغيرها قلت لنفسي أليس لهم الحق في الاستمتاع بهذه الأمسية لوحدهم دون مزاحمتهم وإزعاجهم بسماع لغتنا العربية.


خرجت مسرعاً وأنا أنظر إلى هذا المبنى المسمى اليوم المسرح الوطني الفلسطيني الذي وصل إلى هذه الحال و صار يؤجر صالاته كأي قاعة أعراس في البلد. هو وغيره من المؤسسات التي تقف في طليعتها quot;مؤسسة يبوسquot; التي تقيم مهرجاناً موسيقياً باسم القدس ولا يحضره أبناء القدس. مهرجان للقنصليات والسفارات وموظفي المؤسسات الداعمة والأقارب والحبايب.


وتساءلت عن جمهور القدس الذي صار يشعر أن هذه الأمسيات غير مقامة له ولا ترحب بحضوره..أين هو جمهور البلدة القديمة والثوري وسلوان وغيرها من مناطق القدس ولماذا لم نعد نراه في الفعاليات الثقافية والفنية التي تحدث هنا وهناك...


ألم تتحول المؤسسات الثقافية في القدس إلى حوانيت تبيع وتشتري في تاريخ القدس وقضيتها، فها هي المشاريع التي نراها ونسمع عنها من أمسيات موسيقية ومهرجانات وهمية وإنشاء مراكز ثقافية بشعارات نكاد ننحني اكباراً حين نسمعها، عدا عن أسماء هذه المؤسسات فهي ذاتها مهرجان!!


ولكن ماذا قدمت هذه المشاريع ومن خدمت أصلاً وهل تضيف شيء لحياة الإنسان الفلسطيني في القدس وتنهض بالحالة الثقافية؟! أم أنها نهضت بأصحابها وزادتهم تخمة هم ومن عاونوهم ومن وقعوا على مشاريعهم ووافقوا عليها..هل القدس فعلاً بحاجة للمؤسسات الأجنبية quot;الداعمةquot; وغير الأجنبية إن أمكن التمييز بينها؟!


إن تفريغ القدس وعزلها عن محيطها من خلال الجدار والحواجز قد أثمر خيراً على هذه المؤسسات وترك لها الميدان خالياً، وأصبح أصحابها أثرياء ثقافة -على طريقة أثرياء الحرب- وأصبحت الثقافة مهنة لهؤلاء الذين لا يعرف معظمهم شيئاً عن هذه الثقافة التي يتشدقون باسمها ويترزقون باسمها. وها هو موسم القدس عاصمة للثقافة العربية يعدهم بمزيد من الغنائم باسم الثقافة والفن.


دعونا نسأل فقط ولمرة واحدة من هو الجمهور الذي تتوجه لها المؤسسات في القدس: باختصار نجيب الجمهور هو الممول وجاليته وجماعته، هو القنصليات والسفارات والفنادق هو الجميع إلا الإنسان الفلسطيني، إلا الطالب والمثقف إلا أهل القدس. الذين تقام كل هذه المشاريع باسمهم...حتى برامج وإعلانات ودعوات هذه المؤسسات فإنها لا تطبع إلا باللغة الانجليزية وكأننا في مدينة لا تمت للغة العربية بشيء والأمر واضح فالمرسل إليه لا يقرأ العربية!


أنتم يا من نصبتم أنفسكم أمناء على القدس ويا من طرزتم مشاريعكم الوهمية بأجمل العبارات..أيتها المؤسسات التي تتغنى بخدمة القدس وإنعاش روحها الثقافية..لا تغلقوا آخر نافذة أرجوكم...

إسماعيل الدباغ

* فنان مغترب في القدس

[email protected]