أخيرا قامت الدولة الإسلامية التي حلم بها أبوحمزة المصري وزعيم حركة (المهاجرون) عمر بكري ومن تبعهم إلى يوم الدين؛ هذه الدولة لم تقم لا في السودان ولا في الجزائر ولا في أفغانستان حيث فقد أبوحمزة يده وإحدى عينيه؛ وإنما قامت في بريطانيا حيث تزوج مسيحية شقراء فأعطته جواز سفر بريطاني ؛ وحيث عمل حارسا ليليّا بملهىً في حي سوهو وسط لندن المشهور بالدعارة!

الدولة الإسلامية بمقاسات متطرفة؛ قد قامت حيث توافرت شروط قيامها؛ فالمفكر الجزائري مالك بن نبي يقول إن الحضارة هي بمثابة بذور متناثرة في السماء؛ إن وجدت الظروف الملائمة والتربة الخصبة؛ نزلت فنبتت وترعرعت وأشعّت على العالم أجمع؛ فالسجون البريطانية تحولت إلى ملتقيات للمتطرفين ومرتعا لنفث سمومهم في أوساط المجرمين والمنحرفين الذين ضلوا؛ فوجبت دعوتهم إلى الطريق ( الصحيح) الذي ينتهي بقطع الرقاب وتفجير الأجساد ووأد البنات!

من الشروط التي وفرتها السجون البريطانية لقيام دولة إسلاموجية؛ اخترتُ أربعة:

الفصل بين النساء والرجال: فالمتطرفون الذين يغطون جسد المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها بوشاح أسود ويعتبرون صوتها و ضحكتها عورة؛ وجدوا أنفسهم في زنزانات رجالية؛ غابت عنها العورات ( لله الحمد)؛ والمجرم القاتل محمود محمود الذي احتفل بقتل ابنته ( بناز) وتقطيع جثتها مع ابنه ودفنها في الحديقة الخلفية للمنزل ( بعد أن رفضت زوجها الذي فُرض عليها واختارت شخصا آخر)؛ سوف لن يعيش عقدة ( الشرف) ولا همّ النساء! وقد نزل السجنَ الذي لا يضم إلا الرجال وما أدراك ما الرجال!

القتل لا يهم عند المتطرفين؛ إنه ليس حراما؛ ما دام دفاعا عن الشرف كما أن الشذوذ الجنسي بين الشباب ليسا حراما؛ لذلك فإننا لم نسمع أبا قتل ابنه بتهمة ممارسة اللواط؛ أما جرائم الشرف فاقتصرت على البنات؛ لماذا؟ لأنهن العار! وشرف العائلة والقبيلة والأمة مرتبط بغشاء البكارة؛ الذي تتشارك فيه الفتاة حتى مع أنثى الفأر!!

البطالة: أغلب المتطرفين يعيشون على المعونات التي تُقدمها لهم الحكومات ( الكافرة) ؛ وقد استفاد المصري وبكري وغيرهما من مئات الآلاف من الجنيهات من أموال المعونات الاجتماعية التي يتحمل أعباءها دافعو الضرائب البريطانيين؛ وهكذا فإن الذين يحرّضون الشباب أمام المساجد والمصليات لا يحملون همّ العمل لأنهم في دار كفر والغنيمة نصرٌ على الكفار! إذن فإن السجون جنّة لهؤلاء فالمأكل والملبس والمأوى متوفرون (بلّوشي) وما عليهم إلا ممارسة ( الدعوة) التحريض.

الهدف السّهل : المحرّضون يبحثون عن شباب فاشل في حياته الاجتماعية والاقتصادية؛ ضائع بين استهلاك المخدرات واحتراف اللّصوصية؛ بمعنى آخر إنهم يبحثون عن شباب جاهل و يائس؛ يُنفذ الأوامر بحرفية؛ وقد وجدوا في السجون تلك التربة؛ ف( ريتشارد ريد) الجمايكي الأصل البريطاني الجنسية الملقب بصاحب الحذاء المفخّخ؛ جُنّد لمهمة تفجير طائرة بين باريس وواشنطن عندما كان تائها حائرا في السجن؛ ثم بدأ يتردد على مسجد بريكستون جنوبي لندن لتكتمل عنده الصورة الانتحارية!

التفرغ للتعبّد: سنوات السجن طويلة ولياليه مريرة؛ وليس هناك من مجال لتجاوزها سوى بالتسبيح والاستغفار والتهجّد آناء الليل وأطراف النهار؛ والدعاء للأمة بالنصر وللكفار بالنهاية التعيسة؛ وهكذا فإن الأمم تعمل وتجتهد ودعاتنا الجدد يسبّحون ويدعون؛ لا أريد أن أُفهم خطأ؛ كل ما أريد أن أقوله أن العالم لن يتغير دون أخذ بالأسباب حتى وإن صلّينا وتعبدنا مئة عام!

سليمان بوصوفه