كيف نتعامل مع شهادة الجنرال دايفد باتريوس القائد العسكري الأمريكي في العراق؟ يمكن لأي منا أن يرفض ما جاء في شهادته جملة وتفصيلا أو تقبلها أو الأخذ بأجزاء منها. معظمنا يأخذ بتلك الأجزاء التي تروق لنا والتي تؤكد وتوثق ما كنا نعتقد به سابقا ، ذلك ليس بالضرورة عيبا أو قصورا منا ولكنه ربما يكون جزءا من الآلية الطبيعية التي نتعامل بها مع الأحداث والمعلومات. ولكن إذا أردنا أن نصل إلى استنتاج مقبول يُمَكِنُنا من المناقشة والحوار يجب علينا أن نأخذ بشهادته كاملة ومن ثم إصدار حكمنا عليها. أنا أعتقد أن أكثر المعلومات أهمية هي المعلومات الإحصائية ، فما هي الحقائق في العراق بالأرقام؟

منذ منتصف يناير/ حزيران لهذا العام 2007 أي منذ زيادة القوات الأمريكية في العراق وحتى اليوم ndash; تاريخ تقديم الجنرال باتريوس لتقريره إلى الكونغرس ndash; شاهدنا انخفاضا واضحا في عدد الضحايا العراقيين وفي عدد الهجمات اليومية. ولكن الإنخفاض لم ينحصر على هذه الفترة بل تعداها ، حيث انخفض العنف في العراق منذ ذروته في ديسمبر/ كانون الأول 2006 بنسبة أكبر من 45% بشكل عام وبنسبة 70% في بغداد خصوصا.

كان شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي شهرا دمويا أودى بحياة الكثيرين بناءا على انتمائهم العرقي والطائفي ، واليوم تقول الإحصاءات بأن العنف الطائفي أي القتل على quot;الهويةquot; قد انخفض بمستوى 55% عن ما كانت عليه قبل حوالي 10 أشهر. أما في بغداد العاصمة فانخفض العنف الطائفي بحوالي 80% لنفس الفترة. يعود الفضل في ذلك إلى عدة عوامل منها اكتشاف أكثر من 4400 مخبأ للأسلحة في التسعة أشهر الأولى لهذا العام وهي أكثر بحوالي 1700 مما تم اكتشافه على مدى الإثنى عشر شهرا لعام 2006 والفضل يعود إلى هؤلاء العراقيين الغيورين على وطنهم.

الأبنار توفر صورة مبهرة لما يمكن أن يحدث حال صد العراقيين لقوى التخريب والدمار التي تدعي كذبا عملها لما فيه مصلحة العراق ، فانخفضت الهجمات من حوالي 1350 هجوما في شهر اكتوبر/ تشرين الأول لعام 2006 إلى قرابة 200 هجوما لشهر أغسطس 2007. أخيرا انخفض تفجير السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية خلال الأشهر الخمس الماضية من 175 تفجيرا لشهر مارس/ أذار 2007 إلى 90 تفجيرا للشهر الماضي (شهر أغسطس 2007).

الولايات المتحدة شعبا وحكومة ترغب في إعادة الجنود إلى أرض الوطن بعيدا عن الأخطار. ولكن مهمة خلق بيئة أمنية ملائمة لتفعيل المصالحة الوطنية لم تحقق بعد. فالشعب العراقي يستحق فرصة تأسيس دولة خالية من العنف والقهر. بما أن الزيادة العسكرية استطاعت خلق مساحة كافية تسمح للعراقيين بإحراز تقدم فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق القيادات العراقية التي يجب عليها أن تعمل سويا من أجل عراق واحد يضمن حقوق جميع العراقيين باختلاف طوائفهم وعرقياتهم. أما في الوقت الحالي فإن الجنرال باتريوس يقترح إعادة مستوى الجنود الأمريكيين إلى ما كان عليه قبل الزيادة وذلك بحلول منتصف يوليو/ تموز 2008. أتى هذا الاقتراح في ظل نجاح الزيادة العسكرية وتمكنها من خلق المساحة اللازمة للعراقيين لتحقيق الأهداف السياسية.

وليد جواد
فريق التواصل الإلكتروني
وزارة الخارجية الأمريكية
[email protected]
http://usinfo.state.gov/ar