الغموض الذي يلف الضربة الإسرائيليه على سوريا يدعو إلى تساؤل عميق عن الهدف الحقيقي.. هل هو مجرد إظهار عضلات إسرائيلي لإعادة الإعتبار والهيبه للقوة العسكرية بعد خسارتهما في حربها مع حزب الله.. أم هو تأكيد إسرائيلي لحث الولايات المتحدة على إعطائها الضوء الأخضر لشن غارة مماثله على إيران.


مما لا شك فية بأن تصاعد النفوذ الايراني في العراق.. والخوف من إمتلاكها للقوة النووية.. إضا فة إلى التصريحات النارية التي يطلقها النظام الإيراني ضد إسرائيل وأميركا كلها عوامل مصلحة مشتركه بين الولايات المتحدة وإسرائيل.. إدعاء إسرائيل صادقا ام كاذبا عن قصف قاعدة صواريخ سورية - إيرانية في شمال سورية.. أو إستهدافها لمستودعات أسلحه وذخيرة تعبر من الحدود السورية لتسليح حزب الله.. كلها عوامل تخدم المصلحة المشتركه لهما في تحجيم قدرة حزب الله في لبنان.. ولكنها لا تقلل من الخطر الأكبر القادم من إيران وإحتمال إمتلاكها للقوة النووية تهدد مصلحة الطرفين أكبر بكثير من مجرد تحجيم حزب الله أو تقديم النظام السوري للمحاكمه الدولية حال إثبات تورطه في إغتيال السيد رفيق الحريري وآخرون في لبنان.. والتي قد يضطر كلا الطرفان ( الأميركي -الإسرائيلي ) إلى تمديها إلى أجل غير مسمى نظرا لأن وجود النظام السوري يخدمهما معا.. لعدم وجود أحزاب إسلامية قوية كما في مصر والأردن.. وأن المعارضه السورية ليست بالقوة الكافية لإطاحة بالنظام أو تغييره لأنها مشتته ومهمشة من الشعب إما خوفا من النظام أو إستسلاما له..وعليه فإن خطرة أقل بكثير من الخطر الإيراني.


السؤال الأهم هنا هل تقوم الولايات المتحدة بمثل هذه المغامرة مع العلم بعقم هذه الحلول إضافة إلى عدم ثقة الأميركيون بقرارات الرئيس.. والمثل على ذلك قراره بداية هذا العام بزيادة عدد العسكريين العاملين في العراق بثلاثين ألفا أخرى.. وقراره الآن بعد ضغط الكونغرس بسحب هذا العدد نفسه قبل نهاية العام والحوار الدائر في أروقة الكونغرس عن الحاجه إلى تقليص صلاحيات الرئيس في إتخاذ قرارات مصيريه مثل الحرب.


تدهور الوضع العسكري في العراق والفشل المتلاحق للسياسه الأميركية في المنطقة العربية والإسلامية والإفلاس الفكري في كيفية التعامل مع الخطر الداخلي ( وجود ما لا يقل عن أربعة ملايين أميركي مسلم) والخارجي كلها أسئله ستدفع ألأميركيون عاجلآ ام آجلآ إلى التساؤل عن جدوى هذه الحرب.. ولصالح من تدور ويدفع تكاليفها دافع الضرائب الأميركي.
شعبية الكتاب الصادر من جون ميرزهايمر (جامعة شيكاغو ) وبرفوفسور ستيفن والت (جامعة هارفارد) تحت عنوان اللوبي الإسرائيلي والسياسه الخارجية الأميركيه ستزيد من تساؤلات دافع الضرائيب الأميركي.. وبالأخص حين يتأكد له زيادة عجز الموازنة العامه الحالية عن سنواتها السابقه والتي كانت على التوالي 2005 - 786 مليار ثم ارتفعت إلى 864 عام 2006 ومع هذا العجز.. قدّمت الولايات المتحده خلال الشهر السابق ما قيمته 30 بليون دولار من الأسلحه لاسرائيل والتي وكما هي العادة تعفى إسرائيل من فوائدها.. ثم تعفى لاحقا من ثمنها.. إضافة إلى ما تلتزم به الولايات المتحده من دفع ثلاثة بلايين دولار سنويا مع ما تقدمه أيضا من ضمانات قروض وتبرعات معفاة من الضرائب..
ليس معنى هذا التحليل بأنه إنتصار للمنطقه العربية والإسلامية..الغارقه في بحر من الجهل والتخلف والخوف من الأنظمه والمستقبل أو هزيمة للولايات المتحدة أو إسرائيل بشكل أو آخر..


الإنتصار الحقيقي للشعوب كلها حين تستطيع هذه الشعوب إجبار حكوماتها على التعقّل وأن القوة النووية والعسكرية لن تخدم مستقبل أميركا.. ولا ايران.. ولن تجبر العرب عل قبول الإملاءات الإسرائيلية.. وأنه من الأفضل صرف نفقاتها على برامج تنموية مستدامة لتقليص الأعداد الهائله من العاطلين عن العمل المتزايدون في كل أنحاء الأرض بما فيها أميركا.. وتقليص الفجوة الهائله بين الدول الغنية والفقيرة.. وتقليص سرقة الثروات القومية من الشعوب.. وإنها عمليات نهب الدول الغنية من الدول الأخرى لأن العدو الحقيقي لنا جميعا هو الفقر والجهل..

أحلام أكرم

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان