فى رأيى المتواضع انه لايمكن تحسين الأوضاع فى العراق مطلقا بوجود البرلمان والدستورحاليا. العراق ليس مؤهلا بعد لنظام ديموقراطي وكل من يظن خلاف ذلك فهو لا يعرف العراق ولا العراقيين. بعد مضي أربعين عاما على الحكم الدكتاتوري والخراب الذى انزله بشعب العراق ماديا ومعنويا وأخلاقيا، فان معظم العراقيين لم يعودوا يرون الأمور بصورة واضحة وصحيحة وأصبحوا كمن اصيب بالعمى المؤقت لايستطيع السير بدون قائد يأخذ بيده ويبين له الطريق الصحيح الى ان يسترد بصره وعافيته وينسى الكراهية والحقد، آنذاك يستطيع أن يعود ليأخذ قيادة نفسه بنفسه.


منح العراقيين الديموقراطية بالصورة التى حاولها الأمريكان تشبه اعطاء صبي بندقية محشوة فسيستخدمها بدون تعقل ويسبب لنفسه ولغيره الضررالأكبر. يمكن ان نعطيه البندقية بعد أن يتعدى سن الرشد ويتعلم كيف ومتى يستعملها، ويحصل على شهادة طبية تثبت سلامة عقله واهليته الصحية.

ان حل البرلمان واعادة الانتخابات خلال او بعد سنة أو سنتين سيكون عديم الجدوى، اذ سيعود نفس النواب والحكام القدامى الى مناصبهم، بسبب الديموقراطية المزعومة المعمول بها حاليا، وتعود الأمور الى ما هى عليه الآن بعد صرف المبالغ الطائلة وصرف الجهود الكبيرة دون طائل، وربما تزيد من تدهور الأوضاع فى البلد المخرب.

من الأفضل تشكيل هيئة سياسية عسكرية مختلطة من خمسة عراقيين بالولادة ومن أبوين عراقيين بالولادة يتمتعون بسمعة طيبة وماض مجيد، غير طائفيين ولا منتمين الى ميليشيا مسلحة، ومن حملة الشهادات الجامعية، ولا تقل أعمارهم عن الأربعين عاما. أثنان منهم من ذوى الرتب العسكرية العالية ومشهود لهما بالشجاعة والمقدرة، يكون أحد الضابطين رئيسا للهيئة. تتخذ القرارات من قبل الهيئة بنظام الأغلبية (3-2)، ومدة عمل الهيئة خمسة أعوام قابلة للتمديد. تقوم هذه الهيئة بمهمة ارشاد وتوجيه العراقيين بالاستعانة بالخبرات العراقية المتاحة وتهيئتهم للانتخابات المقبلة. وبطبيعة الحال هناك تفاصيل كثيرة ودقيقة تترك للخبراء من ذوى الاختصاص والاخلاص.


نأتى الى الجانب الصعب، وهو من سيعلق الجرس فى رقبة القط؟ أما ان يقوم مجلس النواب الحالى وأعضاء الحكومة بالتخلى عن الأنانية وتقديم مصلحة البلد وجعلها قبل وفوق كل شيء، عندذاك يقومون باختيار الهيئة الخماسية، وفى حالة تعذر الاتفاق لابد من تدخل الأمم المتحدة فى فرض الهيئة ومساندتها بقوة عسكرية دولية.


لا يوجد هناك حل سحري سريع، ولا بد ان يضحى الجميع فى سبيل انقاذ البلد. أما بقاء البلد على وضعه الحالي فسيطول مرضه لسنين طويلة ويصاب بانتكاسات شديدة وقد لا يتعافى، ولن ينفع عندذاك الندم.

عاطف العزي