يقول البعض ويعيد ويزيد أن المشاريع العلمانية لقيادة دولنا سواء منها الرأسمالية أم الإشتراكية أم القومية قد فشلت فشلا ذريعا فى أن تضخ دم العافية فى عروق أمتنا العربية فهلا جربنا المشروع الدينى الإسلامى فلعل فيه خلاص الأمة وتقدمها!؟ يقولون أيضا أن العرب كانوا أسياد الدنيا عندما كان الحكم إسلاميا خالصا وسبب ذلتنا هو البعد عن التعاليم الإسلامية! ويتردد أحيانا ان إسرائيل دولة دينية وهاهى مسيرتها إنتصارات متواصلة، فلماذا لا نتنسم خطاها ونتبع منهج الإسلام فلعل وعسى!؟ وكل تلك الأقوال تجد سندها فى مقولة يجرى ليها لتتوائم مع غرضهم ألا وهى quot; لقد أعزنا الله بالإسلام وإن إبتغينا العزة فى غيره أذلنا اللهquot;!
الإعتقاد بوجود دولة إسلامية تتبع نهج الإسلام فى أى وقت من الأوقات منذ فجر التاريخ وحتى وقتنا هذا هو وهم كاذب. فهل كانت بيعة السقيفة والتى تولى فيها أبو بكر الخلافة نابعة من المنهج الإسلامى؟ وهل تهديد عمر بن الخطاب لعلى إبن أبى طالب كرم الله وجهه بحرق المنزل الذى كان يأويه وقتها، بما فيه من أهل الرسول الأقربين بما فيهم إبنة الرسول وأحفاده إن لم يخرج quot;علىquot; للتو لمبايعة أبا بكر، هل كان تهديده ذلك من الإسلام فى شىء؟ وهل حروب الردة من أجل quot;ولو عقال بعيرquot; أى من أجل المال من الإسلام؟ وهل مجاملة عثمان بن عفان لأقربائه ماديا ومعنويا على حساب quot;الأمةquot; وقتها من الإسلام؟ وهل مقتل عثمان بن عفان والذى إشترك فيه quot;مبشرون بالجنةquot; ومعهم السيدة عائشة التى كانت تصرخ quot;إقتلوا نعثلا فقد كفرquot; من الإسلام ومن الدين أم من الدنيا!؟
والمسيرة التاريخية التى تلت تلك الأيام أنيل وأذل سبيلا... فهل معاوية وعمرو بن العاص كانا على الإسلام المطلوب أم أن الإمام على وصحبته هم الذين كانوا على الإسلام وغيرهم كان على الكفر والضلال؟ وإن كان الأمويون هم الذين على الحق وقد نصرهم الله لذلك فما موقع العباسيين الذين طاردوا أبناء أمية حتى أشبعوهم قتلا وسحلا وتشريدا!؟ وهكذا يتم تدوال هذه الأحداث وما بعدها ولا يسأل أحدا نفسه أين كان الحق!؟ وهل كانت غزوات المسلمين وإنتصاراتهم نتيجة تمسكهم وتمسك حكامهم القتلة بالإسلام أم أنها الدنيا تقبل وتدبر، وأن لكل زمان أمة ورجال!؟
وإن كانت سيادة المسلمين وإنتصاراتهم نتيجة تمسكهم بالإسلام، فكيف وهم تحت قيادة الخليفة العثمانلى المسلم الذى سادهم لمدة ستة قرون تخلفوا وأصبحت دولهم تسمى لدى أوروبا بالرجل المريض!؟ ولماذا وهم تحت حكم المماليك المسلمون خلفاء صلاح الدين الأيوبى تخلفوا حتى جاءهم الفرنساوية بالمدافع والتقدم الذى لم يكن سمع به المسلمون ولا رأوه وعندما ضرب بونابرت القاهرة وبها الجنود المماليك بالمدافع والقنابل التى لم يكونوا قد سمعوا عنها مجرد سمع، هلع المسلمون وإنطلقوا يصيحون ويولولون quot;ياخفى الألطاف نجنا مما نخافquot;!؟ أما كانت مصر والعرب معها تحت الحكم الدينى الذى كان يسمى وقتها بالإسلام!؟
أو لم تكن دولة طالبان الزائلة تتبع أشد أحكام الإسلام تزمتا فكيف تخلفت وجاع أهلها وتشردوا ولم نرى لها منعة من أى نوع لا إقتصاديا ولا عسكريا ولا حتى غذائيا!؟
إذن فقد تم تجريب حكم ما يظنونه إسلاما لمدة تقترب من ثلاثة عشر قرنا وأنتج تخلفا من جميع النواحى حتى إنتهى للهوة التى يقبع فيها غالبية أمة الأعراب حاليا، فهلا أفتانا أصحاب المقولات الكاذبة أى عصر من عصور الإسلام بالذات يريدون إستنساخه!؟
عادل حزين
نيويورك
التعليقات