غريب امور امتنا العربية، وهذا الغريب لاينتهي ولايبحث عن حلول بل انه يتراكم بشكل خطير ومقلق لكل صاحب بصيرة او حتى أدنى شعور بالمسؤولية اتجاه هذه الامة العظيمة بارثها الضخم وتاريخها الكبير. المتواضعة حد الفقر بحاضرها. فلقد فقدت هذه الامة بوصلتها وطريقها الصواب وانحرفت كثيرا حتى اصاب اليأس الكثير من أبنائها. ولم تعد تعرف عدوها من صديقها!! ولن تعد تفرق بين اعدائها وابنائها!! بل ان الذبح المقيت والقتل الاجرامي اصبح من حصة العرب على ايادي عربية، اضافة الى نظرية الذبح والقتل لكل انسان غربي او امريكي لمجرد هويته او جنسيته!! حتى اصبحت صفة الارهاب لاتحتاج الى عناء كبير لتلصق بالعربي. لكن لايمكن الصاقها بالياباني او الصيني على سبيل المثال. وبالمناسبة سر هذه التهمة وهذه الصناعة انها ماركة quot; عربية quot; بدأ البعض يتفاخر بها الى حد الغباء المفرط.
وقد يكون اهل العراق هم الاكثر أحساسآ بهذا quot; التخبط العربي الدموي quot; لان العراقيين وطموحاتهم الانسانية، أصبحت اهداف مفتوحة لكل من لعب الشيطان بعقله وصور له ان تناول الفطور مع نبي الرحمة العربي الامين محمد بن عبد الله quot;صquot;. لايحتاج اكثر من القيام بعملية انتحارية ارهابية من خلال تفجير سيارة او حزام مفخخ وسط سوق او قتل مجموعة من quot; الروافض quot;. شيوخ ورجال ونساء واطفال دون استثناء. لان هولاء quot; الروافض quot; هم الاخطر على الامة من الصهاينة انفسهم!! ولااعرف كيف يمكن لبشر يحمل ولو جزء من عقل أدمي ان يصدق مثل هذه الاكاذيب وهذا الدجل المفضوح. لان ولاء البشر الذي يتم استهدافهم وشن الحملات الاعلامية والدموية عليهم. هم بالبداية والنهاية جزء من امتهم العربية. وجزء أصيل وأساسي لاتكتمل العروبه بدونه. وان مصيرهم من مصير أمتهم، وانتصارها ورفعتها لهم. وهزيمتها وأنكسارها عليهم.
وقد اكون شاهد عيان على بعض المفارقات المحزنة والمضحكة في أن واحد التي تجري من وراء الكواليس. فاذا كتبت مقالة مثلا انتقد فيها نظام الصنم السابق وجرائمه ومقابره الجماعية واستخدامه اسلحة الدمار الشامل ضد الشعب العراقي. وشنه الحروب العبثية مع ايران وفي الكويت وضربه بالصواريخ لكل من السعودية والبحرين. وايضا جرائم الارهاب والقاعدة والزرقاوي وخليفته. فان كثير من الرسائل تصل لي واصحابها يسالون بشكل مباشر او غير مباشر ( هل انت شيعي او سني )!!. واذا كتبت مقالة انتقد فيها بعض السلبيات في الاداء الحكومي والبرلماني العراقي. مثل بعض الاختلاسات ونقص الخدمات الاساسية من الكهرباء والماء والوقود. وكذلك عدم تعويض عوائل الشهداء وضحايا النظام السابق او التبرع بثروات العراقيين الى الاخرين دون وجه حق او سند قانوني او اخلاقي او مشاكل المهجرين في الداخل والخارج. بنفس الوقت الذي يعيش فيه المتقاعد والمواطن العرقي بحالة مزرية ومحزنة وكئيبة. ومع ذلك تاتي لي الرسائل من نوع اخر من القراء لكنه لايبتعد ولو سنتيم واحد عن ذلك النوع السابق في سواله لي ( هل انت شيعي او سني )!! بل ان البعض اخذ يسلط سيف الدين على رقبتي من خلال وعدي بعقاب الاخرة والدنيا على حد سواء!! والبعض الاخر بدأ يدخلني في سوق quot; المزايدات الوطنية quot; عندما مثلا يتهمني بالعمالة الى الامريكان والصهاينة!! طبعا تهمة مثل ( صفوي وايراني وفارسي ) هذه اصبحت لاتستحق الذكر والتذكير، لكثرة ماتصل لي من رسائل تحمل مثل هذا العنوان والمحتوى. الذي يصلح ان يكون مادة رئيسية في quot; سوق النخاسة quot; لبعض العقول العربية. واطرف ماوصل لي قبل يومين أميل من شخص عرف نفسه انه اردني، تعقيبا على مقالتي quot; نفط العمارة والبصرة وصل الى الاردن quot;. فقد كتب لي نصا هذا الرجل ( أنك شيعي ومذهبك ليس عربي!! او انك سني مرتد وعميل لجهات سنية معروفة.!! ) الرجل احتار ان يضعني باي خانة من العمالة العثمانية او الصفوية، كل ذلك لمجرد اني دافعت عن حقوق وثروات أهلي العراقيين، ولم اشر لامن بعيد او قريب الى الاردن بشيء ايجابي او سلبي. وفي حقيقة الامر لايشرفني كعراقي ان اكون عميل الى بلاد فارس ولاعميل الى بلاد الاتراك ولا حتى الى العرب أنفسهم. فيكيفني اولا اني عراقي ثم عربي مسلم.
لكن كل امنيتي ان يناقش هذا البعض الافكار والمواضيع التي تطرح في المقالة المعنية، وبشكل اذا لم يكن اكاديمي ومهني او موضوعي، اذن فليكن أنساني وأدامي. بعيدا عن هذه الشتائم المعيبه والمخجلة بحق من يتناولها. وليس بحق من توجه اليه.
ثم مسالة الدين والوطنية. في مثل هكذا حالة تتحول الى سيوف من خشب بيد اصحابها الذين اعطوا لانفسهم حق التكفير وحق وصف الاخر بالعمالة. وهي اليوم اصبحت من كثر تناولها وتكرارها نوع من النكتة المسخة والفجة والخائبة. حتى ان مثل هذه الاميلات والرسائل البائسة بدات تعرف طريقها الى سلة المهملات قبل ان يتم قراءة كل سطورها!! لانها لاتستحق عناء القراءة ولاعناء التفكير بها او الرد عليها. لاني ليس مجبر على الاجابة على سوال يعتبر غاية السطحية في مثل هكذا امور. طبعا مع اعتزازي الكبير والعظيم بعروبتي و بالدين والمذهب الذي انتمي اليه. لكن من المؤلم والخطير جدا ان يكون quot; المذهب quot; هو باب التقيم الاول لكل مقالة او يكون المذهب هو الشرط الاساسي في الحصول على الوظيفة المطلوبة. واذا كان هذا الشرط ياتي من بعض بسطاء وعامة الناس يمكن تفهمه والبحث عن حلول له. لكن أن ياتي هذا الشرط من من مراكز اعلامية معروفة ومن شخصيات عربية معروفة حينها تكون الطامة الكبرى. وتكمن خطورة هذه الطامة لان هذه المراكز وهذه الشخصيات هي التي ساهمت بجهد كبير في صناعة هذا الاجواء المريضة لدى عامة الناس من البسطاء. مع علمها الاكيد بالنتائج الكارثية التي تترتب على مثل هكذا ثقافة فاسدة ومفسدة. وهذا يضر امتنا العربية قبل غيرها، ويذبحها على الطريقة quot; الزرقاوية quot; من الوريد الى الوريد. ولمصلحة من هذه الجرائم بحق أنفسنا!!؟ ثم ليس بعيد ان ياتي اليوم الذي يكون فيه السوال التحريري الاول وليس الشفهي يكون بالصيغة التالية ( قدم نفسك اولا.. سني او شيعي ). بغض النظر عن انسانيتك وعن امكانياتك العلمية والمهنية والشخصية.
محمد الوادي
[email protected]
التعليقات