عندما سلطنا الضوء على الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الكرديه في كركوك وباقي مناطق شمال العراق ووسطه، ذلك لا يعني أننا نستهدف مكونا أصيلا من مكونات الشعب العراقي وهو الشعب الكردي والذي هو جزء مهم وأساسي من شعبنا العراقي، لكننا حاولنا أن نميز بين جرائم الميليشيات الكرديه والتي ترتكب بأسم الاكراد وبين أبناء شعبنا الكردي المظلوم في شمالنا الحبيب،هذا الشعب الذي يحاولون سلخه من مكانه الطبيعي والسير به الى الهاويه، فبأسم هذا الشعب أبتزوا العراق وبأسمه تأمروا على العراق وبأسمه خانوا العراق وبأسم هذا الشعب قاموا بعمليات قتل وأبادة وعمليات تطهير عرقي وتهجير يندى له جبين الانسانية.
لقد راهن قادة الميليشيات الكردية على الامريكان كما راهنوا من قبل على نظام الشاه المقبور وعلى أسرائيل وحتى على بعض الكيانات العربية الهزيله التي تظمر الحقد والشر للعراق، لكنهم نسوا أو تناسوا أو هو غباء وتخبط تأريخي ملازم لهم، حقائق التأريخ وخفايا السياسة وبواطنها لانهم ظنوا أن المجاملة السياسيه الامريكيه لهم هي نوع من الوعود لتحقيق أحلام مريضه لا زالت تراودهم فأعتقدوا وهذا جهل تام بأن الامريكان يمكن أن يفرطوا بالعلاقة السيتراتيجيه مع الحليف التركي الأقليمي المهم العضو في حلف شمال الاطلسي لهم معه عقود من العمل المشترك وتبادل المنفعة والمصالح ويفضلون علاقة مع كيان مصطنع غير مستقر وغير شرعي أساسا، ميليشياوي قمعي، عنصري، لا يؤمن بالتعدد السياسي ولا العرقي، مشاكس، كثير الابتزاز، أصبح مصدر لتوتر العلاقه مع الحليف التركي والمنطقة عامة.
ونتيجة لجهل هذه القيادة الميليشياوية المزمن فقد نسوا بأن الأمريكان كانوا أول من شجع الشاه على أبرام أتفاقية الجزائر والدور المهم الذي لعبه وزير خارجية أمريكا الاسبق كيسنجر وبتوجيه أسرائيلي في تلك الأتفاقية التي قصمت ظهر التمرد أنذاك فأختفت العصابات بسرعه وتبخرت وكأنها لم تكن موجوده أصلا وخلال فترة الحرب العراقيه الايرانيه لم يكن لهذه العصابات أي ظهور ملحوظ على مجريات تلك الحرب، نظرا لظروف تلك الحرب وأهدافها ونتائجها وهذا دليل بأنها ورقة تستعمل فقط وقت الطلب وليسوا أصحاب عقيدة أو ثوار أحرار.
أما ظهور هذه الميليشيات وبشكل لافت بعد حرب الخليج الثانية وما رافقها من أنعكاسات على مجمل أوضاع المنطقه،والدعم والاسناد الذي حظيت به في سبيل أنشاء كيانها القمعي الغير شرعي لهو دليل أضافي أخر بأنها عصابات مأجورة تظهر وتختفي وحسبما تتطلب الحاجة لها في دوائر صنع القرار العالمية، وقد تم الان استنفاذها وحرق ورقتها الاخيره وما الاتفاق الامريكي التركي في ضرب معاقل التمرد في شمال الوطن واستمرار حشود القوات التركية لمنع أي ابتزاز تقوم به هذه العصابات للسطو على كركوك التي أصبحت الان قضية أقليمية بأمتياز الا دليلا على بداية تقليم أظافر هذه الميليشيات، حيث أصيب قادة الحزبين وعملاءهم نتيجة للاتفاق المذكور بهستيريا أضافة لعدم تطبيق الماده 140 من ما يسمى بالدستور،الذي كانوا أحد كتابه وهذا دليل أخر على فشل نواياهم وأندحار أحلامهم المريضه في خطف هذه المدينة العراقيه الاصيلة بكل مكوناتها،ونتيجة لهذا التخبط والاحباط والشعور بالنهاية المحتومة فقد قام أحد قادة هاتين الميليشيتين بالسفر الى كركوك وحث المستوطنين الذين تم جلبهم الى المدينة على التعدي وأنتهاك حرمات العراقيين الاخرين المقيمين في المدينة الرافضين لأي مساس بوحدة العراق والعراقيين وهذا دليل أخر على حالة الانهيار التي بدأوا يحسونها وفي نفس الوقت تحريض منه على العنف وأثارة النعرات العرقيه والطائفية وهذا هو معدنهم مهما تخفوا خلف واجهات أو مسميات علمانية أو ليبرالية.
ان نهاية هذا الكيان المصطنع الذي فرضوه على العراقيين عامة والاكراد خاصة سوف تكون على أبواب كركوك ومنها سوف تكون صحوة حقيقية لأهلنا في شمال الوطن لتنظيف كل شمال العراق من العصابات والخارجين على القانون والمتاجرين بقضية شعبنا الكردي الاصيل وهي أصلا قضية ثقافية ضخمت لأسباب دولية خارجية تلقفها وصدقها بعض المرضى الراغبين في الزعامة وتكريس تفوق عشيرة وتسلطها على مقدرات شعبنا الكردي حبا بالنفوذ والسيطره وأستعبادا للبسطاء، تعالج فقط في أطار العراق ولا أحد ينكر حقوق الاكراد الثقافية وحقوق كل القوميات الاخرى التي تعيش في هذا الوطن.
لقد رسب هؤلاء المتاجرين بحقوق ودماء شعبنا الكردي في أمتحان الولاء المطلق لأمريكا لأنها تعاملت معهم كما تعاملت مع عصابات الكونترا والمجاهدين العرب في أفغانستان الذين أستعملوا ضد الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها من المنظمات والاحزاب التي نالت الدعم الامريكي لتحقيق مصالح أمريكيه حتى وأن أختلفت الاجندات لكن تبقى الخيوط بأيدي الذي قدم الدعم يسحبها متى شاء، ويحضرني قول لأحد السياسيين العراقيين عندما سأل من أحد الصحفيين عن وضع كركوك ومطالبة الاحزاب الكرديه بها، قال سوف نسمح لهم فقط بالبكاء عليها ونحن نقول سوف يسمح العراقيون لكل الأنفصالين بالبكاء فقط على أخر نقطة حدودية في شمالنا الحبيب عندما يطردوا منها وعلى يد أبناءها أولا.
حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات