يعد علماء النفس الدكتاتورية على إنها نتاج طبيعي لطبقة (الهو)البنية التحتية للنفس البشرية وان الظروف والأجواء المحيطة هي التي تسهم في تقلصها إلى أن تصل إلى اوطا درجة كما نشاهد في الأنظمة الديمقراطية الراقية والعراق كبلد قديم شهد تراثا دكتاتوريا طويلا وعرف أنماطا استبدادية معقدة الأمر الذي طبع الشخصية العراقية بطابع خاص جعلها مجبولة على إنتاج الدكتاتور وبالتالي نجد أن سلوك العراقي يبدوا وكأنه يختلف حسب موقعه في هرم المسؤولية فهو يميل إلى الدكتاتورية عندما يكون حاكما ويفعل العكس عندما يكون محكوما حيث يميل ل الخضوع الشكلي لسلطة الحاكم دون أن يكون في الواقع ميالا له ونتيجة لذلك يمارس دور التابع المطيع حتى يتجنب الأذى أو يكسب المنافع لكنهم لا يتوانون عن الانتفاض عليه ورفض سلطته ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ما يجعل الحكام يتشددون في دكتاتوريتهم ويتطرفون في قسوتهم حتى أصبحت الدكتاتورية في العراق في أبشع ما يكون ففي العراق دون سواه ظهر الولاة الدمويون من أمثال الحجاج والقسري وفي العراق برزت أكثر الحوادث دموية ك كربلاء و الأنفال وغيرها وأكثر الرؤساء العرب فردية بغض النظر عن أي تقدير ل سلوك بعضهم ك بكر صدقي وعبد الكريم قاسم وصدام حسين وبالتالي فان احتمالية ظهور مثل هؤلاء هو شيء كثير الاحتمال وربما تشهد الساحة السياسية نماذج صغيرة من ذلك لا يستبعد أنها ستتضخم متى ما وجدت فرصة لذلك ففي ظل مجتمع صانع للدكتاتورية لا يمكن أن نتجاهل إمكانية عودة الدكتاتورية من جديد وأكاد اجزم أن المانع الحالي لعودتها ربما ينطلق من وجود القوات الأميركية لاغير أي أن عودة الدكتاتورية سيكون أمرا مرجحا عند خروج القوات الأميركية من العراق فما يجري في العراق من تحشيد وعسكرة ربما يكون نذيرا بعودة هذا الأمر طال الزمان أم قصر ولعل مايحصل هو نوع من الاستعداد لهذه المرحلة المتوقعة حيث نجد زحمة في الأسماء النافذة التي لن يقبل اغلبها بدور ثانوي في العراق بل ربما هي تنتظر الفرصة للوثوب والانقلاب على الوضع الحالي ورغم أن المخاطر متعددة وقد لا تأتي من جانب واحد إلا أن القابضين على السلطة وحلفائهم ومعارضيهم المدججين بالسلاح يمتلكون فرصة لتحقيق ذلك أولا بالطرق على وتر الانسحاب الأميركي الذي ربما يخلب الباب بعض الأوساط الشعبية والعربية وبالمناداة بإصلاح العملية السياسية أو تعديل الدستور وبتحشيد القوى الدينية والعشائرية ومع أن لبعض هذه المطالب مبررا ووجاهة إلا أن إطلاقها في هذا الوقت بالذات يثير الكثير من الشكوك حول النيات الحقيقية لأصحابها وحتى لو لم يحصل مثل هذا الأمر فان البلد مهدد بسيناريوهات عدة أبرزها حصول انقلاب مصدره المؤسسة العسكرية النامية أو هيمنة الروح الطائفية من جديد وعودة التيارات الدينية ك القاعدة وغيرها إلى الساحة مجددا سيما مع وجود أمراء المسلمين والمؤمنين أو نشوب صراع قومي بين العرب والأكراد أو حرب أهلية تشارك فيها مختلف الإطراف العراقية وإذا علمنا أن الفوضى هي اخطر ما يهدد العراقيين فان ممانعة العراقيين لعودة الدكتاتورية لن تكون موجودة وربما سيمقتون أي نزوع مستقبلي لتشييد نظام ديمقراطي مجددا لأنه سوف يذكرهم بالتجربة الحالية التي ستكون حينذاك في خانة الماضي أن المطلوب أن يعي كل السياسيون مخاطر هذا النزوع المحتمل وان يسعوا لإيقافه بكل الوسائل الممكنة لان الحكم أمانة في أعناقهم ولابد أن يؤدوا هذه الامانه على أكمل وجه لكن هذا لايمنع من مطالبة القوات الأميركية بتحمل مسؤولياتها القانونية والأدبية و عدم السماح بحصول ذلك من خلال إصلاح مسار العملية السياسية ووضع ضمانات دستورية وقانونية وإجرائية ملائمة يمكن أن تقلص من إمكانية حصول مثل هذا الخرق لان الهدف الحقيقي من المطالبة الملحة بوضع نهاية للوجود الأميركي في العراق ربما يختلف عن الهدف المعلن ولن يشفع لأميركا أنها تلقت الطلب من حكومة منتخبة لان الأساس هو ضمان ديمومة العملية الديمقراطية وليس تنفيذ نزوة حكومية فأميركا لابد أن تتحمل مسؤوليتها وإلا فإنها ستواجه حكم التاريخ العادل.

باسم محمد حبيب