هذا العدد ليس عسكر، بل هو عدد جيش المتطوعين في الدنمارك..!
المقصود بالتطوع : هو القيام بخدمة للمجتمع بدون مقابل نقدي.
قبل يومين، تحدثت مع صديق دنماركي عن المتطوعين وأعدادهم في الدنمارك، وحين ذكرت له الأرقام، بدا غير مصدقا، وقال لي إنها أرقام مبالغ بها..!
لكن المضحك، هو إن صديقي يقوم بعمل تطوعي دون أن يعتبر نفسه منتميا إلى جيش المتطوعين، من خلال مساعدة بعض الأطفال في حل واجباتهم المدرسية في بعض المواد التي يعانون صعوبة في فهمها..!
سبب عدم وعي انتماءه للمتطوعين،هو انه يعتبر نفسه هو المستفيد أولا من تطوعه، من خلال مايقدمه له التطوع من علاقات اجتماعية، مع الآخرين بلا التزامات وظيفية، أو مادية،سد ساعات الفراغ والوحدة وبالتالي راحة نفسية له،وحين ينتهي من ساعات عمله التطوعي يقول للأطفال: شكرا لكم ولحضوركم اليوم، لقد أمضيت وقتا ممتعا، جعلني أحس بإنسانيتي وفائدتي أكثر، إلى اللقاء..!.
هكذا يفهم الدنماركيون quot; التطوع quot;
ولكي يكون الكلام علميا، مفهوما، وأكثر فائدة سأذكر بعض الأرقام عن المتطوعين في الدنمارك استقيتها من مركز المعلومات الاجتماعي في الدنمارك quot;
Socialforskningsinstituttet
عدد المتطوعين: 1،5 مليون إنسان، من عدد السكان الإجمالي الذي يقارب 5،4 مليون نسمة. أي 35% من عدد السكان.
نسبة الرجال المتطوعين 38%
نسبة النساء المتطوعات 32%
نسبة 41% هم من الأعمار مابين 30 ـ 49 عام
نسبة 45 % هم من حملة الشهادات العليا، الذين يعملون متطوعين، بعد الانتهاء من عملهم الوظيفي اليومي، وهؤلاء يرغبون في المساعدة الطوعية أكثر مما يقومون به، لولا ساعات عملهم الوظيفي.
هنالك مراكز خاصة في الدنمارك يقوم من خلالها الراغب في التطوع، بالبحث عن عمل تطوعي، يناسبه ويكون من خلاله ذو فائدة للمجتمع، هذا يعني إن الراغب بالتطوع، يجب علية أن يحدد الاختصاص، وعدد الساعات والأيام التي يرغب بالعمل التطوعي من خلالها.
بدءَ العمل في quot; فكرة التطوع quot; في الثمانينات، عندما بدء السياسيون الدنماركيون بالترويج والدعوة، لان يقوم الشعب بمساعدة بعضة البعض.
حاليا هو علم مستقل بذاته، يسمى باللغة الانكليزية quot;
Communitarianism
أي المجتمعية، وهي ضد الفردانية.
هذه الفكرة التي صارت داعما عملاقا في بناء الإنسان الدنماركي والمجتمع لم تكن فكرة دنماركية، بل هي من الأفكار التي استعارها الدنماركيون وطوروها بما يتلاءم ومجتمعهم.
رواد الفكرة الأوائل عالميا، هم أربعة علماء وأساتذة من بلدان مختلفة بدءوا بفكرتهم في العام 1980وهم على التوالي:
Madntyre اسكتلندي:
Sandelأمريكي، بروفسور بهارفارد:
Taylor فيلسوف كندي :
Etzioni ألماني، أستاذا جامعيا في جامعةrdquo;بيركليquot; في كاليفورنيا:
أماكن عمل جيش المتطوعين
ليس من الصعب رؤية هؤلاء المتطوعين،في المدن، فاغلب، أو كل العاملين، في محلات الأشياء المستعملة، ملابس وأحذية وغيرها، التابعة للصليب الأحمر الدنماركي quot; والتي سنخصص حلقة كاملة لها quot;،هم من المتطوعين.
عدد كبير يناهز إل 27% يعملون في مساعدة الآخرين في التمارين والرياضات المتنوعة.
ف
ي مساعدة كبار السن،من خلال اللقاء والحديث، تبديد أجواء الوحدة أو إعداد الطعام،أو ذوي الاحتياجات الخاصة من معوقين أو ماشابههم،المراكز الثقافية والمكتبات، والمدارس ومساعدة الأطفال ممن يحتاجون مساعدة في حل واجباتهم المدرسية، متطوعون في مساعدة الأجانب في تعلم اللغة الدنماركية، أو المجتمع، أو حتى في الإرشاد في كيفية البحث عن عمل.امرأة دنماركية تساعد طفلة
الأكثر انتشارا هي مجموعات المنطقة السكنية الواحدة، في تنظيف أو تزيين، اواعداد احتفال وسوق خيري.
في المدارس : إذ يقوم الطلاب الأكبر سنا في مساعدة الصغار في دروسهم وواجباتهم، أو مساعدتهم في حل مشاكساتهم، وعراكهم مع الأطفال الآخرين.
مشاهد مألوفة
من المشاهد الشائعة في مدارس الدنمارك، وعند بداية العام الدراسي الجديد هي رؤية الطلاب في الصفوف المتقدمة،متطوعون، بملابس خاصة، وشارات المرور، لتعليم ومساعدة طلاب الصفوف الأولى قواعد العبور من الشوارع ومساعدتهم في تجنب مخاطر السيارات.
نتائج التطوع:
1ـ استغلال طاقات الأفراد لفائدة المجموع.
2ـ العمل التطوعي: يخفف العبء عن ميزانية البلدية أو الدولة، التي هي ميزانية الجميع.
3ـ إحساس الأفراد بانتمائهم الفعال للمجتمع، من خلال نتائج جيدة في العمل التطوعي.
4 ـ الغذاء الروحي، الذي يمنحه اللقاء بآخرين، يحترمون ويقدرون جهدك التطوعي.
5ـ المثال الايجابي، الذي يزرعه الكبار للصغار في مواصلة العمل.
6ـ تعزيز روح المبادرة، والإيثار، وإن تطور المجتمع، هو بتكاتف الأفراد وعملهم سوية.
7 ـ...الخ من الأمور التي قد نعرف نتائجها الايجابية مستقبلا.
ختاما
قد تلتقي إنسانا quot; دنماركيا quot; تسأله أن كان يعمل الآن؟ ويجيبك بأنة لايعمل الآن، بسبب المرض، أو العجز، أو أمور أخرى،quot; ولهذا تحميه قوانين النظام الاجتماعي، في توفير السكن، والغذاء، والصحة quot; ولكنه يستدرك بأنه يقوم بعمل تطوعي، في مكان ما.. قدر استطاعته، كواجب للمجتمع الذي يرعاه في ظروفه الخاصة.
ضياء حميو
[email protected]
التعليقات