أطلق الأميركيون تسمية عصر الكآبة أو النكوص (Great Depression) أو الكآبة العظيمة على أواخر العقد العشريني و العقد الثلاثيني من القرن الماضي،بسبب الكساد والتدهور الاقتصادي الذي بدأ في يوم التاسع والعشرين من شهر أكتوبر عام 1929 والذي سمي بيوم (الخميس الأسود) وأمتد حتى عام 1939، الكساد ذلك بدا في أميركا لكنه وبسرعة فائقة انتشر في أوربا والعالم أجمع بكل أنواع الفقر والجوع والبطالة والاضطرابات السياسية التي أنتجت بالتالي الحركة النازية في ألمانيا،وصعود الأيدلوجيات اليسارية المتطرفة التي تعادي الفكر الرأسمالي بكل أنواعه والحروب التي ترتبت بعد ذلك.

يمر الآن العالم بأخطر مراحله الاقتصادية والاجتماعية بسبب ما يعرف بالأزمة المالية والتي بدأت أيضا في شارع الأموال والبورصات الأميركي وول ستريت والذي أسماه أحد المعلقين بجدار الغني والفقير في إشارة له لأسم الشارع.

لكن العالم اضافة لما يعانيه من الكساد في نصفه الغني الذي يسند فقراؤه في الحياة عبر المساعدات والتبرعات الإنسانية ووفقا لاعتبارات أمنية خاصة،فأن الإرهاب الأصولي الإسلامي قد وجد درة ما وجد في هذا الاحتقان المصيري المتعلق بحياة مليارات من البشر،نراه يضرب في الصميم مدينة مومباي الهندية ذات التأريخ الإسلامي الجميل،تعبيرا ً عن أيدلوجيته الكارهة للبشر والإنسانية في التدمير المبالغ به في القتل والإمعان في الغوص بدماء الأبرياء وتفجير أبناء أدم وحواء الذين وحسب السماويات قد بعثوا الى الأرض لتعميرها.

لذا فان قتل البشر في المقاهي والفنادق والمرافق السياحية العامة والأسواق الشعبية والدور السكنية قد اصبح سيمة هذا العصر الكئيب بأخلاقه الخارجة عن التوقعات،ففيما أشد الغربيين صلافة واعتزازا بأهميتهم ينتخبون رئيسا لهم دون التفكير بلون بشرته ودينه وأصوله، نجد الإسلاميين المتشددين يقتلون الناس لأنهم أميركان أو بريطانيون أو أستراليون، دون التفكير ولو للحظة واحدة بعواقب الفعل الإجرامي من قبل (المنفذ) الذي ُحشي رأسه بممتلكات الجنّة الواسعة التي لا يدخلها سواه وأمثاله من الهمج الرعاع الذين تخرجوا من مدارس ُتعلم الكراهية والعنصرية الدينية،تلك المدارس التي تتكاثر هنا في استراليا وفي جميع أرجاء العالم الغربي الديمقراطي الذي تحترم دساتيره حرية الإنسان وكيانه وصيرورته وتجعل من المقدس موضوعا علميا ً وليس فهما سلطويا ً بلا معنى.

انه ليس عصر كآبة فقط،حين يتحالف العوز والفقر والجوع مع الإرهاب والتخلف والمخدرات وموسيقى الشوارع مع التكنولوجيا المتوفرة بأموال مصدرها الأرض وليس الإنسان،انه عصر نهاية البشر كنوع متفرد عاقل بين الحيوانات التي تعيش على سطح هذا الكوكب المريض وفي داخل محيطاته المائية الواسعة المتعرضة للانقراض.
وتقولون أية كآبة...؟؟

واصف شنون