تشهد الرابطة التونسية لحقوق الإنسان مداولات ونقاشات داخلية تتجه نحو الضغط على القيادة الحالية للحوار مع الجناح المنشق داخلها وإيجاد تسوية تسمح للرابطة بعقد مؤتمرها القادم والعمل في كنف القانون والشرعية التي ظلت تفتقدها منذ مؤتمرها الشرعي الأخير في نهاية أكتوبر عام 2000 .
وقد أصدرت الرابطة يوم 12 ماي 2008 بيانا تعلن فيه قبولها الانصياع إلى الحوار مع القواعد المنشقة طبق ما ينص عليه القانون الداخلي من اجل التوصل إلى أرضية تسمح بتجاوز الخلافات والحوار مع الجميع مع الحفاظ على استقلالية المنظمة عن السلطة وعن باقي الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة وبشكل يجعل منها رابطة حقوقية ترصد حقوق الإنسان وتدافع عنها بعيدا عن التوظيف السياسي والسياسوي الداخلي أو الخارج .
وقد جاءت هذه التطورات بعد تتالي الضغوط الداخلية من فروع الاحتجاج على تصرف الهيئة المديرة الحالية التي يرأسها المحامي المختار الطريفي الذي يعيب عليه المعارضون له أنه وظف الرابطة توظيفا يساريا أبعدها عن صبغتها الأصلية التي تأسست عليها في نهاية السبعينات وهي الحرص على الوفاق الوطني والابتعاد عن التوظيف الايديولوجي والسياسي المفرط .
كما يعيب هؤلاء على القيادة الحالية قيامها قبل المؤتمر المقرر في سبتمبر 2005 بالتلاعب بالنتائج وحذف بعض فروع الرابطة ودمج أخرى بشكل أريد منه إسكات الأصوات المعارضة له وقمع الوجوه المعروفة بقربها من السلطة ومحاباة الفروع الموالية للجناح الذي يرأسه الطريفي وهو الجناح المعادي للسلطة والساعي إلى التنسيق مع جمعيات ومنظمات معارضة من أقصى اليسار وأقصى اليمين إلى جانب منظمات أخرى بالخارج تغدق التمويل على القيادة الحالية غير الشرعية للرابطة مما شكل مسا باستقلالية قرارها وتوجهاتها وزاد في ربطها بالأجندات الخارجية في العلاقات مع عدة بلدان غربية لها أجنداتها المختلفة في المنطقة المغاربية أو المنطقة العربية ضمن شرق أوسط جديد .
وتشق صفوف الرابطة انقسامات وتجاذبات أهدافها انعكست في النقاشات الحادة التي شهدتها هذه المنظمة الحقوقية على مدى الأشهر الأخيرة على خلفية تجديد السلطات تاكيد رغبتها في التوصل إلى حل وفاقي بين مختلف الفرقاء داخل الرابطة وهو أمر سحب البساط من تحت أرجل المزايدين ودعاة التصعيد مما جعل نقاط التفاهم تلتقي بين هذه التيارات التي تمثلها الفروع المحتجة على مستوى إقليم تونس العاصمة وجناح اصحاب العريضة الموقعة من مائة مناضل من أبرز الحقوقيين على الساحة لإيجاد مخرج مشرف للأزمة إلى جانب التيار الثالث الذي تقدم بقضية عدلية إلى المحكمة في سبتمبر 2005 لمنع القيادة الحالية من التصرف في الرابطة ووضع حارس قضائي عليها وعلى ممتلكاتها يتصرف فيها لمنع تجاوزات واخلالات التسيير والتصرف المسجلة على المستوى المالي وعلى مستوى خرق القوانين الداخلية للرابطة والقوانين المنظمة على المستوى الوطني للعمل الجمعيات وطرق تسييرها وتمويلها .
وحسب المصادر المطلعة فإن النية تتجه إلى تجاوز الخلافات بعد تعميم الحوار مع الفروع وفتح المقرات الجهوية بالتنسيق مع السلطات والبدء في التحضير للمؤتمر السادس المعطل بعد عقد مجلس وطني تحضره الهيئات القائمة التي تضم 24 فرعا داخل الجمهورية والهيئة المديرة فيما تحضره الأطراف الأخرى المحتجة )أصحاب القضية العدلية والموقعون على بيان المائة (بما يعنى أن هناك توجها لسحب القضايا العدلية المرفوعة من قيادين ومناضلين ضد الهيئة الحالية للرابطة .
ويبدو أن الضعط الداخلي الذي تعرضت له الهيئة المديرة الحالية قد دفعها إلى التعامل بواقعية مع الفروع انضافت إليها الرغبة الصادقة المعلنة منذ مدة من جانب السلطة لمساعدة القيادة الحالية على تجاوز الصعوبات التي تواجهها والوصول إلى حل توافقي يعمل على صيانة الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي أكد الرئيس زين العابدين بن علي في العديد من المناسبات على ضرورة الحفاظ عليها لعل أخرها الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان حيث أكد أنه raquo; يعتبر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان مكسبا وطنيا وجب الحفاظ عليهlaquo; داعيا الجميع إلى تجاوز الخلافات وتحقيق أرضية توافقية تحافظ على وحدة هذه المنظمة العريقة وتجعلها في خدمة مبادى حقوق الإنسان وتكريسها في أرض الواقع بعيدا عن المزايدات الأيديولوجية أو التوظيف الذي لا فائدة منه لمصلحة البلاد والمسيرة الجمعياته والحقوقيته في تونس .
وحسب المطلعين فإن الرغبة الصريحة للسلطة في إيجاد مخرج للقضية قد تفاعلت معها القيادة الحالية للرابطة من خلال سلسلة من اللقاءات تمت بينها وبين رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية السيد منصر الرويسي مما سمح بإذابة الجليد المتراكم سواء في العلاقة مع السلطات أو داخل أجنحة الرابطة ومنها الجناح المتصلب المرتبط مع الأجندات الأجنبية والقريب من رئيس الرابطة مختار الطريفي والذي قد يكون وجد نفسه في منطقة الزوابع التي تفرض عليه التعامل مع حقائق الواقع بكل أريحية وروح توفيقية لإخراج الرابطة من عنق الزجاجة الذي أوجدها فيها فريق عمق من الانقسامات وراهن على التحالفات الداخلية والخارجية المشبوهة واستعدى السلطة القائمة التي ما انفكت تدعو إلى تغليب روح العقل والوفاق والمصلحة الوطنية قبل أي اعتبار ظرفي أو إيديولوجي وهو توجه وجد في آخر المطاف أذنا صاغية لدى القيادة الحالية التي رضخت للأمر أمام مختلف تحولات المشهد الحقوقي داخليا وخارجيا.
العربي الصحراوي/ تونس
التعليقات