لعل واحدة من أهم متعلقات الجولة التسخينية الأخيرة في لبنان و التي إنتهت بإبرام إتفاق ( الدوحة ) الذي مهد الطريق لسد الفراغ الرئاسي في لبنان و البدء بجولة جديدة من الصراع السياسي بين مختلف الفرقاء هي ( الشوارب )!! و تحديدا شوارب الزميل الصحفي الكويتي الأستاذ ( فؤاد الهاشم ) الذي دخلت شواربة موسوعة الصحافة الخليجية و العربية و أضحى موضوع حلاقة نصفها وهو التعهد الذي أقسمه إن نجحت الدوحة في جمع اللبانيين أكبر بكثير من حكاية تعهد الرئيس العراقي السابق بحرق ( نصف إسرائيل )!! في مرحلة ما قبل ( حرب غزو ثم تحرير الكويت )!
فؤاد الهاشم بتعهده المنبثق من مقال ساخر عرف به و تميز ألهب عالم الصحافة الخليجية وحيث خرجت الصحف القطرية قبل أيام وعلى صفحاتها الأولى صورة للهاشم وهو بنصف شارب!! وهو بمثابة الرد على تعهداته!! بل أن بعض وسائل الإعلام طالبته بتنفيذ تعهده و البر بقسمه و إزاحة نصف الشارب!!
وهي مطالبة غريبة تنم عن حالة واضحة من التشفي و الغرائبية أيضا؟ فهل من المعقول أن تجند كتائب الإعلام القطري لمهاجمة و متابعة كاتب ما بكل هذه الحدة و المتابعة، وهل بحلق شوارب فؤاد الهاشم ستزاح بصورة سحرية كل العثرات و المخاطر التي تهدد مستقبل السلام الأهلي في لبنان؟ إذ أن إتفاق الدوحة الذي جاء بتنسيق واضح من دمشق وطهران لم تختبر صلابته الحقيقية بعد خصوصا و أن زعيم النصر الآلهي ما فتأ يؤكد من أنه جندي مطيع في حظيرة ( الولي الإيراني الفقيه )!! و بما يؤكد من أن إشعال الموقف في لبنان يمكن أن يتم في أي لحظة يقرر فيها ( الولي الخراساني الفقيه ) تغيير قواعد اللعبة! ساعتها ستظهر عشرات الآلاف من سواعد ( حزب خدا ) المسلحة و تغير كل جوانب الصورة الوردية وهي تصرخ بهستيريتها المعروفة : ( خدايا تا إنقلاب مهدي.. خامنئي را نكهدار )!! أي حتى ظهور المهدي إحفظ لنا الخامنئي!! فهو كما تعلمون نائب الإمام الغائب، وحجة الله على أرضه! و طاعته عبادة و عصيانه كفر و فسوق!، أي أن السلم الأهلي في لبنان معلق بخيوط هي أوهى من بيت العنكبوت كما أنها بالقطع أقل سماكة من شوارب ( فؤاد الهاشم )!! التي تطالب الصحافة القطرية بإزالتها لأنها عقبة في طريق السلام في الشرق الأوسط!! و لكونها مضادة تماما للتضامن العربي و معرقلة لتنفيذ ستراتيجية التعاون العربي!!
و للشوارب في عالم العروبة السياسية الحديثة أسفار و أساطير و حكايات تروي حكاية السذاجة السياسية بكل جوانبها، فقد كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين من المروجين لسياسة الشوارب الغليظة الشبيهة بالنمط الستاليني! و كان البعثيون في العراق مشهورين بشواربهم الغليظة و الكثة حتى أنك لتعرف البعثي من شكل شواربه السوداء و لو كان كل شيء في جسمه و شعره أبيض!!، فقد كان صدام يردد على الدوام من أن ( اللي ما عندو شوارب مو رجال )!! وهو ما أرعب آخر وزير خارجية لنظامه اللاجيء حاليا في دولة قطر السيد ناجي صبري الحديثي الذي كان مشهورا بعدم تربيته لشواربه وحيث سرعان ما فهم الرسالة وما هي إلا أيام حتى ظهرت على وجهه شوارب يقف عليها الصقر بعد صباغتها بالأسود طبعا!!
و كثيرا ما كان صدام من خلال خطبه التهديدية لجيرانه الخليجيين يعيد حكاية ( الشوارب المرتجفة أو المهزوزة ) كدلالة على الغضب، و لكن حين وقعت الواقعة وحصل ما حصل لم نر لأهل الشوارب الكثة أثرا، بل إختفت الشوارب البعثية لتظهر اللحية السلفية التي لا تريد أن تجاور الشوارب أبدا!! لأن السلفيين يقولون من إطالة الشوارب هو تشبه باليهود!! فهل كان البعثيون يتشبهون باليهود ؟.. الله أعلم...
على كل حال يبدو أن دخول شوارب أهل الصحافة لحلبة إدارة الصراع الشرق أوسطي سيضيف للعبة عناصر جديدة من الكوميديا السوداء.. فقد علمنا التاريخ أن صناعته لا تتم بالشوارب الثقيلة.. بل بالأحذية الثقيلة..!.. و تلك هي المعضلة ؟.
داود البصري
التعليقات