في الثاني والعشرين من الشهر القادم ستُغني نانسي عجرم في الجزائر. نانسي وقبل اعتلائها منصة الحفل، اشترطت مائة بودي غارد لحمايتها من الجزائريين.لماذا؟

الجزائري دائما ما ارتبط اسمه في الخارج بالعنف والقتل والجَرَب، وهو مجرد إنسان مضطرب نفسيا ومريض صحيا، ويعاني من إصابته بأوبئة مزمنة انقرضت منذ قرون، في مقدمتها التيفوئيد والجذري والجرب. هذه الأمراض القروسطية تتفشى نتيجة الفقر المدقع والعيش مع الجذران والاقتتات من مكبات النفايات.

لهذه الأسباب كلها فإن المُعقّمَة والمُلقّحَة نانسي تنوي إقامة جدار برلين العازل الذي سيفصلها عن مصدر تلك الأمراض، فهي تريد جيوب الجزائريين لا عدواهم، ولا عجب في هذا، لأن وزارة الثقافة الجزائرية ستدفع لها مليوني دينار جزائري (200ألف يورو) كما دفعت 800ألف يورو للقديسة ماجدة الرومي.

كي أكون واضحا لسْتُ ضد الغناء ولا ضد نانسي. وبالرغم من الانتقادات اللاذعة التي تطال استعراضاتها الموحية جنسيا إلا أن هناك الملايين من المراهقين الذين يعشقون سماع أغانيها. مشكلتي مع هذه السلطة التي فقدت صوابها، مع تكدّس المليارات من الدولارات في خزينة الشعب مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وأصبحت تنثُرها على كل أقوام العالم من الصومال إلى غزة إلى لبنان...إلا على الجزائريين البؤساء!!!

في هذه اللحظات التي أخط فيها هذه الأسطر يتعالج الطفل الجزائري منيب الذي يعاني من ورم سرطاني خبيث في ظهره، وهو بين الحياة والموت في مستشفى (مايو كلينيك) قرب واشنطن، هذا الطفل المسكين الذي ينحدرمن عائلة فقيرة، لم تُنقذه مليارات وزارة الثقافة، وإنما جمع له مواطنون جزائريون يعيشون في الخارج بعض الأموال ليؤمّنوا له تلك العملية الجراحية، فأيّ دولة هذه التي يموت أبناؤها من نقص الدواء والغذاء وتنثر أموال الشعب على...أخاصمك لا!

جريدة الخبر الجزائرية نشرت صورا لشيخ جزائري اتّخذ من قناة للصرف الصحي بيتا له منذ سنوات، والصحف المحلية تنشر أخبار مئات البؤساء الذين يقتاتون من مكبات النفايات والأوساخ. وتحكي قصص آلاف الشباب الذين يموتون شهريا في عرض البحر المتوسط وهم يحاولون الهروب من شبح البطالة والتهميش. فيما تنتفض المدن الجزائرية يوميا ويطالب شبابها بتحسين أوضاعهم المعيشية التي ازدادت سوءا في ظل فساد الإدارة المستشري.

ولا يسعني هنا إلا أن أطلب من نانسي أن لا تقوم بما قامت به المغنية الأمريكية مادونا وترمي لباسها الداخلي المتعرّق على من يقف وراء جدار برلين، لأن مكانه الحقيقي هو: داعمو هذا الجدار.

سليمان بوصوفه