احمد داوود اوغلوالذي لمع اسمه اخيرا كوسيط مفاوض بين اسرائيل وسوريا و من ثم بين حكومة بلاده و اكراد العراق هو مستشار رئيس الحكومة التركية اردوغان لشؤون السياسة الدولية الذي اعتبره احد المحللين quot; كسينجرالشرق الاوسط الجديدquot;، فيما قال عنه المدير العام السابق للخارجية الاسرائيلية ألون ليال في تصريح لجريدةquot; زمانquot; التركية انهquot; كان الاكثر مساهمة في المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل ابيب عبر دبلوماسيته المكوكية بين البلدينquot;.
وكان اوغلو كتب مقالا نشرته احدى الصحف التركية قال فيه quot; ان قطع تركيا لعلاقات عمرها 500 عاما مع الشرق، واتباعها سياسات غربية خلال ال 50 عاما الاخيرة، كان احد اسباب عزلتها و تراجع دورهاquot;.
الصحف التركية اجمعت على ان اوغلو سيتولى ادارة المفاوضات المرتقبة التي ستكون معقدة و تواكبها المفخخات التي ستنصبها اطراف متعددة، وتساءلت جريدة quot; يني شفقquot; المقربة من حزب العدالة و التنمية quot; عما وراء هذا الهوس التركي بالوساطة؟quot; مشددة على quot; ان حزب اردوغان الذي يواجه متاعب داخلية جدية سيكسب عبر هذا الدور الخارجي بريقا يحتاج اليه لمواجهة خصومه الذين يريدون قصم ظهره سياسياquot;.
وشكك المراقبون الاتراك بنجاح مثل هذه المفاوضات، اذ من غير المعقول ان يستجيب الاسد الابن لمطاليب اسرائيل بوقف تحالفه الستراتيجي مع ايران و بطرد خالد مشعل من دمشق او وقف تدفق الاسلحة على حزب الله و التخلي عنه، اورفع الغطاء عن ادواته الفلسطينية الاخرى مثل جبريل وغيره من المتشددين القابعين في دمشق على اهبة الاستعداد لتنفيذ المهمات الشاقة quot;.
واعتبر المحلل عاكف ايمري ان القضية الاصعب تكمن في مصادر المياه في الجنوب التي تريد اسرائيل الاحتفاظ بها و ان انسحبت بالكامل، مشيرا الى ان الفاتورة التي ستدفعها تركيا هي اعطاء المياه لسوريا وليس لاسرائيل.
وهذا بالتحديد ما اشار اليه المسؤول الاسرائيلي السابق ليال الذي قال في ندوة عقدت في انقرة تحت شعار quot; التوازنات الجديدة في الشرق الاوسط في ظل النظام الدولي الجديدquot; بقوله quot; ان تركيا ستكون وسيطا مهما في قضية المياه، ويمكن الان العودة للبحث في مشروع انابيب السلام الذي اقترحه الرئيس التركي الراحل تورغوت اوزال quot;.
ولعل الامر المثيرالجديد الذي يمثل تغيرا جذريا في الموقف السوري، هو كشف ليال عن ان وزير الخارجية وليد المعلم ابلغ الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارترفي دمشق انه quot; اذا اعطتنا تركيا مياها فيمكن ترك المياه في الجولان لاسرائيل بعد انسحابها منهquot;.
وكان ليال كشف في حوار مطول مع جريدة quot; زمانquot; عن تفاصيل الاتصالات السرية بين بلاده و سوريا، موضحا quot; ان الاسد طلب من اردوغان أثناء زيارته الى تركيا في يناير العام 2004 المساعدة في تجاوز الجمود في المفاوضات السورية ndash; الاسرائيلية quot; معتبرا quot; ان هذا الطلب يكتسب اهمية كبرى لانها المرة الاولى التي يطلب فيها بشار من احد ان يكون وسيطاquot;.
ويكشف ليال عن انه باشراتصالاته بهذا الشأن التي ضم اليها رجل الاعمال السوري ابراهيم سليمان الذي ينتمي الى نفس القرية التي تنحدر منها عائلة الاسد، وشارك في الاتصالات السفير التركي في دمشق أوغوز تشيليك كول.
ويؤكد ليال ان تخلي انقرة عن الوساطة كان بسبب الضغوط الاميركية التي عارضتها انذاك، و التي ادت الى وقفها في اغسطس من العام نفسه، الا انه- ليال- لم يتوقف و نقل المفاوضات السرية الى سويسرا التي انقطعت لاندلاع الحرب مع لبنان العام 2006.
الحدث الابرز برأي ليال هو ان تبادلا للادوار قد حصل حينما طلب اولمرت هذه المرة من اردوغان معاودة تفعيل الوساطة خلال زيارته لانقرة في فبراير العام 2007.
لقد سارع اردوغان الى التقاط هذه الفرصة التي تتيح له دورا جديدا على المستويين الاقليمي و الدولي واوفد كبير مستشاريه اوغلو الى دمشق ناقلا النبأ واستعداد اسرائيل للانسحاب من الجولان بشكل كامل.
وبحسب ما اورده ليال، فأن اردوغان نقل الى الاسد الشروط الاسرائيلية الثلاثة: quot; ابعاد مشعل عن دمشق،قطع الدعم عن حزب الله سياسيا و عسكريا و معنويا اي رفع الغطاء عنه بشكل تام، وقف التعاون العسكري مع ايران وحصره بالاقتصادي و السياسي.
رأت جريدة quot; ستار quot; التركية ان اعادة تركيب و تشكيل سوريا سياسيا و ستراتيجيا و اقتصاديا و اجتماعيا ستكون في اساس محادثات السلام التي ستديرها تركيا quot; مسجلة ان الحالة الجديدة في الصراع بين البلدين هي اتفاقهما المشترك على ان تكون تركيا الوسيطة و الطريق الى السلام بينهما الذي سيكون شائكا و شاقاquot;.
محمد خلف
التعليقات