يسكن على بعد مائة متر من مسكنى رئيس وزراء ولاية فيكتوريا السابق quot;جون كينquot; الذى حكم الولاية فى منتصف الثمانيات لمد تسعة اعوام متواصلة.. وفى مساء كل يوم يخرج الرجل احيانا بمفردة واحيانا اخرى فى صحبة زوجتة الى الشارع يمارس هوايتة المفضلة الا وهى رياضة المشى على الاقدام..
وبين الحين والاخر يتوقف الرجل لكى يحى احد الجيران او اى انسان اخر يتصادف رؤيتة فى الطريق العام.
ولم يحدث فى مرة واحدة ان رأيتة فى صحبة حارس او quot;بودى جاردquot; كما هو حال معظم كبار المسئولين السابقين فى مختلف دول العالم لانة ببساطة شديدة لا يخشى من شىء ولا يخاف من احد فقد كان الرجل والحق يقال كان يحكم بالقانون والعدل بعيدا عن المحسوبية والفساد والمجاملات.. ولم ينتهز وجودة فى قمة السلطة للكسب غير المشروع اونهب ثروات الولاية وتهريبها الى بنوك اجنبية خارج استراليا..
لقد كان الرجل _ ولايزال_ مجرد انسان عادى بسيط متواضع مثلى ومثلك ومثل بقية حكام استراليا المتواضعين وهو فى قمة السلطة والمجد.. لم ينعزل ا ويبعد عن الناس طيلة سنوات حكمة للولاية او يصبح الها لهم.. ولم يضيق بنقد وسائل الاعلام لة او معارضية السياسيين.. ولم يسكن فى قلعة محاطة بالاسوار العالية والحراس المدججين باحدث الاسلحة الاتوماتيكية وانما كان يسكن فى قلوب وعيون الناس جميعا بلا خوف او قلق او رعب من المجهول.
وعندما اتصادف بة وهو يمشى فى الشارع الذى اعيش فية فى احد احياء ملبورن (الذى يسكنة الغلابة من امثالى) اجد نفسى اسرح بخيالى واقول لنفسى : ياترى كام حاكم فى بلادنا العربية ممكن يعمل مثل رئيس وزراء ولاية فيكتوريا..يتخلى عن كرسية طواعية او اذا صوت لغير صالحة شعبة ويرجع يعيش مثل بقية خلق اللة وسطهم بدون كتيبة من الحراس والمصفحات والمدرعات بلا خوف او رعب او قلق؟؟ متى نسمع عن حاكم عربى او مصرى عندة استعداد لكى يترك مقعدة لغيرة بدون انقلاب عسكرى يجبرة على ترك الحكم او بدون تدخل من السماء؟؟
واحيانا اشطح بخيالى واقول لنفسى : معقول واحد زى الرئيس مبارك يرضى يستقيل برغبتة وكامل ارادتة ويرجع يمشى وسط الناس بدون خوف يشرب القهوة ويتبادل الاحاديث معهم فى النادى ويقف فى الطابور عشان يشترى كام رغيف عيش او فرخة او ساندوتش فول او طعمية.. معقول ممكن الرئيس مبارك يسيب الحكم ويتخلى عن جيش الحراس والبودى جاردس الذين يصحابونة فى كل مكان ويرجع مرة تانية المواطن المصرى البسيط محمد حسنى مبارك..؟؟!!
بالمناسبة اود ان اؤكد ان quot;جون كينquot; ليس ظاهرة فريدة من نوعها فى استراليا وانما هو امر طبيعى جدا ومألوف يحدث لجميع الحكام الاسترال وكبار المسئولين ففى اثناء توليهم الحكم والسلطة يعتبرون انفسهم خدام للشعب وليسوا الهة يعبدون وتقدم فرائض الطاعة العمياء لهم.. وايضا يعتبرون الوظيفة مجرد تكليف من الشعب لتحقيق رغباتة وتطلعاتة وطموحاتة فى حياة كريمة طيبة ومستقبل افضل. وعندما يصوت الشعب لهم يستمرون واذا صوت ضدهم يتخلون طواعية عن الحكم ويرجعون لحياتهم الطبيعية مرة اخرى.
صبحى فؤاد
استراليا
الاحد 30 يونيو 2008
التعليقات