في الرابع من يوليو كل عام يحتفل ملايين الولايات المتحدة الثلاثمئة ومعهم كثير من شعوب العالم بعيد الإستقلال الأميركي عن بريطانيا العظمى، والإتحاد الاول، وإرساء الديقراطية في العالم الجديد عام 1776.. في هذا اليوم..
كل عام والولايات المتحدة الأميركية بخير..
كل عام والعلم الأميركي مخطط بالأعراق..
كل عام والشعب الأميركي يصنع الحرية ويصدر الأفكار وينشر ثقافته في العالم..
كل عام واحترام الأديان والأقليات وحقوق الإنسان (طبعا داخل الولايات المتحدة) سائد..
كل عام والقوانين المدنية تصنع المساواة بين أبناء الشعب الأميركي..
كل عام والفرص الإقتصادية مفتوحة للجميع..
كل عام والإنتخابات الدورية لا تعرف تأخيرا ولا تأجيلا ولا تمديدا لرئيس ولا توريثا لزعيم..
كل عام والرئاسة تشهد تنافسا بين الجنسين ومختلف الأعراق والديانات دون تمييز إلا في السياسة..
كل عام والمنتجات الأميركية على اختلاف أنواعها تسود العالم وتتنافس مع قوى الإنتاج العالمي.
كل عام والتقنية الأميركية في الإلكترونيات والكومبيوتر وووسائل النقل والإتصالات من الأفضل عالميا.
كل عام والنجاحات العلمية في شتى الميادين الرياضية والفيزيائية والنووية والطبية والفضائية أميركية بامتياز..
كل عام والسينما الأميركية إبداع ما فوقه إبداع وسطوة لا مثيل لها وفن سابع يكاد يكون أبا للفنون كلها..
كل عام والتلفزيون الأميركي يبتعد أكثر فأكثر كالسينما؛ تنتشر مسلسلاته وبرامجه في كل العالم ويعاد تسجيلها في كل اللغات.
كل عام والصحافة الأميركية حرة..
كل عام وعرب أميركا بخير.. يحتفلون باستقلال بلادهم البعيدة ويعيشون إستقلال وحرية بلادهم الولايات المتحدة التي يحققون آمالهم وطموحاتهم فيها ويحسدهم باقي العرب الذين لم يتمكنوا بعد من الوصول إلى فردوسها..

لكن السياسة تختلف.. لكن السياسة لم تكن يوما قائمة على الشعب كرغبات وميول وإتجاهات وعواطف.. لكن السياسة الأميركية أيضا تصنع الإعجاز في كل العالم؛
كل عام والولايات المتحدة تعلن بالفم الملآن دعمها الكامل للصهيونية بمواجهة كائنا من كان من العرب حلفاء أو أعداء..
كل عام والولايات المتحدة تحتل دولا ذات سيادة واستقلال..
كل عام والولايات المتحدة تلفّق وتعلّب إتهامات جاهزة بالإرهاب وامتلاك أسلحة دمار شامل وتخصيب يورانيوم..
كل عام ومعتقل غوانتانامو قائم.
كل عام والولايات المتحدة تدعم التعصب والإنعزال والإنغلاق في كل دار وتصنع إرهابا ينقلب عليها مع أسامة بن لادن وصدام حسين..
كل عام والولايات المتحدة تبتلع ثروات الشعوب ولا تشبع أبدا..
كل عام والولايات المتحدة تتدخل في سياسات الدول داخلية وخارجية..
كل عام والولايات المتحدة تدعم العسكر للوصول في باكستان والملكيات العفنة للصمود في بلاد العرب وتدعم التوريث والتمديد لرئاسات وزعامات أنّت كراسيها كما شعوبها تحتها من السأم والألم.
كل عام والولايات المتحدة تقتل شعوبا في العراق وأفغانستان والصومال..
كل عام وأسلحة الولايات المتحدة تصنع الحروب على امتداد العالم وتجار السلاح أباطرة مال وسلطة تقتات فوق جثث الشعوب..
كل عام والولايات المتحدة تتحكم بالهيئات الدولية وقراراتها..
وكل عام وبوش رئيسها ورايس وزيرة خارجيتها وتشيني مخطط سياساتها..

ولا بد بعدها من العودة إلى الشعب الأميركي الحر في عيد إستقلاله.. الشعب الأميركي الذي أعرف فتاة تمثل حريته خير تمثيل.. تنسجم مع نفسها ولا تسمح لشيء في العالم بالإنتقاص من الحق الممنوح لها حرة كما ولدت..
كل عام وهي بخير وبلادها تنعم بالإستقلال والحرية كما تشتهي عسى بلادنا أيضا تنعم به يوما ما حين ترحل جيوش الولايات المتحدة وسياساتها عنا.. هذا إذا ما كنا فعلا نريد ذلك!!

عصام سحمراني
[email protected]
http://essam.maktoobblog.com/