لا تزال الساحة السياسية العراقية تطرح كثير من التكتلات والتحالفات الجديدة بأسماء ومسميات ما أنزل الله بها من سلطان وكأنها في تناسل مستمر،فالوجوه بأغلبها نفس الوجوه والتغيرات التي طرأت عليها شكلية حيث التغيير في العناوين وركوب الموجة الوطنية،بعد أن قرأ هؤلاء مزاج الشارع العراقي وتوجهاته الوطنية الرافضة لأي مساس بوحدة العراق وسيادته الأقليمية، لقد غَيًر هؤلاء من عناوينهم وخطابهم السياسي خاصة عندما أدركوا أن نجاح السيد المالكي في أنتخابات مجالس المحافظات السابقة حدثت عندما تبنى شعارات وطنية دغدغت مشاعر ووجدان العراقيين، لكن السؤال المطروح هل تغيير العناوين وحتى الخطاب السياسي لهذه الكتل والأحزاب والشخصيات كفيلة بتضليل الناخب العراقي لا سيما وأن لهذا الناخب تجربة مريرة مع هؤلاء. فخلال ست سنين لم يلاحظ هذا المواطن المستهدف بالتضليل الأعلامي الذي يمارس عليه من قبل حفنة متحكمة أي تغيير حقيقي على أرض الواقع فلا أمن ولا خدمات والفساد يضرب أطنابه في طول مؤسسات الدولة وعرضها وهو كالسرطان ينخر في جسد العراق ولا حلول لمكافحته أو الحد منه وأن كانت فهي خجولة ولا ترتقي الى مستوى الطموح وحتى التمنيات، أضافة الى زيادة الوعي السياسي لدى عموم الشعب علاوة على أن الشعب وقواه الخيرة بدأت تعرف جيدآ أن تلك النخب الحاكمة قد ميزت وعزلت نفسها عن باقي شرائح المجتمع العراقي وأصبحت طبقة برجوازية بأمتياز تنظر الى باقي العراقيين بنظرة أستعلائية، فالمنطقة الخضراء والتي تحتاج الى ما يشبه الفيزا ونظام الكفيل لدخولها ( تشرفت) بزيارتها مرات خلال فترة وجودي في بغداد تعج بهؤلاء البرجوازيين الجدد وحاشيتهم فلا كهرباء فيها تقطع ولا ماء يندر ولا أزبال تصبح تلالآ، رواتبهم عبارة عن أرقام فلكية، وأمتيازات خيالية في بلد يوجد فيه أكثر من مليون أرملة أغلبهن تعاني ظروف أقتصادية صعبة أضافة الى خمسة ملايين يتيم أكثرهم ترك مقاعد الدراسة بسبب العوز وتخلخل المنظومة القيمية للعائلة.


أما الآن وبعد ست سنوات من الوعود التي لم تنفذ فلا أعتقد بأن أندفاع العراقيين سوف يكون بنفس الوتيرة والزخم والحماس التي أندفعوا بها عام 2005 لأسباب كثيرة أهمها عدم تحقق أي من تلك الوعود التي أعطيت قبل الأنتخابات السابقة على أرض الواقع حيث ذهبت هذه الوعود أدراج الرياح أضافة الى أن الموجة الطائفية التي كانت سائدة في عام 2005 قد أنحسرت وحُجم خطرها نتيجة لشعور نسبة مهمة من العراقيين الذين أنجرفوا مع هذه الموجه بأن أستمرارها سوف يهدد وجود العراق كدولة.


لا يمكن أن يقبل العراقيون بعد الآن بنواب تتوزع ولاءاتهم على دول الجوار على حساب الولاء للعراق، ولا يمكن أن يقبل العراقي بنواب كل خمسة وثلاثون منهم يستلمون رواتب تعادل ميزانية محافظة،ولا يمكن القبول بنواب لم يحضروا أي جلسة من جلسات البرلمان وكأنهم أعلى مرتبة من مجلس النواب أو أن حضور جلسات البرلمان سوف يفقدهم بعض من شخصيتهم المزيفة (علاوي، الجعفري نموذجآ)، أما العنصر النسائي في مجلس النواب العراقي فهو من الكوارث حيث أغلب نائبات البرلمان جئنا عن طريق المحسوبية والواسطة وهن يفتقرن الى أبسط أساليب العمل السياسي والبرلماني وكأني ببعضهن تتصرف في البرلمان وكأنها لا زالت تعيش في حواري بيروت حيث الضجيج والصراخ والبعد عن أبسط قواعد اللياقة.


أن التغيير يجب أن يكون شعار المرحلة المقبلة بأمتياز فعلى الناخب العراقي تقع مسؤولية كبرى في الحفاظ على وحدة العراق وسلامته وفي تقدم العراق وأزدهاره وفي الحفاظ على أموال العراق والعراقيين ومنع المفسدين من تبديدها، على الناخب العراقي أن يعرف بأن الشجرة التي تزرع والشارع الذي يٌبلط والكهرباء التي لا تنقطع والماء الذي لا يتوقف،والأقتصاد الذي لا يتدهور،والمرأة التي لا تجبر على ممارسة الرذيلة، والطفل الذي لا يترك مقاعد الدراسة، والجو الذي لا يُلُوًث، والحدود التي لا تنتهك الى آخره من الأمور المهمة كلها بيد هذا الناخب فلا يمنح صوته لمن لا يستحق ولا ينخدع بالدعاية والهالة الأعلامية التي يروجها البعض لأنفسهم أو تروج لهم دول الجوار، صوت الناخب العراقي أمانه وهي الحصن الأخير للحفاظ على كل ما سبق ذكره من أمور.

حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]