تشكل قضية سبي النساء صدمة لكل شخص متدين يسعى الى الأقتراب أكثر من الله والإيمان بالعقائد والاحكام الدينية وفق معايير العقل وعدالة الله في في الكون والحياة وبين البشر، وامام الأسئلة الشائكة والقضايا المختلف حولها المثيرة للجدل.. لابد من أتباع منهج فصل الله عن الديانات كافة كي لانحمله مسؤولية عيوب ومشاكل وتقصير الأديان، ففي قضية سبي النساء التي مورست وذكرت في الكتاب المقدس للديانتين المسيحية واليهودية، وايضا في القرآن، يجب علينا قراءتها وفق معيار عدالة الله التي ترفض بشكل قاطع التعدي على كرامة الأنسان وسلبه حريته وظلمه، وبعد تثبيت هذه الحقيقة عندها يكون بمقدورنا التحرك براحة ضمير وأطمئنان للبحث عن أجوبة لهذا الموضوع الذي هو بالنسبة للمؤمن الذي يستعمل عقله ويؤمن بعدالة الله يشكل أحدى التحديات المفصلية في مسيرة إيمانه..
و سبي النساء اثناء الحروب وخطفهن عنوة، ومن ثم اغتصابهن حتى لو كن متزوجات رغما على ارادتهن، لم يقتصر على الاسلام فقط، وانما اليهودية والمسيحية ايضا شرعتا له في الكتاب المقدس، فقد جاء في سفر التثنية الأصحاح 20 و21 مايلي : (( وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف،وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك...
إذا خرجت لمحاربة أعدائك ودفعهم الرب إلهك إلى يدك، وسبيت منهم سبيا ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة، والتصقت بها واتخذتها لك زوجة فحين تدخلها إلى بيتك تحلق رأسها وتقلم أظفارها وتنزع ثياب سبيها عنها، وتقعد في بيتك وتبكي أباها وأمها شهرا من الزمان، ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها، فتكون لك زوجة )) لاحظ البشاعة في عدم الاكتفاء بالسبي وانما يتم حلق رأس المرأة المسبية إمعاناً في إذلالها وإهدار كرامتها وبعدها يتم أغتصابها... فهل تقبل عدالة الله هذه الجريمة؟
أما في الاسلام، فإن القرآن يتحدث في اكثر من موضع عن ملك اليمين على سبيل المثال : (( إنا أحللنا لك أزواجك اللائي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك / وانكحوا ماطاب لكم من النساء اللائي آتيت أجورهن مثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانكم )) وجميع رجال الدين فشلوا في تقديم إجابة مقنعة تستند الى العقل وعدالة الله في تبرير جريمة الأعتداء على المرأة البريئة التي ليس لها دخل في الحروب ولم تقاتل أحدا ً، ومع هذا تأخذ سبية يطلق عليها ملك يمين ويتم تحميلها مسؤولية حروب الرجل وطبعا عدد النساء اللائي يحق للرجل سبيهن وإستعبادهن مفتوح من غير أرقام محددة، بينما القرآن يقول (( ولاتزر وازرة وزر أخرى )) فلايجوز اخذ البريء بجريرة المذنب، هذا اذا كان هناك مذنب بالفعل، ولكن كيف الحال مع الشعوب التي كانت تُهاجم وتستعمر ويقتل رجالها وتسبى نسائها؟!
والسؤال وفق مقياس عدالة الله هو:
لماذا يتم تحميل المرأة البريئة مسؤولية حروب الرجل ويُعتدى عليها، وكيف ينسجم أمر قهرها وخطفها من داخل بيتها ومن بين أطفالها وزوجها واغتصابها رغما على ارادتها من دون عقد زواج... كيف تنسجم هذه الجريمة مع رحمة الله وعدالته؟
أشارة:
سبقني الى تناول هذه المقارنة بين الأديان أحد المواقع الذي نشر موضوعا بهذا الخصوص، ولكنه كان بأتجاه الدفاع عن سبي النساء وتبريره.
التعليقات