التطرف والمتطرفين موجودين في كل مجتمع وفي كل مدينة وشارع، ووجود متطرفين في بلد ما لا يسئ لهذه البلد.وأقصد بذلك التطرف الفكري الذي يترجم إلي أعمال عنف وإرهاب ضد الأخر. وقد تحدث أعمال عنف وأرهاب في بلد نتيجة لوجود هذا الفكر، وهذا أيضا لا يعيب البلد التي تحدث فيها هذه الأعمال،ولكن الذي يعيب البلد كنظام سياسي وإجتماعي هو كيفية معالجة الدولة لمثل هذه الاحداث والتدابير التي تأخذها الدولة من أجل منع تكرار مثل هذه الأحداث وفي حالة تكرار أعمال العنف ضد فئة معينة ومحددة من المجتمع ينشأ ما يعرف بالظاهرة وتقع المسئولية علي عاتق النظام الحاكم يشاركه المسئولية المجتمع ككل بكل طوائفة وفئاته ومؤسساته وأفراده وخصوصا مثقفي المجتمع. ومع التطور الرهيب في مجال الإتصالات وتحول العالم لقرية صغيرة، وتزايد حساسية المجتمع الدولي ضد هذه الأعمال، أصبحت أعمال العنف هذه من أكثر الأشياء التي تسئ للبلد تؤثر على مكانتها الدولية بل يمتد الأمر ليشمل التأثير علي إقتصاد البلد أيضا.


ولو عدنا قليلا لحادث قتل مروة الشربيني علي يد الماني من أصل روسي، وراجعنا كيف عالجت المانيا هذه الحادثة لوجدنا أنه بالرغم من أن مروة لم تكن مواطنة ألمانية بل ذهبت لألمانيا بعد حصول زوجها علي منحة دراسية وأكرر( منحة) من المانيا، إلا أن بعد وقوع الحادث تم الكشف عن كل تفاصيله وبكل شفافية، أنزعجت المانيا حكومة وشعب من جراء الحادث، خروج بيان من وزارة الخارجية الألمانية يستنكر ويشجب ويدين الحادث، قدوم مستشارة ألمانيا لمصر لتقديم إعتذار وعذاء للقيادة المصرية. صرف مبلغ 2و4 مليون يورو كتعويض لأسرة مروة الشربيني، متابعة الإعلام الألماني لأجراءات محاكمة القاتل خطوة بخطوة، هذا ما فعلته الحكومة الألمانية لمعالجة الجريمة البشعة التي حدثت علي أراضيها.


وفي عام 2006 وبمدينة الإسكندرية هاجم شخص مسلح بسكين كنيسة القديسين بسيدي بشر وأعتدي علي المصلين العزل وتسبب في قتل عمquot; نصحيquot; وجرح أخرين ثم إنتقل إلي كنيستين أخرتين وقام بجرح عدد من المصلين أيضا. بعد وقوع الحادث أعلنت الداخلية المصرية أن مرتكب الحادث quot;مجنونquot;، وراح الإعلام المصري يسوق التبريرات للمجرم احيانا يدعون أنه مريض نفسي واحيانا يدعون سماعة لهجوم علي الإسلام ورسول الإسلام من أحد الأقباط وراحوا يسوقون القصص والروايات، وقامت وزارة الخارجية المصرية بجهد جبار من أجل إقناع العالم أن الحادث حادث عابر وليس له علاقة بكون الجاني مسلم والمجني علية مسيحي، وأن مصر بخير ولا يوجد تفرقة في مصر بين مسلم ومسيحي، ولا توجد لدي مصر أي مشاكل طائفية علي الإطلاق، ثم انقطعت أخبار محاكمة المجرم ولا ندري أين هو ربما يكون اليوم حرا طليقا يمارس حياته بشكل طبيعي من خلال عرضنا لمعالجة كل من مصر والمانيا للحادثتين المتشابهتين، نستطيع أن نقول إنه من الصعب جدا تكرار حادث قتل مروة الشربيني في المانيا مرة أخري بل وفي أوربا كلها، أما معالجة مصر لحادث الإعتداء علي كنائس الإسكندرية كان أحد عوامل تكرار حادث المنوفية الأخير، عندما تسلح شخص بسكين ودخل على عم عبدة جورجي في متجره وطعنه بعدة طعنات أدت لإستشهاده ثم أنتقل بسلام من مدينة الباجور لقريتي بهناي وميت عفيف مستقلا دراجته البخارية دون أن يعترضه حتي عسكري شرطة مصري، وهو نفس السيناريو الذي تم بمدينة الإسكندرية سنة 2006، والأن الحادث يعالج بنفس الطريقة التي عولج بها الحادث الأول ليكون حادث الباجور عامل من عوامل إرتكاب جاني أخر لحادثة أخر متشابهة في كل مع أختلاف الأشخاص والمكان والزمان فقط وسيكون الجاني مسلم والمجني عليه مسيحي قبطي. حقا ما أصعب أن لا تشعر بالأمان في وطنك ما أصعب أن تشعر أنك غريب في وطنك ووطن أجدادك.